حوارات ولقاءات

الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي “يوسف حسين” في حوار يتجاوز (الخطوط الحمراء)


الحديث مع رجل بفكر وتنظيم “يوسف حسين” الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي السوداني يتعدى حدود كونك تحاور رجل سياسة عادياً، فهو يتميز بذهن حاضر وذاكرة متقدة تستدعي الحوادث متى ما رميت أمامه بسؤال حول واقعة محددة أو شخصية بعينها.. يبدو كثير الترتيب في إجاباته ودقيقاً إلى حد بعيد.. جلسنا إليه بمكتبه بالمركز العام للحزب بالخرطوم2.. كان مرحاً في بعض الأحيان وجاداً وحاداً في بعضها، وساخراً في أحايين أخرى، ولكنه رد على كل أسئلتنا رغم نظراته التي كانت تنبئ عن أنه يعترض على بعضها.. سألناه عن كثير مما يدور حالياً في مخيلة المتابعين للحزب، وتطرقنا معه إلى أزمة الفكر الاشتراكي والحوار الوطني، وعلاقة الحزب بالحركات المسلحة، وتحدثنا عن المؤتمر العام السادس.. ونجزم أننا قد خرجنا منه بالكثير والمفيد.. والجديد.

{ أين وصلت ترتيباتكم لانعقاد المؤتمر السادس للحزب؟
– التحضيرات جارية على قدم وساق.. يعنى ما جارية في ماراثون وهو جهد بشري إنساني ليس في دقة الساعة السويسرية ولا دقة الكمبيوتر حتى تأتي النتيجة مباشرة.. ده جهد إنساني بشري فيه تحضيرات واجتماعات و.. الخ.. المؤكد أن التحضير ماشي.. ضربة البداية للتحضير كانت اجتماع اللجنة المركزية في السنة الماضية التي تقرر فيها بدء التحضير للمؤتمر، فتكونت اللجان التي تحضر له.. وإذا نظرنا للتحضير لهذه الفترة نجد أن لجنة تحقيق البرنامج انتهت ورفعت تقريرها، بالإضافة إلى أن لجنتي إعداد التقرير السياسي العام وإعداد وتنقيح الدستور قد أوشكتا على الفراغ من عملهما، بجانب تحضيرات كثيرة جداً تمضي على قدم وساق، واكيد بعد ذلك أصبحنا على أن اللجنة التحضيرية هي التي ترفع تقارير اللجنة المركزية وتقترح بناء على إعداد التقارير موعداً أول لعقد المؤتمر، لأنه بدون إعداد التقارير فإن المؤتمر.. البعض يروج شائعات للتأثير السلبي على عضوية الحزب بأن المؤتمر لن يقوم ووجود صراعات حول القيادة وده كلو (لا مكان له من الإعراب) ولا وجود له، لكنه تشويش.. جهاز الأمن والمؤتمر الوطني يعاديان حتى النخاع الحزب الشيوعي ودي ما دايرة درس عصر.. وانعقاد تنظيم الحزب بالعاصمة القومية بنجاح خلال الأيام الماضية أكبر لطمة توجه لأعداء الحزب الذين يشككون في قيام المؤتمر العام وإنو فيه صراعات وغيره..
{ نرجع للمؤتمر الخامس الذي أقيم في ظروف بالغة التعقيد.. لقد تأثر الحزب بفقد كثير من قياداته الفكرية والتنظيمية لكن بالرغم من هذا قام المؤتمر؟
– حديثك صحيح في أن تغييب الموت لعدد من القيادات التاريخية فيهو تأثير سلبي على الحزب.. ومن أجل هذا فإن الحزب عاقد العزم على تعويض هذا الفقد ويعود إلى الأصول واللبنات التي وضعها قادة الحزب التاريخيين، ويجب أن يضع الحزب هذا نصب عينيه، وأن غيابهم يشكل عامل ضعف للحزب، لهذا طرحنا كيفية التعويض.
