حوارات ولقاءات

في أول حوار مع وزير الخارجية المصري بعد عزل مرسي نبيل فهمي


نبيل فهمي، وزير خارجية مصر، ورئيس دبلوماسيتها في ظل الإدارة الجديدة بعد عزل مرسي، هو من مواليد نيويورك، وابن وزير الخارجية المصري الذي استقال أثناء مفاوضات كامب ديفيد إسماعيل فهمي. عمل فهمي الابن، سفيراً لبلاده في الولايات المتحدة في الفترة من 1999م وحتى 2008م. ثم دفعت به التطورات الأخيرة بمصر في وبعد 30 يونيو إلى وزارة الخارجية في وقت تتوالى فيه الإدانات على المحروسة منذ عزل الرئيس المنتخب، والدماء التي سالت في ميداني النهضة ورابعة العدوية.

(الرأي العام) استبقت حتى الصحف المصرية في إجراء أول حوار مع فهمي، وطرحت عليه جملةً من التساؤلات بشأن الأحداث هناك والتداعيات المقلقة على العلاقات السودانية المصرية في ظل تربص البعض بها، هنا وهناك، ومحاولتهم الزج بالخرطوم في أتون أحداث قالت الحكومة إنها شأنٌ مصريٌّ خاصٌ.. وكنت قد التقيت بالوزير فهمي عقب عشاء أقامه السفير المصري مساء أمس الأول في منزله بالخرطوم. وقتها، كان هناك سفراءٌ من العيار الثقيل، تعرّفت منهم على السفير السعودي، والسفير عبد الرحمن ضرار، فيما أحسن السفير عبد المحمود عبد الحليم تقديمي للوزير، لكن لم يكن من الممكن في ذلك الوقت المتأخر من الليل طرح المزيد من التساؤلات، لأنّ الجميع كانوا في انتظار أن أوقف جهاز التسجيل ليقولوا وداعاً للوزير:

* لماذا اختيار السودان أولاً، وزيارته قبل كل الدول الأخرى؟

– اختيار السودان لم يكن صدفة، وليس عواطف. وإنما لتقدير وتقييم دقيق للمصلحة المصرية، فالامتداد الطبيعي لمصر جنوباً هو السودان، كما أنّ الامتداد الطبيعي للسودان شمالاً هى مصر. وبيننا علاقات طويلة، فضلاً عن كل ما يمكن أن نتحرك فيه من أجل المستقبل مثل بناء مشروعات مشتركة تفيد السودان وتفيد مصر. فحضوري هنا مقصود ليس للماضي وإنما للمستقبل، وقصدت بذلك – رغم كل مشاغل مصر في هذه الأيام بالتحديد وما عليّ من ضغوط كي أذهب وأتحدّث إلى الغرب – قصدت رغم كل هذا أن أذهب جنوباً كرسالة للرأي العام المصري والسوداني بأن التركيز يجب أن يكون على دول الجوار. وتأكيداً على هذا المفهوم، قمنا في إطار إعادة هيكلة دور الخارجية المصرية في الأسابيع الأربعة الماضية بتعيين مساعد لوزير الخارجية لشؤون دول الجوار وهو معني بأربع دول بالتحديد من ضمنها السودان.

* ما هو أُفق ونفق العلاقات بين الخرطوم والقاهرة كما يراه السيد وزير الخارجية على ضوء التطورات المصرية الأخيرة؟

– يجب أن نركز على المصالح والمفاهيم في نفس الوقت، بمعنى مشروعات اقتصادية تجارية، وهناك بالفعل مشروعات زراعية كبرى ومشروعات خاصة بالطاقة وبالتعدين. إنما أيضاً بالمفاهيم، بمعنى أننا نريد تبادلاً ثقافياً.. نريد تبادلاً طلابياً.. نريد تبادلاً دبلوماسيين وتدريباً دبلوماسياً.. نريد تبادل أفلام حتى يكون المواطن المصري على دراية كاملة بما يتم في السودان، وحتى يكون أيضاً السوداني مرتبطاً بالجامعات المصرية والمدارس المصرية والمفهوم المصري المعاصر وليس فقط في تاريخ الفراعنة وغير ذلك.

* ما هو مصير المشروعات القائمة بالفعل والتي بدأ العمل فيها في ظل الإدارة السابقة.. هل تحتاج هذه المشروعات إلى مراجعة أم سيتم البناء عليها مستقبلاً؟

– أي شئ مفيد سنبني عليه، فعلاقتنا بالسودان ليست علاقة أيدولوجية، فهي علاقة هوية وعلاقة إستراتيجية تتأثر بمن يكون في الحكم لدينا أو لديكم، ولا تبدأ أو تنتهي بحزب من جانبنا أو من جانبكم، إذاً أي شئ مفيد للبلدين سنبني عليه، وهناك مشروعات كثيرة من ضمنها في المجال الزراعي، فهناك مشروعٌ مشتركٌ لزراعة آلاف الأفدنة في السودان وهذا شئٌ مُهمٌ، وهناك حديثٌ عن تعاون على الحدود وحديثٌ عن تسهيل وتنشيط العمل على الطريق البري وحل قضايا المنافذ المختلفة، وإن شاء الله يكون هناك أيضاً تعاونٌ في مجال ثلاثي بين مصر والسودان وليبيا وهكذا.

