تحقيقات وتقارير

القراصنة الصوماليون.. تحول نوعي


[ALIGN=JUSTIFY]يبدو ان ما يجبيه القراصنة الصوماليون الذين يهاجمون السفن التجارية التي تستخدم الممرات المائية المؤدية من آسيا والخليج الى البحر الاحمر عبر باب المندب من اموال من عمليات القرصنة أصبح يغريهم بالإستمرار والتوسع فيها، فحسب التقارير أن الفديات التي حصلوا عليها خلال العام 2008م بلغت ثلاثين مليون دولار حتى الآن، ويبدو ان محاولة كسب المزيد من المال والسطوة دفعت بهم اخيراً لإحتجاز ناقلة نفط سعودية ضخمة في بحر العرب على بعد 450 ميلاً بحرياً جنوب شرق مدينة ممباسا على السواحل الكينية والإتجاه بها نحو ميناء ايل الصومالي واعتبرت تلك حادثة غير مسبوقة كما ذكر الخبراء. وهو الإستهداف الثالث لناقلة نفط في ذات المنطقة.
وتزايدت شدة عمليات القرصنة قبالة شواطئ الصومال خلال العام الحالي مما أدى الى خسارة شركات الشحن لملايين الدولارات التي دفعتها كفدية للقراصنة اضافة الى رفع اجور التأمين وتهديد الامدادات الانسانية، واحتمال تدميرهم لحركة النقل البحري، وخلق ذلك الوضع ضغطا من أجل تحرك دولي لوقف القرصنة على السواحل الصومالية وبلغ أشده في أعقاب إستيلاء القراصنة على سفينة الأسلحة الاوكرانية (فينا) التي كانت تحمل دبابات وأسلحة، وقاد ذلك حلف الناتو للإتفاق على إرسال سفن حربية لمقاومة القرصنة هناك، ووافق وزراء دفاع الحلف في إجتماع بالمجر على إرسال قوة من سبع سفن إلى المنطقة، فيما اتفق الاتحاد الاوروبي على نشر قوة جوية وبحرية قبالة سواحل الصومال بغرض حماية الممرات البحرية جنوبي البحر الاحمر من هجمات القراصنة، واتفق وزراء خارجية الاتحاد على مشروع نشر القوة في اجتماع عقدوه بالعاصمة البلجيكية بروكسل. واتفق على ان تضم القوة اربع الى ست سفن حربية اضافة الى عدد من طائرات الرصد البحري، وتمنح القوة تفويضا اوليا لعام واحد، وعين الاتحاد الاوروبي نائب الادميرال البريطاني فيليب جونس قائدا للقوة المشتركة التي سيكون مقرها الدائم في نورثوود بانجلترا. فيما كان مجلس الامن الدولي قد اصدر في يونيو الماضي قرارا يسمح للسفن الحربية بمطاردة القراصنة في المياه الصومالية التي تعتبر الاخطر في العالم، مما اعتبر مؤشرا خطيرا وجديا في هذا الملف الذي يتسع يوما بعد آخر.
كما ان الهجمات المتكررة التي ينفذها القراصنة على حركة الملاحة البحرية في المنطقة دفعت عدة دول لإرسال سفن حربية للقيام بدوريات في السواحل الصومالية، ومرافقة السفن التجارية لحمايتها، ولم تنقطع التحذيرات من ان نشاط القراصنة هذا قد يجبر السفن على تغيير مسارها بالدوران حول افريقيا بدلا عن طريق قناة السويس، مما سيزيد من التكاليف على شركات الشحن، كما لم يخف الخبراء تخوفهم من تطور هذا النشاط إلى تحالفات مع جماعات إرهابية منظمة تؤدي إلى نتائج وخيمة، فيما زعمت تقارير ان الفديات التي يتحصلها القراصنة تستخدم لتمويل المسلحين الاسلاميين الذين يخوضون حربا ضد الحكومة الصومالية منذ العام الماضي.
وفيما ذكرت تقارير إن القراصنة الصوماليين هاجموا نحو (60) سفينة في خليج عدن والمحيط الهندي منذ بداية العام الحالي، قال المكتب الدولي للملاحة البحرية الذي يراقب عمليات القرصنة في العالم ان القراصنة نفذوا (92) هجوما قبالة الصومال هذا العام، وخطفوا (36) سفينة. وأن (14) سفينة ما زالت بحوزة القراصنة ويحتجزون أفراد أطقم عددهم (243) فردا، كما قال المكتب البحري الدولي ان (81) سفينة اجنبية على الاقل تعرضت لهجمات القراصنة في المحيط الهندي وخليج عدن وذلك ضعف العدد الذي سجل طوال العام الماضي.
وبحسب وكالات فإن الناقلة السعودية (سيريوس ستار) أو (نجمة الشعرى) تعتبر أكبر سفينة تتعرض لهجوم من جانب قراصنة في المنطقة حيث يبلغ طولها (330) مترا، ويعادل وزنها وزن ثلاث حاملات طائرات وتعتبر ثاني أكبر ست ناقلات نفط عملاقة تمتلكها الشركة البحرية العالمية وتحمل نحو مليونى برميل من النفط الخام بقيمة مائة مليون دولار وكانت محملة بالكامل، وهي مملوكة لشركة النفط السعودية الامريكية (ارامكو) وتحمل علم ليبيريا، ويتكون طاقمها من (25) بحارا من الجنسيات الكرواتية والبريطانية والفلبينية والبولندية والسعودية، وكانت في طريقها الى الولايات المتحدة عبر رأس الرجاء الصالح حينما وقع الهجوم.
والهجوم الذي وقع حديثاً رفع مؤشر الخطر إلى اعلى درجاته وبدأ يشير إلى تنامي قدرات القراصنة بل وطموحاتهم في مقابل عجز القوة البحرية الدولية عن وقفهم، وجعل أمريكا نفسها تعترف بخطورة الأمر واعتبرت البحرية الامريكية ان الحادثة تشير الى تغيير جوهري في تكتيك القراصنة حيث أن الموقع الذي جرت فيه الواقعة ليس من المواقع المعتادة لمهاجمة السفن، كما اعتبر الأدميرال مايك مولين رئيس هيئة الأركان المشتركة بالجيش الأمريكي أن القراصنة مدربون جيدا ليقوموا بمثل هذه العملية.
وكيفما كان الأمر فإن الثلاثين مليوناً من الدولارات التي تحصلها القراصنة ربما دفعت بهم للمزيد من العمليات الكبيرة خاصة وأنهم ربما يطالبون بنحو مليونين إلى أربعة ملايين دولار للإفراج عن الناقلة السعودية كما يرجح الخبراء، فإن حصلوا عليها ربما قادهم ذلك لمحاولات أكبر وأخطر، فهناك سفن ما زالت بحوزتهم تنتظر المزايدة عليها.!
اعداد: عوض جاد السيد:الراي العام [/ALIGN]