نادية عثمان مختار

( الذئبة الحمراء) نهشت جسد (آية) !!


( الذئبة الحمراء) نهشت جسد (آية) !!
مازلت أتذكر يوم (سمايتها) كانت طفلة رائعة الجمال، فرح بها والدها أيما فرح، خاصة وأنه (وحيد) والديه فجاءت ابنته من صلبه لتكون له أختا ولجدها وجدتها حفيدة وبنتا تمنونها وجاءتهم بالفرح وجاءت بعدها أختاها ليشكلوا ثلاثيةً بديعة من الجمال وخفة الدم والذكاء الوقاد، فصارت الفتيات الثلاث محط أنظار العائلة ومحل اهتمام الجميع !
أتذكر يوم مولدها ووالدها (محمد) يحملها بين ذراعيه ويبشرّ والديه بأن أنجب لهم بنتا حلوة فأسموها (آية) وكانت آية من جمال أبدع فيه الخالق العظيم!
تمر السنوات و(آية) تكبر وتدخل المدرسة وتنجح في كل مرحلة تخطوها ولاغرو، فهي النبيهة من يومها والشديدة الذكاء وسط قريناتها !
ولكن لم تمهل (العافية) الطفلة طويلا إذ داهمتها في يوم من الأيام (ذئبة حمراء) تسللت إلى فراشها وهي نائمة كما الملائكة وبخبث شديد تسربت لجسدها عبر وريدها وبدأت في شفط دمها ومهاجمة خلاياها في هدوء!!
استيقظت وهي تشعر ببعض الإعياء وتشتم رائحة (مخلوق) غريب في ثنايا أوردتها ولكنها لا تدري ما هو ذلك الشيء الذي بدأ يتمكن من الجسد المليء بالحيوية والنشاط فيحيله لجسد (خامل) ومرهق !!
سارعت والدتها (أحلام) للطبيب تشكو له ما تعانيه طفلتها من إعياء، وبدأت فصول المأساة حيث قال الطبيب: إنها مصابة بالتهاب في الدم، وأعطاها العلاج، ولكن ( الذئبة الحمراء) الماكرة كانت بالمرصاد تمرح داخل جسدها الذي بدأ في النحول وتقفز من وريد، لصمام، لعضلة القلب، للكُلى؛ والصغيرة تعاني ولا تعرف ما الذي يخرّب تفاصيل جسدها من الداخل !!
سنوات خمس مرت و آية تصر على الحياة وتذهب إلى مدرستها وتحرز الدرجات الكبيرة وتتفوق على زميلاتها بجدارة، رغم الغياب المتكرر عن فصول الدراسة!!
مرت السنوات وأصبحت ( آية) تبلغ من العمر ستة عشر ربيعا، ووالداها يجففان الدموع سرا ويدعان الإله جهرا، لتشفى ابنتهما وتمرح مع شقيقتيها (مها وهبة) كما عودتهم؛ ولكن شدة المرض ووطأته أكبر من احتمالها، و (الذئبة) لا تهدأ إلا أن أتى يوم ارتمت فيه الجميلة آية غير قادرة على الحراك ودخلت في غيبوبة كاملة، حيث توقف القلب وعاد للعمل بمساعدة الأجهزة التي ملأت جسدها بغرفة العناية المركزة التي دخلتها ومكثت بداخلها ستة أيام، لتخرج بعدها دون أن تفتح عينيها في وجه أمها ( أحلام) التي ظلت تناديها (آية.. آية) والجميلة لا تجب على نداءات أمها المفجوعة!
خرجت (آية) و كانت ( الذئبة الحمراء) سببا في خروج روحها الطاهرة من جسدها النحيل !
ذهبت إلى رب رحيم بعد معاناة خمس سنوات مع المرض احتملتها الصغيرة بصبر كصبر أيوب !!
رحلت عن دنيانا الحبيبة (آية) لتخلف وراءها ذكرى عاطرة ودموع لن تجف على فراقها المرير بطعم العلقم!!
ليس أصعب على المرء من أن يرى (طفلته) تموت بين يديه ببطء ولا يستطع الطب أن يقدم لها شيئا؛ فذاك المرض العضال (الذئبة الحمراء) كما قرأت عنه مرض لا يمكن الشفاء منه (إلا بإرادة رب العالمين) وفي حالة آية احتل المرض كل أعضائها ولم تتركها ( الذئبة) إلا بعد ما نهشت روح البراءة في عيونها الجميلة !!
آية يا سادتي (ابنة أخي) ماتت قبل ثلاثة أيام بما يسمى مرض (الذئبة الحمراء) فأدعو الله تعالى لجدها (حسن) وحبوبتها (أم الحسن) وشقيقاتها الصغيرات (مها وهبة) ووالديها (محمد وأحلام) ولأهلها أجمعين بأن يصبر قلوبهم ويجعلها شفيعة والديها يوم لا ظل إلا ظله..!
و
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!

نادية عثمان مختار
مفاهيم – صحيفة الأخبار
[email]nadiaosman2000@hotmail.com[/email]


تعليق واحد

  1. انشاء الله البركة فيكم يا استاذة وربنايصبركم على مصيبتكم وانا لله وانا اليه راجعون ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. تاثرت لنهايتها فمابال والدتها! احسن الله عزاءكم والهم اهلها الصبر والسلوان انا لله وانا اليه راجعون. هكذا حال الدنيا استاذة نادية كل من عليها فان ويبقي وجه ربك ذو الجلال والاكرام.

  3. انا لله وانا اليه راجعون …اللهم تقبلها قبولا حسنا وانزلها منزلا خيرا من منزلها وابدلها اهلا خيرا من اهلها…واعف عنها وتوفها مع الابرار