تحقيقات وتقارير

عن حادثة بوش ومنتظر الزيدي :عنــدما يواجـه القـــــهربـ «الجزمة»


[ALIGN=JUSTIFY]حكم مثير ووداعاً كان أكثر إثارة في الرئاسة الأمريكية، هكذا كان حظ الرئيس الأمركي جورج دبليو بوش، وهو يهم بوداع أنيق من مضيفه الرئيس العراقي نورى المالكى، ولكن بدلاً من قبلات الوداع التى إعتادت كاميرات المصورين إلتقاطها، فإذا بالصحفي منتظر الزيدي يرسم أسواء وداع لرئيس اعظم دولة، فبدلاً من القبلات كانت أحذية الصحفي تنهال على رأسه، وتغيرت عبارات الوداع الى وصفه بـ»الكلب». الحادثة دخلت الموسوعات التاريخية في سجلات معاملة الرؤوساء الأمريكيين، ولكن آخرين اشاروا الى انها نتيجة منطقية لعنف غير منطقي ساد العراق بسبب سياسة إدارة بوش.
منتصف ستينات القرن الماضي، عصر النجوم اللامعة كما اطلق عليه حيث تغيرت قيم كل شئ ففي السياسة الدولية ظهر جون كيندي، خلفا لبطل الحرب العالمية الثانية فرانكلين ديلانو روزفلت، بجانب نجمة هوليوود الساخنة مارلين مونرو صاحبة اجمل وجه في القرن العشرين في مجال الاغراء، وحتى التمرد تشكل على ملامح الثائر الاممي ارنتسوتشي جيفارا، صاحب نظرية «الثورة المطلقة « بالاضافة الى موسيقى الجاز والروك اند رول والخنافس وجماعات الهيبز وغيرها، في تلك الاجواء المترعة بالنجوم ، خلع نيكيتا خروتشوف زعيم الاتحاد السوفيتي العظيم كما كان يحلو للبعض تسميته وقتها حذاءه ليضرب به على المنضدة متوعدا الغرب اثناء مخاطبته الجمعية العامة للامم المتحدة، في حركة درامية قاسية شدت انتباه العالم، تلك الحادثة التي وظفتها سلسلة فنادق امريكية لاحقا ضمن حملة اعلانية اطلقت عليها» الفعل المناسب في المكان المناسب» بمعنى ان تأتي اليهم لتخلع نعليك بسهولة، وشكل مريح، ودون ضجيج، لأن علماء النفس يشيرون الى أن اول مايتبادر الى الشخص المتعب او المجهد خلع نعاله .
هذا ماكان من شأن الرفيق خروتشوف الذي رفع يده مع الرفاق داخل اجتماع للحزب الشيوعي طالبوا فيه بتنحيته وبرر فعلته تلك لاحقا « بأنه تعب من رفاق لايفهمون ولا يريدون ذلك «، أما حادثة الرئيس الامريكي المنتهية ولايته في غضون اسابيع قليلة يبدو أنه دخل التاريخ من اوسع ابوابه بعد ان رجع العراق كما يقولون « بخفي منتظر»، وقطعا أن الشامتين او الكارهين لسياسة الرجل الخارجية في العالم عامة، ومنطقة الشرق الاوسط على وجه الخصوص تلقوا الحادثة بشئ من الغبطة لجهة أن الاخير لا يستحق سوى أن يضرب بالنعال جزاء سياسته الرعناء، لكن البعض الآخر يعتبر أن المسألة دليل عافية و»ثمن الحرية « او» محاولة لجلب الانتباه «، على حد تعبير بوش نفسه، ويدللون أن الحادثة لو وقعت لاي حاكم عربي، فإن الضريبة الوحيدة التي تدفع هي الموت وبأبشع طريقة، ناهيك عن بيانات الشجب والتأييد ومسيرات حاشدة للتهنئة بسلامة الرئيس الملهم (حفظه الله ) بالاضافة الى احاديث رسمية تكشف عن تفاصيل مؤامرة صهيونية امبريالية حاقدة لقلب نظام الحكم وزعزعة الامن والاستقرار ومحاولة بائسة لاغتيال القائد المفدى، غير أن فريقا ثالثا يشير الى أن العملية خلل أمني خطير خصوصا أنها وجهت لرجل يفترض أن يكون تحت حماية اقوى اجهزة الامن على وجه الكرة الارضية، فطاقم الحراسة الأمنى يفترض – نظريا على الاقل – أن لايسمح ولايتسامح لبعوض أن تخترق السياج المضروب فما بالك بزوج احذية الواحدة تلو الاخرى مع فم لا يتوقف عن اطلاق الشتائم.
