نادية عثمان مختار

حدائق ( حبيبي مفلّس) هل تصبح مزاراً للمرطبين ؟!!


حدائق ( حبيبي مفلّس) هل تصبح مزاراً للمرطبين ؟!!
كلما شاهدت بعض العمال يفلحون الأرض في عز الهجير لتشجير مساحة في الهواء الطلق بمحاذاة النيل، أو شوارع ( الزلط) في العاصمة وتلوينها بالأشكال المختلفة للزهور الجميلة بكل أسمائها، أشعر بأن الهواء النقي ينسرب إلى رئتي، ويجلو صدري من بعض عوادم السيارات، ويريح البصر من مناظر القحل والأرض (الغبشة) وأبدأ في الدعاء بأن اللهم اجعل بلادنا خضراء بأشجارها، وبمبية وحمراء وبنفسجية بزهورها البرية والمحلية والمستوردة !!
المنظر الذي يبعث الراحة والطمأنينة والفرحة أكثر في نفسي دوماً، كان ومازال هو منظر الأسر والعائلات بأطفالهم، يمرحون داخل هذه الحدائق والمتنزهات
( المجانية) دون مضايقة من أحد، وحتى الباعة الجائلين تراهم يسترزقون وهم يبيعون بضاعتهم البسيطة للناس بأسعار مناسبة، كما أن (ستات الشاي) بوجوههن البشوشة والمبتسمة تجدهن فرحات بما ساقه الله إليهن من رزق حلال في تلك الحدائق العامة بروادها الدائمين والوافدين !
مناظر الحدائق المفتوحة والمجانية المأهولة بالبسطاء دون ( قرش ولا تعريفة) رأيتها تتقلص في كل يوم، وأنا أرى (ناس الحكومة) وقد ضربوا سياجاً حولها واحدة تلو الأخرى ، ليغلقوا باب (المجاني) في وجوه الناس، وقد اندثرت تلك الحدائق التي سماها العامة بـ (حبيبي مفلس) نسبة إلى (فلس) مرتاديها، إلا من بعض الجنيهات التي يستطيع المرء أن يشتري بها (تسالي وفول حاجات) لأطفاله أو زوجته أو حبيبته!
وشئياً فشيئاً لم يعد (للحبّيبة) المفلسين مكاناً في الحدائق العامة، ولم تعد الأسر تستطع ارتياد تلك المتنزهات إلا (بالقروش) والحد الأدنى لدخول الفرد الواحد جنيه، حتى الأطفال دخولهم في كثير من هذه الحدائق ليس معفياً من الرسوم !
وبهذا الواحد جنيه تحولت حدائق الأحبة المفلسين لحدائق السادة المرطبين الذين يمتلكون أكثر من خمسة جنيهات للدخول والشاي وحق (الهايس برة) للعودة الى المنازل !!
المكان الوحيد المتكدس بالأمة السودانية ولم تفرض عليه الحكومة (جبايات) بعد هو شارع النيل، ولكنه لم يسلم من الدفع المقدم أيضا حيث أن الجلوس هناك بقروش لا تفرضها الحكومة، ولكن تُدفع لـ (ستات الشاي) اللاتي فرشن حصائرهن على النجيلة وبالطبع ممنوع الجلوس إلا إذا كنت ستشرب كوباً من الشاي، وسعر كوب الشاي (أبو لبن) جنيهان ونصف الجنيه بدون (لقيمات)!
ويبقى السؤال هو لماذا تقوم الولاية بإغلاق المتنزهات في وجوه الناس وتجعل لكل شيئ ثمناً حتى الهواء فلو وجدت الحكومة طريقة لعبأته في أكياس النايلون ولباعته للناس سعر(الشهقة) بجنيه و(الزفرة) بجنيهين!!
مناشدة وطلب لناس الولاية بأن أكثروا من التشجير، وقللوا من التسوير، أنشروا الورود وامنعوا النقود، واتركوا الناس تمرح بدون حساب، وتتنفس الهواء النقي مع أطفالهم دون مضايقة ورسوم، فالناس حقاً (ماناقصة) والفيهم مكفيهم
و
شوف جناين الشاطيء !!

نادية عثمان مختار
مفاهيم – صحيفة الأخبار
[email]nadiaosman2000@hotmail.com[/email]