عبد اللطيف البوني

في جامعة المغتربين


في جامعة المغتربين
كنت من الذين يظنون أن قيام جامعة خاصة بالمغتربين أمر غير موفق لسبب بسيط وهو أن هؤلاء الطلاب كانوا أصلا بعيدين عن المجتمع السوداني نسبة و الجامعات السودانية العادية توفر لهم فرصة لمعرفة مجتمعهم السوداني ب(الفيه والمافيه) وبالتالي يصبح عزلهم في جامعة خاصة بهم وهم داخل السودان يفوت عليهم فرصة هذا(الاحتكاك) ولم تقنعني حجة أن هناك ظلم واقع على حملة الشهادة غير الثانوية السودانية، الجامعة الخاصة بهم ترفع عنهم هذا الضيم لأن هذه المشكلة يمكن حلها من خلال ماكنيزيمات سياسات القبول في الجامعات السودانية المتجددة.
في صباح خريفي كنت أستمع لراديو أم درمان ولبرنامج رائع تقدمه الرائعة روضة الحاج وكان ضيفه البروفسير العالم الجليل والنطاسي البارع أبو عائشة وهو مدير جامعة المغتربين الحالي لقد كانت حلقة فوق العادة لأن ضيفها رجل غير عادي طاف على كثير من المواضيع المستمدة من سيرته الذاتية ويا لها من سيرة ومر خطفا على جامعة المغتربين وقال إن طلابها تنقصهم المعرفة بالسودان لذلك ركزت الجامعة على الجرعة السوداناوية في منهجها المقرر )كلمة سوداناوية من الكاتب (واستطرد البروف قائلا :إنه كلف الدكتور محمد عبد الريح بهذه المهمة واقترح عليه أن يصحب هؤلاء الطلاب ويجوب بهم السودان لكي يتعرفوا عليه معرفة حقيقية ومن ساعتها) وقعت لي الجامعة في راسي( لاأن ما ذكره البروف أبو عائشة يدخل في باب التمييز الإيجابي وقد يأتي يوم يصبح حتى الذين نشؤوا في السودان وتلقوا تعليمهم العام به في حاجة لمنهج هذه الجامعة السوداناوي،
دخلت هذه الجامعة الفتية مرتين وكانتا بدعوة من هيئة خيرية مهتمة بالجودة في التعليم العالي مكونة من أساتذة سودانيين يعملون أعضاء هيئات تدريس في الجامعات السعودية وفي ورشتهم التي عقدوها في الأسبوع المنصرم كان موضوعها الدراسات العليا في الجامعات السودانية ما لها وماعليها، وقد هالتني كثافة الحضور من الأساتذة الجامعيين مما يشي بأن هذا الموضوع لامس قضية حيوية تؤرق القائمين على أمر التعليم العالي في السودان . ويكفي أن سمعة الجامعات السودانية أصبحت(ذي الزفت في الحتة دي) لدرجة أن المملكة العربية السعودية أصبحت لا تعترف بأي شهادة عليا (ماجستير، دكتوراة) من أي جامعة سودانية إلا جامعة الخرطوم . وحسب علمي أن دولة عربية أخرى لم تفرز أي جامعة سودانية في رفضها وهناك دولة ثالثة وضعت بعض الجامعات السودانية في القائمة السوداء .
لقد قدمت أوراق أو بالأحرى زفرات حرى في الجلسة وكانت المداخلات أكثر سخونة من الأوراق واتفق الجميع على أن هناك فوضى في الدراسة فوق الجامعية في السودان ترجع للظرف العام ولظروف الجامعات وللطلاب وللأساتذة تتخلص في شيء واحد وهو الفقر(الفلس) فحاجة الجامعات لما تجود به الدراسات العليا جعلها تخالف معايير الجودة وكذا الحال بالنسبة للعنصر البشري أساتذة وطلاب ولكن كان هناك إجماع على أن وزارة التعليم العالي بمساعدة الجامعات يمكنها أن تضبط الشغلانة ويمكن إنقاذ التعليم فوق الجامعي بدرجة معقولة فما لا يدرك كله لا يترك جله.

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]