اقتصاد وأعمال

السودان : الآيسكريم المنزلي والعطور النسائية.. وجه آخر للتمويل الأصغر


نسبة الفقر في الدولة تراوح نصف سكانها، إذ تقدرها الإحصائيات الرسمية بـ(46.5%).. ثمّة جهود هنا وهناك لتقليل الأرقام؛ بعضها يتّخذ الطابع الرسمي والآخر تقوم به منظمات المجتمع المدني. هذه الجهود – رغم تنوّع التجارب الرامية لمحاربة الفقر وتراكمها، ورغم كثافتها- تبدو نتائجها غير بادية للعيان.

الواضح أنّه ومنذ نهاية التسعينيات تجتهد الدولة في تحديد إستراتيجية التمويل الأصغر كآلية لمساعدة الفقراء الناشطين اقتصادياً، وإدخالهم إلى دائرة الإنتاج من خلال دعم مشاريع صغيرة ومنتجة، تشهد على ذلك محاولات بذلها بنك السودان المركزي لدعم الإستراتيجية قضت بتخصيص ما يقدر بـ(12%) من محافظ البنوك لصالح الإستراتيجيّة، وقد اعترضتها بعض المعوّقات بعد أن فشلت بعض المصارف في تخصيص النسبة، لارتفاع تكلفة التمويل الأصغر، وارتفاع نسبة المخاطرة في نوعيّة التمويل، المعني.. والحال كذلك فإنّه ورغم الحوافز التي وضعها المركزي إلا أن سياسة التمويل الأصغر لم تلق حظها المرجو. بحسب المراقبين فإنّ منظومة إستراتيجية البنك المركزي للتمويل الأصغر التي تم اعتمادها في العام 2006، تتعرض لمقومات النجاح والفشل، وتدور جميع الآراء حول الضمانات التي يقدمها العميل التي من أكبر المسببات التي هزمت سياسة التمويل الأصغر في ظل عدم استطاعة الشرائح الفقيرة التماهي مع الضمانات التي تطالب بها المصارف.

حسناً؛ بعيداً عن رياح الفشل، وبطريقة عملية في محاولة للابتعاد عن التقليدية، بدأت إحدى المؤسسات المصرفية المخصصة للتمويل الأصغر عملها منذ الأمس عبر تمويل خمس من النساء في مجموعة واحدة، برئاسة إحداهن، ومن خلال خمسة مشروعات صغيرة، تم تسليم أدوات مشاريعهن التي تنوعت بين الآيسكريم المنزلي والعطور النسائية والأدوات الكهربائية التي تباع بالتقسيط وملبوسات للأطفال ومنسوجات عن طريق التقسيط.

البنك الذي اختير له اسم بنك الإبداع للتمويل الأصغر هو إحدى مساهمات برنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) لتغيير واقع سياسة التمويل الأصغر في السودان، وأسس البنك ليكون الفرع الثامن للجامعة التي مقرها دولة الكويت، وتنتشر في كل من الأردن، البحرين، السعودية، مصر، عمان، الكويت، ولبنان، وذلك من خلال ضخ دعم تنموي في الاقتصاد الوطني من خلال اختياره للسودان لتأسيس بنك للفقراء، ضمن منظومة بنوك التمويل الأصغر التي أسسها أجفند حتى الآن في 7 دول هي؛ الأردن، اليمن، البحرين، سوريا، لبنان، سيراليون، وفلسطين، ليحتضن السودان البنك الثامن بمسمى ” بنك الإبداع للتمويل الأصغر”.

العميلات اللاتي تم تمويلهن تغلبن على الخوف الملازم لأخذ التمويل من البنوك كما قالت بشرى عمر محمد أحمد وهي رئيسة المجموعة لــ(اليوم التالي)، فبعد التدريب الذي اكتسبناه بفعل ممارسة العمل كانت الضمانات هي العقبة الكؤود التي تحول بيننا وبين أخذ التمويل من البنوك غير أن الضمانات التي وضعها بنك الإبداع صارت في متناول أيدينا بعد أخذ ضمان بمشاريع المجموعة وقام البنك بتمليك كل واحدة من النساء آليات مساعدة في مشاريعهن الصغيرة.

مجلس أمناء البنك يضع آمالا عظيمة على تحقيق البنك لأهدافه المنشودة، ويقول ناصر القحطاني رئيس مجلس إدارة البنك إن مواءمة البيئة التشريعية للسودان لأعمال التمويل الأصغر جعلت التفوق للسودان مع سوريا واليمن في إستراتيجية التمويل الأصغر، التي تعمل على دعم الفقراء الناشطين اقتصادياً، وتوقع أن يصل عدد عملاء البنك إلى ألف عميل خلال العام الأول، وأبان القحطاني في احتفال تدشين أعمال البنك بمقره بالخرطوم أن عدداً من المستثمرين والمصارف العربية والمحلية تساهم في رأسمال البنك المخصص لتمويل الفقراء مع التركيز على شريحة النساء، داعيا القطاع الخاص العربي إلى المساهمة في الأعمال ذات البعد الاجتماعي.

في السياق كشف بابكر مناع نائب المدير العام لمصرف المزارع عن وصول محفظة التمويل الأصغر إلى 17% متفوقة على النسبة التي وضعها البنك المركزي مشيرا إلى اهتمام البنك بعمليات التمويل الأصغر وسط المزارعين والشرائح الأخرى من خلال فروع البنك التي تجاوز عددها الثلاثين فرعاً.

من جهته تعهد بدر الدين عبدالرحيم المدير العام لوحدة التمويل الأصغر ببنك السودان بتقديم كافة التسهيلات لبنك الإبداع من أجل الوصول إلى الهدف بتمويل أكبر عدد من الفقراء داعيا القطاع الخاص والمصارف التجارية إلى المساهمة في رأسمال البنك وشدد عبدالرحيم على أهمية تدريب موظفي البنك على عمليات التمويل الأصغر لإنجاح العمليات التمويلية وبذل الجهود لاسترداد المبالغ
الخرطوم – نازك شمام – اليوم التالي


تعليق واحد