* العلاقات الثنائية بين البلدين ظلت تحركها الهواجس الأمنية حتى المعابر الحدودية التي تحدثت عنها لم تفتح بعد ولم يتم تنفيذ اتفاق الحـريـات الأربـع مثلاً، هـل يُمـكن التفـاؤل بالتخـلي عن هـذه التوجسات؟

– يجب أن نتفاءل إذا غيّرنا مفهومنا، ولذلك ذكرت لك (المشروعات والمفاهيم). والمشكلة في الماضي أننا كنا ننظر إلى واقع المسألة السودانية أو العكس من منظور قضية واحدة فقط بمعنى قضية الحدود، قضية المياه، قضية الزراعة. وهذا يبرز على حساب قضايا أخرى، ومن ضمنها الهاجس الأمني بين الجانبين. ما أقصده إذا تمّ بالفعل بلورة مصالح مشتركة في قضايا كثيرة سينظر إلى المفهوم الأمني بشكلٍ أشمل ولن يكون هناك مبررٌ طبيعيٌّ لإثارة قلاقل أو مشاكل تؤدي لتدمير مصالحك. إذاً كلما وسعنا نطاق التعاون وعمقنا جذور هذا التعاون، كلما أبعدنا أيّة قضية عن اعتبارٍ واحدٍ على حساب الاعتبارات الأخرى، علماً بأن المسألة الأمنية مهمة.

* د. نبيل العربي عندما كان وزيراً لخارجية مصر قال في حوار أجريته معه إنّ العلاقات السودانية المصرية تحرّرت في ثورة 25 يناير.. الآن ما الذي يضيفه 30 يونيو أو ربما يخصمه لرصيد العلاقات بين البلدين؟

– أعتقد أن ما تضيفه هو أن ابتعاد الساحة المصرية عن النظرة الأيدولوجية يجعلها تركز في المقام الأول على المصالح الوطنية، إذاً بصرف النظر عن مَن يحكم مصر سيكون التركيز على مشروعات ومواقف طويلة الأجل، فالعلاقات بين مصر والسودان لا يمكن أن تزول ويجب أن تحصن من توجه سياسي معين لدينا أو لديكم.

* هل أنتم عاتبون على الحكومة السودانية بسبب موقفها الذي ادان العنف الذي حدث في مصر ولم ترحب بالطبع بما حدث هناك مثلما فعلت السعودية أو الإمارات؟

– كنا نتطلع إلى أكثر من ذلك، إنما حضوري هنا يعني إنه ليس هناك عتابٌ في العلاقة المصرية السودانية، ولكن كنا نتطلع إلى أكثر من ذلك.

* رجحت بعض المراصد الصحفية أن تكون زيارتك للخرطوم بهدف إطفاء نار البيان الحكومي الذي أدَانَ العنف في مصر؟

– إطلاقاً، أنا نظرت للعلاقة المصرية السودانية باعتبارها أكبر من أي حدث وأكبر من أية مرحلة من المراحل، وحضرت هنا من منظور مصري ستشهده الخارجية المصرية في المرحلة المقبلة وهي المصارحة والشفافية الكاملة، وأنا صريح، وحواري مع الوزير علي كرتي كان حواراً بنّاءً وصريحاً، وطرحنا فيه كل القضايا بين الجانبين بما لدينا من مطالب وما لدينا من مآخذ..

= مقاطعة =

* هل لديكم مخاوف من الحكومة التي يقودها الإسلاميون في السودان؟

– لا.. ليست لدينا مخاوف من الحكومة في السودان، وليس لنا حق أن تَكون لدينا مخاوف من حكومة السودان، نحن نتعامل مع الحكومات كافة وهذا اختيار شعبي لا نتدخل فيه. وإنما نتعامل معها حسب تعاملها معنا.

* لماذا تقاتل إدارتكم الجديدة، الإسلاميين في مصر وتتواصل مع الإسلاميين في السودان.. ألا يعكس ذلك شيئاً من التناقض ربما؟

– إطلاقاً، أولاً أنا (ما بقاتيلش) الإسلاميين، أنا أقاتل العنف والترهيب. ومن يريد أن يكون له تيار سياسي إسلامي مشروع دون عنف وفقاً للقانون فلن يجد أية غضاضة للعمل الحر في مصر كما يريد، فأنا لا أتدخل في اختيارات المواطنين السودانيين في من يحكمهم، فما يربطني وما أتوقعه وما أتمسك به أن نتعامل مع بعضنا البعض لتحقيق المصالح المشتركة، لأنه لا يمكن أن يكون هناك تعاونٌ إلا إذا كانت هناك فائدة للجانبين، إذاً لا أيدولوجية في العلاقة بيننا وبين السودان، وإذا كان هناك توافقٌ سياسي سنشهد طفرات في العلاقة وإذا كان هناك تباينٌ واسعٌ فلا شك أن التقدم سيكون أبطأ كثيراً.