صحيفة الـ»غارديان» البريطانية قالت إن زيارة بوش المفاجئة لبغداد، التي أحيطت بسرية كبيرة كانت تستهدف تقديم الشكر لقوات بلاده والتبشير باتفاقية أمنية جديدة مع العراقيين، كانت ستمر مرورا عاديا لولا إقدام صحفي عراقي على قذف الرئيس بزوج حذاء ونعته بـ»الكلب».
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست « الامريكية الواسعة الانتشار قول الصحفي العراقي منتظر الزيدي الذي أقدم على هذا الفعل «هذه قبلة وداع» ثم بدأ يصرخ «كلب، كلب» في حين كانت قوات الأمن العراقية تلقي القبض عليه وتضربه قبل أن تبعده عن القاعة التي كان الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يجريان فيها مؤتمرا صحفيا مشتركا.
وترى استاذة علم نفس باحدى الجامعات السودانية اشترطت حجب هويتها أن استخدام الرئيس بوش لمفردة «لفت انتباه « كانت بمثابة محاولة لتبرير ماحدث فالرجل الذي يمثل زعيم أقوى دولة في العالم لابد أن يبحث عن مبرر عندما يضرب بـ»الجزمة» وذكرت أن الشخص اذا استعاد المشهد بالبطئ سيجد أن الانفعال الذي ظهرعلى وجه بوش كان يتغير في كل ثانية، ومضت تقول لـ»الصحافة» أمس أن عملية تحليل الموقف تشير الى أن الرجل احس بالاهانة الشديدة عندما القى نظرة على الجسم المقذوف الذي قام بتفاديه (فردة جزمة) اما ردة الفعل الثانية فقطعا كانت الشعور بالامتعاض لكنه مالبث أن استجمع مفردات اللغة داخل دماغه قبل أن يتلفظ بما ساق من الفاظ، وتذهب استاذة علم النفس الى تحليل محتوى الموقف وردة الفعل وتؤكد أن بوش يتميز بالثبات وعدم السطحية وأن اشارته الى ماحدث بانه (ثمن الحرية) الا دليل على استعداده الكامل لدفع الثمن حتى لوكان هذا الثمن المطلوب الاهانة .
اما عن تحليل الجانب الآخر الصحفي العراقي منتظر الزيدي فواضح أن الدافع الشخصي اوالثأر كان الدافع الاساسي وراء محاولة ايذاء بوش بزوج حذائه، وتضيف ماحدث استثنائي باعتبار أن المذكور صحفي سلاحه القلم وبه كان باستطاعته وصف خصمه باسوأ الصفات دون رقيب اوحسيب، لكن أن يسعى ليكون مندوب قناة البغدادية التي ينتمي اليها فيؤكد وجود تخطيط مسبق لاسترداد جزء من كرامته المفقودة، فالاخير تعرض لتجربة اختطاف لفترة قبل ان يطلق سراحه فماذا حدث له اثناء اختطافه؟ حادثة ربما تصبح مجالا خصبا لتفسير ما جرى لبوش على يدي منتظر الزيدي.
وتؤكد استاذة علم النفس أن الحادثة دراما كبرى سترافق بوش في اواخر عهده لاسيما وأن الزيارة كانت للاحتفال بالنصر لذا فإن العبارات التي استخدمها بوش حاول أن يقول إن الشعب العراقي ليس كذا.
خالد فتحي :الصحافة
[/ALIGN]