قصة رجلين يلاحقهما الفشل !

[JUSTIFY]من المؤكد أن مياهاً كثيرة تكون قد جرت تحت ذهن وخيال كل من مبارك الفاضل وإبن عمه نصر الدين الهادي فهما الآن يشهدان تلاشي الثورية، بانسلاخ ضباط كبار (من رتبة العميد فما فوق) ويشهدان ويشاهدان تقارب الأمة القومي (حزبهما الوحيد) مع الوطني بحيث يصعب عليهما أن يكونا (خارج الإطار) ويشهدان أيضاً كيف انشقت الأرض وابتلعت وثيقة الفجر الجديد المشئومة فلم يعد يذكرها أحد، فحتى حليفهم الوحيد زعيم حزب الوسط الدكتور الكودة (آخر الموقعين على الوثيقة) خرج تاركاً وراءه كل متاعه السياسي مكتفيا بركن قصي بعيد يرقب ويراقب غريزة حب البقاء فيه.

من المؤكد أن مبارك الفاضل يعيش تعاسة من نوع فريد إذ لا أمل في إحياء حركة مسلحة على غرار الثورية من جديد بوسعها أن توجه ضربات فى العمق للإطاحة بالحكومة السودانية فى الخرطوم.

الثورية كانت حلماً وأصبحت الآن كابوساً فى منام مبارك الفاضل ونصر الدين الهادي، فقوات الحلو فضلت الانخراط فى عمليات التنقيب عن الذهب ربما بحثاً عن (مستقبل شخصي خاص) لا توفره ولن توفره مطلقاً الثورية، لا الآن ولا بعد نصف قرن من الزمان.

أما عقار فإن ضباط فرقته العاشرة لم يعودوا يثقون فيه وفي رمزية قيادته وانسلخ الكثيرون منه. فى الداخل فإن القوى السياسية المنتظرة أن تصبح قوى إسناد سياسي داخلي للثورية وهو تحالف المعارضة فقد نهش كلب الخلاف أحشائه وتشرذم التحالف وتقطعت به السبل، وقد تم نعيّ التحالف بواسطة قادته اليساريين أبو عيسى وهالة لحين الوصول الى البر!

مبارك الفاضل زاد غيظه واتسع نطاق مأساته حين انفضَّ عنه سامر ضباط وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ولم يعودوا يؤنسون وحشته السياسية وهو الذي عول عليهم فى وضع قدمه على عتبات القصر الرئاسي الفاخر قبالة النيل.

نصر الدين الهادي أكثر سوءاً فالرجل خسر أهله فى جنوب كردفان منذ أن عاثت الثورية قتلاً وذبحاً فى أهله هناك وخسر قادة الثورية الذين حجبوا عنه المال والسلطة وأمعنوا في إذلاله، فحتى كمبالا لم تعد تتسع له إذ ليس سراً أن الرجل بات يخشى من التجوال فى كمبالا مخافة أن تنتاشه رصاصة (غير طائشة) من رفاقه فى الثورية.

لقد فكر نصر الدين مراراً فى العودة ودفع فاتورة ما اقترفته يداه فى حق وطنه وحزبه، ولكن كلما أمعن النظر في تكلفة الفاتورة تراجع. وليس سراً أيضاً أن مبارك الفاضل يقف حائلاً بينه وبين عودة سوف تفضي الى أن يتركه هناك وحيداً، وينال منه مغتربه الإجباري ومنفاه الموحش نيلاً.

إنها قصة رجلين انخرطا فى (سلك إجرامي) بدعوى السياسة والوصول الى السلطة ألقت بهما أمواج الزمان الهادرة الى الساحل الغربي حيث حيتان المحيط الهائلة واسماك (القرش) التى لا ترحم!

سودان سفاري

[/JUSTIFY]
Exit mobile version