تحقيقات وتقارير

عائدات البترول والذهب .. سوء الاستغلال


[JUSTIFY]ظل القطاع الاقتصادي السوداني لسنوات طويلة يعتمد على الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني كمصدر للدخل ومجال التوظيف وتمثل الزراعة أهم المصادر للإعاشة في السودان التي كانت تعاني من الازدواجية بين التقليدية والحداثة، بيد أن القطاع الاقتصادي مر بمرحلة سياسة التحرير التي ركزت محور رفع الدعم التدريجي على العديد من السلع، إضافة لتقليص حجم النشاط الاقتصادي الحكومي عن طريق خصخصة المرافق الحكومية أو شبه الحكومية التي تتشابه مع الأنشطة الخاصة وتحويلها إلى ملكية عامة تكون الدولة راعية وموجهة للنشاط الاقتصادي وليست منتجة رغم ذلك واجهت تلك الحقبة العديد من السلبيات أهمها زيادة معدلات الفقر بصورة كبيرة، ومن ثم جاءت حقبة الاستكشافات التي بدأت بالاكتشاف النفطي في العام 2008م حيث قدرت مساهمة البترول في الإيرادات العامة للدولة بحوالى 45% و90% وتلتها مرحلة استكشاف الذهب التي تسارعت في العامين الماضيين عمليات البحث عن الذهب في السودان في أعقاب ارتفاع أسعاره العالمية في عام 2011م، ويتوقع أن يزيد الإنتاج هذا العام إلى قرابة 50 طنًا، وقدر بنك السودان نمو عائدات الذهب إلى أكثر من مليار دولار، وعول الكثيرون على تلك الاكتشافات ومساهمتها بشكل كبير في الاقتصاد ككل ومن الملاحظ أن الوضع الاقتصادي لم تطرأ عليه إصلاحات جوهرية بقدر الاكتشافات النفطية ومن ثم الذهب على الرغم من أن البترول أحدث نقلة نوعية وبنفس الدرجة أحدث آثاراً سلبية عندما توقف نتيجة انفصال الجنوب، وعلى ذات النهج ساهم الذهب في التأثير المتزايد على الموازنة الداخلية والخارجية ولكن من الملاحظ أن ذلك التأثير لم يكن له أثر واضح في التنمية الاقتصادية فما زال في مرحلة المصروفات فكثير من المشروعات التي تم تنفيذها تمت عبر القروض الخارجية دون مساهمة عائدات الذهب والبترول في تلك المشاريع ولم يستفِد السودان من عائدات النفط الكبيرة التي تحققت خلال السنوات العشر الماضية في تطوير القطاعات الإنتاجية الأخرى كالزراعة، التي يملك فيها السودان موارد كبيرة ومتنوعة، والصناعة بمجالاتها المختلفة التي يملك فيها السودان فرصاً عديدة، وأرجع المحللون القضية لانعدام الشفافية وما ينتج عنها من فساد، مما يتطلب مراجعة اتفاقيات النفط بما يضمن سيادة الدولة على ثرواتها والشفافية في العائد السنوي للثروة النفطية وتحويل العائدات للتنمية وتوفير احتياجات المواطن السوداني الأساسية، وأرجع الخبير الاقتصادي حسين القوني عدم استغلال عائدات البترول والذهب وذلك لوجود التزامات من الدولة بالنقد الأجنبي، مشيرًا إلى أن الأمر يتطلب ترشيد الموارد وتوظيفها حسب الأسبقيات مع وجود سياسات واضحة للتعامل مع النقد الأجنبي، وقال من الصعب القول وجود فساد أدى لضعف استغلال تلك العائدات، مشيرًا إلى أن الممارسات تتم عبر وكلاء من بنك السودان إلا أنه رجع وقال إن عدم تحديد سعر للذهب يفتح الباب للفساد خاصة مع عدم الاستقرار الذي يشهده السعر، لافتًا لانعدام الرقابة على الأسعار لعدم البيع عبر البورصة، وقال خبير فضل حجب اسمه على الرغم من تحسن معدلات نمو الاقتصاد السوداني إلا أنه لم تتم الاستفادة من عائدات النفط الكبيرة التي تحققت خلال السنوات العشر الماضية، خاصة في تطوير القطاعات الإنتاجية الأخرى كالزراعة، التي يملك فيها السودان موارد كبيرة ومتنوعة بجانب الصناعة التي تتوفر بها فرص عديدة، مشيرًا للتحسن الكبير في إيرادات الحكومة بفضل تلك العائدات مرجعًا الأسباب لسوء توزيع العائدات بصورة عادلة، ويعبر عن ذلك بوضوح انتشار الفقر على نطاق واسع نتيجة لعدم كفاية الخدمات الاجتماعية المقدمة ورداءة نوعيتها..

صحيفة الإنتباهة
إنصاف أحمد[/JUSTIFY]