{ ما بين المؤتمر الرابع والخامس أكثر من أربعين عاماً.. تغييب المؤتمر لهذه المدة الطويلة وبقاء القيادة في مناصبها ألا تعترف معي أنه خطأ كان يستوجب محاسبة من تسببوا فيه؟
– الغياب كان نتيجة لظروف وملابسات معينة.. مثلاً كنا نحضر للمؤتمر الخامس في عام 1985م حتى 1989م وكانت فيه ظروف ملائمة للتحضير للمؤتمر، وفعلاً بدأنا ونفذنا مشروعاً للدستور وكانت فيه لجنة للبرامج وإلى آخره، والتحضيرات كانت ماضية ولكن ما قطع عليها الخط انقلاب 30 يونيو والانقسام الذي تم في الحزب…
{ (مقاطعة).. يعني إنتوا بتحضروا من 1958 وحتى 1989م؟
– حدث انقسام في الحزب في هذه الفترة وصراع داخلي وتآمر على الحزب بعد الانتفاضة، وطوالي طرحنا موضوع المؤتمر.
{ تلكأتم؟
– لا لم نتلكأ، لأنه تحضير لمدة (35) سنة وليس لعام أو اثنين.
{ إذن تعزو غياب المؤتمر كل هذه الفترة لعدم ملاءمة الظروف.. هل من المعقول أنكم طوال الأربعين عاماً لم تجدوا ظروفاً موائمة لعقد المؤتمر؟
– في المؤتمر الخامس التفتنا لهذا الأمر، واللجنة المركزية للحزب قدمت نقداً ذاتياً، وقالت إن وجود ظروف وملابسات حالت دون قيام المؤتمر.
{ دائماً ما تنادون بمبدأ المحاسبة.. فإذا قدمت اللجنة المركزية نقداً ذاتياً هل يسقط عنها مبدأ المحاسبة؟
– اللجنة حاسبها المؤتمر، واللجنة حاسبت نفسها وقدمت نقداً ذاتياً.. تاني ما عندنا أكتر من كده يعني مافي حاجة اسمها سجن.. وغيره.
{ هل ذروة المحاسبة هي نقد الذات فقط؟
– اللجنة انتقدت نفسها ذاتياً، والتبرير الذي قدمته يقبله العقل.
{ هل تعتقد أن رحيل عدد من القيادات أثر فكرياً؟
– نعم يؤثر، وأنا قلت هذا سابقاً.. ولكن وعي الحزب يجعله يتخذ من الترتيبات ما يحول دون تأثير غياب الكاريزمات على الحزب أو أن يكون التأثير عميقاً.
{ الحزب كان له دور قيادي في الحركة الجماهيرية وكان يقوم بالمبادرات ويحلل الأحداث ويسبق الجميع في هذا الأمر ولكنه الآن أصبح يتعامل بردود الفعل.. وأصبح متلقياً للأحداث أكثر من كونه صانعاً لها؟
– الحزب ملاحق ومطارد لفترات طويلة.. وما قلته الآن عن دور الحزب في السابق كانت الظروف مختلفة، لكن في ظل القمع والقهر والتصفيات الدموية والإحالة للصالح العام لا يمكن أن يستمر الحزب في نفس دوره إلا إذا كان (حاجة شيطانية).. في ظروف أضعفت الحزب مثلما أضعفت كل الأحزاب السياسية في البلد، لكن أول ما جاءت (نيفاشا) الحزب بدأ يستعيد قدراته وأخرج صحيفة (الميدان) لسان حاله، وأقام عدداً من الندوات في كل المدن، وفروعه بدأت تنتظم، وظهرت نتائج إيجابية، ويمكن تشييع “نقد” كان أبلغ دليل على أنه لدينا تأثير في المجتمع السوداني وتأثير بين الشباب.
