الطاهر ساتي

قضية المستشار .. والمسار الصحيح


[JUSTIFY]
قضية المستشار .. والمسار الصحيح

** ممتاز،أخيرا سارت قضية مدير الإدارة القانونية بولاية الخرطوم – المسماة إعلاميا بقضية المستشار مدحت – في مسارها الطبيعي، وهذا المسار الذي يتسق مع العدل والعقل هو ما طالبنا به منذ يوم نشر القضية قبل شهر ونيف، ولقد أحسن وزير العدل عملا حين التمس رئيس القضاء لتشكيل لجنة تحقيق قضائية للتقصي والتحقيق، وشكرا لمولانا جلال الدين محمد عثمان- رئيس القضاء – لاستجابته للالتماس وتشكيله اللجنة القضائية، ما حدث أخيرا يؤكد أننا لم نكن نطلب مستحيلا أو ما يخالف القانون حين ناشدنا رئاسة الجمهورية ووزير العدل برفع مستوى لجنة التحقيق إلى حيث مستوى القضية وأطرافها، بل المناشدة بترفيع مستوى لجنة التحقيق خير دليل على احترامنا للقانون وحرصنا على العدالة، ولذلك يجدد هذا المسار القضائي ثقتنا في طرائق طرحنا لقضايا الناس والبلد، ومع الإيمان بأن الفيصل فيما نختلف فيه هو (القانون فقط لا غير).
** وبالتأكيد لم تسقط من ذاكرة الناس تلك اللجنة التي شكلتها وزارة العدل برئاسة المستشار محمد فريد وعضوية آخرين، ومع التقدير للكل، أبدينا تحفظنا على تلك اللجنة، وأشرنا إلى حزمة ملاحظات منها أن رئيس اللجنة محمد فريد – وكذلك الأعضاء – أقل درجة وظيفية من مدير الإدارة القانونية بولاية الخرطوم، أي ليس من العدل أن يحقق المرؤوس مع رئيسه، ولا ندري سر ذاك التشكيل الغريب، وليس مهما أن ندري، فالمهم أنها لم تعد تتقصى ولا تحقق في الأمر، وإن كانت لها نشاط تبقي به في ذاكرة الصحف وقرائها فهو ابتداعها بدعة حظر النشر في هذه القضية، نعم القرار الأول للجنة محمد فريد كان قرار حظر النشر، ولكن الصحف بوعيها كسرت القرار وخاطبت تلك اللجنة بلسان حال قائل: (عفوا، قرار الحظر يجب أن يكون نيابيا أو قضائيا، ولجان التحقيق لا تملك سلطة إصدار مثل هذا القرار)، ولم تبد لجنة محمد فريد أي رد فعل تجاه رد فعل الصحف، بل التزمت الصمت، وكان هذا بمثابة درس للجميع، أي لكل سلطة حدود يجب ألا تتجاوزها بحيث تعتدى على سلطات الآخرين، وللأسف سلطة لجنة محمد فريد كادت أن تعتدي على سلطة السلطة الرابعة، لولا وعي (بعض الأقلام).
** على كل حال، فلندع قضية المستشار مدحت تأخذ مجراها الطبيعي، وبالمناسبة، لهذه اللجنة القضائية سلطة إصدار قرار حظر النشر في هذه القضية، حسب تقديرها للحيثيات وعلاقة ما قد تنشره الصحف بتلك الحيثيات، ومع ذلك فليس من المستحب أن تنتظر الصحف قرارا كهذا لتعرف ما عليها، بل بذات الوعي أيضا يجب أن نلتزم الصمت وننتظر نتائج تحقيق اللجنة القضائية، ولعل القارئ يلاحظ أن زاوية اليوم خبرية ليس إلا، أي فقط ليتابع الرأي العام – مطمئنا – مسار القضية، خاصة أنها كانت مصدر إزعاج للصحيفة وأقلامها حين تستقبل أسئلة من شاكلة: قضية مدحت حصل فيها شنو؟، خلاص ماتت؟ خوفوكم ولا رشوكم؟ خلوها مستورة ولا شنو؟ ووو..وغيرها من الأسئلة التي لا تؤرق مضاجع الأقلام فحسب، بل تباعد بين المجتمع وراحة البال. نعم الشفافية والعدالة ثم المسارات الطبيعية لكل قضايا الحياة – بحيث تؤدي إلى هذه وتلك – هي التي تجعل المجتمع مطمئنا على نفسه وعرضه وماله، وإذا غابت تلك تكاثرت في الأذهان الاستفهامات المتوجسة على الحال العام، وكذلك يتمدد الإحباط ويتقزم الأمل، وقديما قالت إحدى الحكم اليونانية بعد سردها حكاية ريفية: فقط الرئة التي تتنفس العدالة هي القادرة على مقاومة كل أنواع الجراثيم، فليعمل – كل من موقعه – لتظل العدالة هي الهواء الذي تتنفسه كل الرئات، وبغيرها فلن تقاوم بلادنا كل أنواع الجراثيم، ما ظهر منها وما بطن.

[/JUSTIFY]

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]