* اتجاهك جنوباً في أول زيارة لك للسودان تشي بحضور قضية مياه النيل في أجندة هذه الزيارة، إلى أي مدىً كانت هذه القضية حاضرةً؟

– كانت حاضرةً كجزءٍ من القضية، لكن كما ذكرت العلاقة مع السودان أشمل من قضية بعينها، فهي علاقة امتداد إستراتيجي أمني وعلاقة امتداد أمن غذائي وعلاقة هوية وقضايا كثيرة بما فيها المياه، ولا نقبل ولا نعتبر السودان وسيطاً بيننا وبين أحد.

* بعد التغييرات الأخيرة في مصر بدا واضحاً أن هناك تربصـاً بالعلاقات من قبل البعض ومحاولة للاصطياد في المياه العكرة من خلال الترويج لتهريب سـلاح من السودان وهروب قيادات إخوانية وكذا كيف تنظر لمثل هذه الأشياء؟

– كانت هناك مشاكل حقيقية ويجب أن تعالج، والجديد أننا نريد أن نعالجها بوضوحٍ وبصراحة، ونضع كل الأمور على المائدة لقناعتنا بأنّ ما بيننا وما يجمعنا أكثر بكثير جداً من خلاف حول قضية أو قضية أخرى، وما يهدد مصر يهدد السودان والعكس.

* في ظل حكومة انتقالية يرتبط أجلها بفترة محددة هل بإمكانها فتح ملفات معقدة مثل حلايب ومياه النيل والحريات الأربع.. هل تستطيعون ذلك في فترتكم الزمنية القصيرة؟

– فتح الملفات ليس مشكلة، المشكلة هي حل الملفات..

= مقاطعة =

* وهل تستطيعون حلها إذاً؟

– ما نعتزم أن نفعله، وقد أعلنت ذلك صراحةً بالنسبة للخارجية على الأقل، إننا نريد مركزة البوصلة المصرية الخارجية في موقعها الطبيعي، وموقعها هو عربي أفريقي، والعُمق الإستراتيجي المصري تجاه السودان جنوباً. إذاً عليّ أن أختار كيف أُركِّز وقتي في هذه الفترة، فإنّ اختياري وتوجهي سيكون إلى دول الجوار وتحديداً تجاه السودان وهذا ما فعلته بالفعل وليس بالقول.

* على ذكر القول والفعل، فمن الواضح أنّ العلاقات بين البلدين لا تشكو مطلقاً من الأحاديث الطيبة، ولكن هنالك إشكالاً حقيقياً في الفعل.. وهنالك مسافة فاصلة بين ما تقولونه والواقع؟

– (أنا عملت اللي عليّا)، وقبل أن أتكلم جئت. وعلى الجانب السوداني الآن أن يرد على هذا الكلام.

*ما الذي تود أن تقوله قبل إنهاء هذا الحوار القصير؟

– يجب أن يطمئن الشعب السوداني ويثق في أن احترامنا له هذا شئٌ مكفولٌ ومضمونٌ، وأن العلاقة بيننا وبين الشعب السوداني علاقة معزة وعلاقة هوية، وما يربطنا أكبر بكثير جداً من العلاقات التقليدية بين الدول، وإضافةً إلى هذا فإنّ ما يحقق المصلحة السودانية على المدى الطويل أيضاً هو في المصلحة المصرية، والعكس. وقد نختلف في إجراء مرحلي أو إجراء روتيني إنما نظرتنا الإستراتيجية – وهذه هي نظرتنا – ما يجمعنا أكبر بكثير جداً من ما يفرِّقنا. فيجب أن نطمئن إلى بعضنا البعض ونترك لكل طرف أن يقرر ما يراه داخل وطنه طالما كان التعاون عبر الحدود بغرض المصالح المشتركة. الخرطوم :حاوره: فتح الرحمن شبارقة:الرأي العام


تعليق واحد

  1. السودان انعدمت المبادى
    انعدمت المصالح
    صار كل شى مسخا مشوها
    فى العالم الحر يسمى هذا الرجل مجرما الا اذا كنا نحن عبيدا

  2. بسم الله الرحمن الرحيم

    يالا بره وزير خارجيه بلا زفت

    احذر الحكومة ان تكون محايد حتى النهاية

    نحن كل واحد يسيطر علينا هذا يرجعنا من الجو

    وهذا يغيير الحكومة ويريد ان نرتمى عليه ..

    نحن نتخذ مواقفنا لوحدن ..

    سيدى الرئيس خليك حكيم لاتستقبل اى واحد من حكومة

    مصر حتى حين ..

    الشئ الثانى هل نجلس محكوميين من الدول ولماذا رجعت وانت على

    من على الجو عايزين نعرف ..

    قبل كده وفى حرب الخليج فهد بن عبدالعزيز قال

    نحن نصادق الشيطان من اجل دولتنا ..

    ونحن لا يحق لنا ان نصاحب ابو الشيطان

    وطنــــــــــــــــــى