{ الحزب الشيوعي يفتح باباً لمن يود الخروج منه.. لكن الداخلين إليه يكادون أن يكونوا غير موجودين وقد فقد قدرته على أن يكون جاذباً للقطاعات المهنية والفئات المستنيرة مثلما كان سابقاً؟
– يمكن جاذبيتنا غير مرتفعة، سياسية وفكرية وتنظيمية، لكن لا يمكن أن نقول إن هذه الحكاية فيها شمول، لأن الحزب الآن جاءته عضوية جديدة بأعداد كبيرة جداً.. الحزب ليس مغلقاً.. صحيح أن هناك من خرج من الحزب ولكن عضويته جديدة، ولا اتفق معك في هذا التقييم المتعسف بعض الشيء.
{ هل تعتقد أن الحزب لا يزال جاذباً؟
– نعم أعتقد ذلك.
{ والدليل؟
– الدليل أنه منفتح على الحياة السودانية بمناحيها كافة.. تجد أن كل العناصر المبرزة لديها ميول يسارية، إما في الحزب أو قريبة منه، في الفن والموسيقى والغناء والسياسة والنقابات.
{ إذن فإن الحزب رومانسي وليس واقعياً؟
– الرومانسية إذا ارتبطت بالواقع فإنها تأتي بنتائج إيجابية. لأنه إذا أردت أن تفعل أي شيء فيجب أن تضعه في خيالك أولاً وتحلم به في البداية ثم يتم تطبيقه.. بيقولوا ليك إذا بنيت قصور في الرمال لا تَشفَق لأنه يمكن أن تحولها إلى واقع حقيقي.. وكون ذلك صعباً لا يعني أن نتخلى عنه.. (إذا لديك منهج جدلي تطرح برنامج على ضوئه وتناضل إلى أن يتحقق بإقناع الناس ببرنامجك).. في النهاية نحن على ثقة أن الجماهير ستقتنع بخطنا وليس في المستقبل البعيد.. الآن هناك تحالف لقوى الإجماع الوطني يطرح ذات أطروحاتنا مثل تفكيك الشمولية واستعادة الديمقراطية والتحول الديمقراطي.
{ يقودنا هذا.. دائماً دعوات الحزب لا مكان لها في أرض الواقع.. مثلاً دائماً يدعو للانتفاضة الشعبية ويراهن على خروج الشارع والتغيير السلمي وواقع الأشياء ينبئ بغير ذلك.. كونها دعوات لا مكان لها في أرض الواقع؟
– يصعب أن تقول إنها فشلت بدليل أن الاحتجاجات الجماهيرية تتواصل وتتواصل.
{ ولكن ليس لديها تأثير ملموس؟
– ليس لديها تأثير.. هذا في منهجنا.. لا توجد أية حركة جماهيرية (تفعل تراكم) حتى تفتح المجال مستقبلاً لاحتجاجات أكبر وأوسع تشارك فيها جماهير غفيرة.. ده معتقدنا كده، عن طريق النضال الجماهيري الصبور ومراكمة العمل الثوري، خطوة وراء الثانية في النهاية نصل إلى هدفنا لتحقيق برنامجنا.. والليلة يمكن في إنحاء مختلفة من السودان نحن لا نؤذن في مالطة.. الناس بيناضلوا وملوا السلاح في الشرق ودارفور.
{ هل تؤيدون حمل السلاح لإسقاط الحكومة؟
– نحن تكتيكاتنا تختلف.. أنا قلت ليك بالنضال الجماهيري وبالإقناع والاقتناع، ونحاول نقنع حاملي السلاح بتكتيكنا حتى نوسع الحركة الجماهيرية والنضال السياسي الجماهيري.
{ إجابتك مبهمة وغير واضحة.. قلت لك هل تؤيدون حمل السلاح؟
– نحن لا نؤيد حمل السلاح، وحتى الذين يحملون السلاح نريد أن نقنعهم بالحل السياسي الجماهيري، وجاءت كمبالا، ونحن انتقدنا وثيقة (الفجر الجديد)، فيها الدمج بين الوسيلتين لتغيير النظام، وهما النضال السياسي الجماهيري والسلاح الثوري.. قلنا لازم نواصل الحوار السياسي حتى نقنعهم بالخط السياسي الجماهيري.
