رأي ومقالات

عبير زين : أعيادُ ليست كالأعيادْ!


تلقفتْ الأُمةُ الإسلاميةُ فرحة عيدُ الفٍطر المُبارك بعد أن أمضت أياماً من المُثابرة وحان القِطاف حين أمطرت الأفراح على كُل بِقاع الجفاف فيها، تهادت النفوس فى ضوءٍ غامرٍ من الإرتياح والسكينة التى غشيتها و مضى الشهرُ الكريم وتسربْ من بين أيدينا على عجلِ بعد أن قضيناهُ في زِحامٍ من الأجواءِ الروحيةِ الثرّة نرتشفُ جُرعاتِ الرحمة و المغفرة المُخبأة فى أيامه ولياليه محفوفة بصيامٍ وقيامٍ وصِلةِ أرحامٍ، كم تمنيتُ أن لا تنطفئ جذوته فينا و ألا تذبُل تلك الأزهار الإيمانية التى نمت فى دواخلنا وسقيناها بليالٍ من الدعاء و الترتيل.
فى غمرةٍ تلك الأعياد تستظلُ بعضُ النفوس المكروبةٍ تحت أنين الحُزن، أولائك المبتلون من أُمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم، الذين قدّر الله لهم أن يستمر حصادهم للأجر ولا يتوقف بتوقفِ صيامٍ أو قيام، كتب الله لهم أن يقطفوا من ثِمار الصبر المُرة ويتجرعون كؤوسِه الحارقة، أصحابُ الحروب والكروب والغربة والأمراض و الإبتلاءات، و أهلنا الذين مرّ عليهم العيد و قد جرفت السيول ما يسترهم من سقف وجدران فلم يتبق ما يحميهم من العيون ولا من حرارة الشمس ولا من قرع الأمطار!
البعضُ ذرف أيام العيد فى بُكاء وعويل إثر فُقدان عزيز أو قريب، وكثيرون شرقتْ عليهم شمسُ العيدِ فى باحات المُستشفيات فى شهيقٍ وزفير ترقباً لحبيب يرقد بين شراشف السرير الأبيض، والبعض لم يستشعر للعيدِ فرحةً لأن الألم يجثو على أنفاسه فلا يحسُ سواه ولا يعى إلاه، وبعضهم (وهُم كُثُر) صارعته غُربته وقاسمته أفراح العيد فإنشطر عيده الى شظايا لم يعد يحسُ لها وزناً ولا يسمع لها صدىً بداخله.
العيدُ فرحةُ وحبور ولكنه يتحول عند بعضنا الى ليلٍ حالك حين يوقِظ تلك الكوامن من الأحزان والآلام، عندما تستحضرنا ذكرى من فقدنا من أعزاء وأطياف من رحلو عنّا من أحباب، وأثر ما زال عنّا من نِعم كُنا نستبشرُ بها فيما سبق من أعياد.
همسة:

الى كُل أصحاب الإبتلاءات من أُمة مُحمد صلى الله عليه وسلم: أمطر اللهُ على أحزانكم مطراً من السلوى و ألهمكم الله الصبر الجميل وأتاكم الأجر العظيم، أتمنى أن يُحرركم الله من الحُزن والألم والمرض والحروب والفرقة والغربة، أتمنى أن يعود العيد القادم وكُل نفسٍ تنعمُ بالسعادة والهناءة والرفاء دون رهق أو تعب أو حُزن لفراق أو ألم من مرض، وردّ الله غُربة كل بعيد ليشهد العيد القادم بين أهله وأحبابه.

همسات – عبير زين