{ ورغم هذا وقع ممثلكم “صديق يوسف” الوثيقة وأنتم تخليتم عنه؟
– نحن لم نتخل عنه.. نحن الآن مثلما قلت لكم انتقدنا “صديق يوسف” ولكننا لم نتخل عنه.. كيف نتخلى عنه؟!
{ قلتم إنه يمثل قوى الإجماع الوطني؟
– فعلاً الوفد الذي ذهب يمثل تحالف الإجماع الوطني.
{ لكن “صديق يوسف” يمثل الحزب الشيوعي في الإجماع الوطني؟
– حصلت ملابسات في وفد التفاوض.. يعني بدل الناس تتمسك بالوفد المرسل انضم إليه عدد كبير من الناس من كينيا والصين، وناس مشوا من الخرطوم غير مفوضين، واختلط الحابل بالنابل.. عشان كده “صديق” عمل تقدير خاطئ ونحن انتقدناه.
{ الحكومة طرحت الحوار الوطني.. ورغم أن كثيراً من الناس يرون أن الحكومة ماضية في تهيئة الأجواء إلا أنكم تضعون شروطاً مستحيلة مثل تغيير النظام أو إقامة حكومة انتقالية وطنية ووضعتم أمام الحكومة شروطاً تعجيزية لإدارة الحوار؟
– نحن نظرنا للموضوع في إطار أن النظام آيل للسقوط واستفحلت أزماته.. والحكومة قد رفضت الاستجابة لدعوة الحوار التي طرحها تحالف المعارضة قبل نحو عامين لمناقشة أزمة الحكم حتى يصلوا لبرنامج التحول الديمقراطي وحل أزمة دارفور.. الآن النظام يلجأ لهذه الأطروحات للحوار مع المعارضة ووحدة الصف الوطني ومواجهة الأخطار، لكنه ليس جاداً في الحوار في كل المرات، وطرح هذه الدعوات هو فقط للاستهلاك المحلي، حتى تلك الدعوات نسمعها في الإذاعة ونقرأها في الجرائد، تمر فترة بسيطة وتنتهي.. اليوم في البلد جاءت ظروف جديدة، فهناك قوة داخلية وقوة خارجية ساعية لإنقاذ هذا النظام من السقوط، لأنه أصبح آيلاً للسقوط خوفاً على مصالحها وامتيازاتها، وهي تطرح أسلوب التغيير الناعم (زي ما بيقولوا الأمريكان) التفكيك السلمي للنظام.. القوى دي فيها قوي الإسلام السياسي، وفيها دول الغرب ساعية إلى أن يتغير النظام ولكن بصورة خفيفة وصورة شكلية لا تمس جوهره.. نحن بالنسبة للحوار قلنا أهلاً وسهلاً به ما عندنا (قشة مرة) لكن يجب أن تتوفر شروط الحوار.. يعني ما ممكن تعمل حوار طرشان.. عشان يكون في حوار كان يجب أن يكون هناك تحول ديمقراطي.. الليلة في البلد هامش الحريات يضيق، مثلاً صحيفة (الميدان) الناطقة باسم الحزب الآن متوقفة عن الصدور، والندوات في الأماكن العامة ممنوعة، والشعب يشارك في الحوار كيف؟؟ حتى الوقفات الاحتجاجية تُمنع مثل الوقفة التي كانت في منزل الزعيم “الأزهري”.. الحروب دائرة.. لا يمكن أن نقول الجو مناسب للحوار عشان كده نحن بنقول في مستلزمات عشان الناس تدخل في الحوار.. الحكومة هي التي ترفض الحوار.. حتى من تم إطلاق سراحهم من المعتقلين.. المعتقلون لم يتم إطلاق سراحهم، بل تم إطلاق ستة من الذين كانوا في (كوبر) من قوى الإجماع الوطني لكن بقية المعتقلين في نيالا وكادوقلى والأبيض لم يُطلق سراحهم، وسياسة الاعتقال التعسفي موجودة.. نحن ندعو في إطار ترقيع النظام.. المساعي جارية ليكون هناك تغيير شكلي.. قوى الإسلام السياسي ضاغطة في هذا الاتجاه ونحن نرى أن هذا أيضاً لا يأتي بنتيجة رغم هذه الضغوط.. ناس المؤتمر الوطني لم يستجيبوا لهذه الدعوات للحوار مع القوى الوطنية، وتم إبعاد الشباب ومنهم “غازي صلاح الدين” في رفض لأطروحاتهم.
{ لماذا لا تطالبون بتوسيع هامش الحريات بدلاً عن المطلوبات التي يعتقد الناس أنها تعجيزية؟
– نحن نخاطب عقل الجماهير السودانية.. الحرب دائرة في جنوب كردفان والنيل الأزرق وبيقولوا حوار.. كيف يكون في حوار؟ الحوار عندو قوانينو وتوابعو ومافي أي مجال للعمل الجماهيري، ومع ذلك نحن طرحنا توسيع هامش الحريات.
{ ظللتم تطالبون بالتحول الديمقراطي.. هل تعتقد أنكم مستعدون لتلك المرحلة.. بمعنى هل لديكم من السند الجماهيري والقدرة التنظيمية على مقابلة استحقاقات مرحلة التحول الديمقرطي؟
– الحزب على استعداد كامل لخوض المرحلة الانتخابية.
{ ولكن الانتخابات عايزة قواعد.. هل تملكونها؟
– احترم رأيك.. ولكن اعتقد أنك تريد أن تعمل معي حوار صحفي.. أنا قلت ليك الحزب على أتم الاستعداد، ولكن الانتخابات عندها لوازمها مثلها مثل الحوار، لا يمكن أن تدخل انتخابات وضرب هامش الحريات ولا يوجد تحول ديمقراطي.. دي بتكون انتخابات مزورة مثل انتخابات 2010م.
{ إذن هل أنتم مستعدون للانتخابات؟
– إذا جاءت انتخابات في ظروف مواتية.. ونحن خضنا أول انتخابات في السودان وحققنا فيها فوزاً كاسحاً جداً، وأحرزنا أصواتاً كثيرة جداً.
{ ولكن الظروف الآن تغيرت كثيراً؟
– نحن مستعدون لخوض انتخابات في أجواء حرة ونزيهة.
{ هل من الممكن أن نقول إن هناك محاولات لتوحيد قوى اليسار أسوة بنظريتها الإسلامية؟
– توحيد قوى اليسار مقولة عزيزة على قلوب وعقول اليساريين، ولكننا نرى حالياً أن القوى الوطنية الديمقراطية في السودان هي التي تتحالف تحالفاً واسعاً مثل تحالف قوى الإجماع الوطني.. المهام الآنية تتطلب أوسع تحالف من كل القوى التي ترفع راية الديمقراطية وتحالف اليسار ليس هو الأسبقية في الساحة السياسية السودانية؟
{ في حوار سابق قال سكرتير الحزب “الخطيب” إن الوضع (لافظ) لإدارة حوار وطني.. هل تعتقد أنه من الممكن أن تستجيب لمطالب قوى الإجماع الوطني؟
– في الواقع ده المخرج السياسي الوحيد إذا أعلوا صوت العقل ومصلحة البلد.. الحكومة هي الرافضة لأنها تدعو للحوار ولا تهيئ الوضع للحوار مثل النحو الذي ذكرته.. المسؤولية كاملة وغير منقوصة في الحكومة.
{ هل للحزب قواعد في الولايات والهامش قادرة على إحداث الفرق سواء أكان على مستوى المؤتمر العام للحزب القادم أو على تأثيرها على الانتخابات؟
– الحزب مثل أي حزب في السودان.. خطنا هو النضال السياسي الجماهيري.. ونحن قلنا نناضل في إطار الدستور ونؤمن بالتداول الديمقراطي للسلطة، ونعمل بين الجماهير حتى نحقق خطنا.. الحزب الآن رقم في الساحة السياسية السودانية، وسنصارع في كل السودان.
{ مع الهجمة الكبيرة للعولمة وسطوة القوى الرأسمالية في العالم ككل.. هل من الممكن أن نقول إنه حدث تقهقر للفكر الرأسمالي أو الماركسي وانتهت الأحلام بالاشتراكية؟
– انهيار المعسكر الاشتراكي ترتب عليه ضعف لحركة الاشتراكية والعمالية في العالم، وكان بيرجح ميزان الصراع لمصلحة القوى الثورية في العالم، لكن الناس من جديد يعيدون حساباتهم حتى يبنوا من جديد، ولم يرفعوا الراية البيضاء، وقالوا حدثت أخطاء، وبحثوا في الكيفية التي يتم بها تصحيحها حتى تستعيد قوتها.. لكن المبشر أن الصراعات الطبقية حتى في العالم الرأسمالي لم تتوقف، مثلاً في فرنسا وإنجلترا وأنحاء متفرقة في العالم قوى الصراع الطبقي تعمل بقوة ومستمرة، حتى في انتصارات برلمانية في أنحاء متفرقة في العالم الرأسمالي، في قبرص مثلاً وفرنسا وفي أنحاء أخرى.. أزمة الرأسمالية ذاتها تأخذ أشكالاً مختلفة مثل حركة (متحدون من أجل التغيير)، ومثل الأزمة الرأسمالية العالمية، وتحركات جماهيرية واسعة جداً في اليونان والبرتغال.. الصراع مدور، وطالما الصراع مدور نحن ليس لدينا إحباط أو تراجع.
{ تطور النظام الرأسمالي لا يتبعه تطور مماثل في الاشتراكية سواء أكان على مستوى الاتصال مع الجماهير أو على مستوى إنتاج أفكار موائمة للعصر.. هل تعتقد أن هناك أزمة فكر اشتراكي على المستوى الأممي أو المحلي؟
– الحركة لم تتوقف في عالمنا الأفريقي والعربي، وفي الفترة الأخيرة اندلعت أعمال جماهيرية كبيرة جداً غيرت الأنظمة الموجودة في ليبيا وتونس ومصر، والصراع دائر في سوريا واليمن.. في إطار هذه الثورات اليسار كان عنده دور وفازوا فيه.
{ آخر حاجة.. أريدك أن ترد على مقولة (إن الحزب الشيوعي مات وشبع موت)؟
– نحن نستهدف تغييراً شاملاً.. عشان كده القوى التي لديها مصالح شخصية تحاربنا.. وده شيء طبيعي.. والرسول “صلى الله عليه وسلم” وجد محاربة شديدة جداً.. كل من يحاول إحداث تغيير في المجتمع فإنه يُحارب بقوة.. الحرب بدأت منذ زمن الاستعمار، زمن النشاط الهدام والمنظمات غير المشروعة ودعاية بيتزوجوا أخواتهم.. الهجوم علينا مستعر، ونحن شغالين تحت وابل من الرصاص المعادي وده شىء طبيعي لا نستغربه.
{ ألا تعتقد أن اسم الحزب الشيوعي ارتبط عن السودانيين المتدينيين فطرياً بالإلحاد؟
– ده جزء من الحملة المعادية لنا، والإسلام السياسي هو ما يلجأ إلى تأجيج هذه الحرب ضدنا.. نحن لدينا برنامجنا وقلنا نحن لسنا ملحدين ولسنا ضد الدين، نحن كحزب سياسي لدينا برنامج ونقبل الناس على أساس هذا البرنامج.. لسنا مثل المؤتمر الشعبي أو حزب النهضة في تونس.. نحن نرى إبعاد الدين عن الصراع السياسي، لأن الدين عندما يدخل في الصراع السياسي يتعرض لتشويه.. يمكن منذ زمن، مملكة سنار عامة الناس كانوا ينتقدون الوقوف على أبواب السلاطين، نحن نرى المقاصد الكلية للأديان ويخدمها برنامجنا، إنو الناس يعيشوا حياتهم بحرية ويعود إليهم حقهم، ولكن القوى الرجعية المعادية معادية للتطور.

حوار- محمد إبراهيم الحاج
صحيفة المجهر السياسي