تحقيقات وتقارير

«تلفون» الجبال يرن.. هل يرفع الوطني السماعة ..؟


[JUSTIFY]من تريد الحكومة مفاوضته «قطاع الشمال» أم «أبناء الجبال»؟.. فكلما أبدت الحكومة رغبتها في التفاوض مع القطاع تظهر أصوات أخرى باعتراضات مبطنة ترفض الحوار مع قيادات القطاع ياسر عرمان ومالك عقار ولم يكن ذلك السيناريو الحلقة الأولى في المسلسل.. فقبل أيام جدد رئيس الجمهورية المشير عمر البشير في خطابه بالبرلمان الدعوة لاستئناف الحوار بشأن منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق مشترطاً لذلك استكمال المسألة وقف البروتكولات الخاصة بالمنطقتين ولكن على الفور رهن عبد الرحمن أبو مدين عضو وفد الحكومة للمفاوضات في تصريحات صحفية استئناف التفاوض مع قطاع الشمال بأن يغير الأخير اسمه بعيداً عن المسميات المرتبطة بدولة الجنوب والتخلي عن خطة إسقاط النظام قاطعاً بأن الحكومة لن تفاوض عرمان ولا حتى اسم قطاع الشمال، مشيراً إلى أن المقصود بالحوار هم أبناء المنطقتين الذين يحملون السلاح، وأضاف حتى عقار لن نقبل الجلوس معه بصفته رئيساً للقطاع وإنما يمكن مفاوضته كأحد أبناء النيل الأزرق وموافقة

الخرطوم وجوبا تتطابق مع الجو الخريفي الرائع إبان قمة «البشير- سلفا » والتطورات الإيجابية في العلاقة بين «الخرطوم» عقب اتفاق رئيسي البلدين على معظم القضايا العالقة وموافقة البشير على وساطة سلفا كير مع قطاع الشمال، لذا نجد أن موافقة البشير على التفاوض في خطابه بالبرلمان تتماشى مع اتجاهه لوضع إستراتيجية لحلحلة مشاكل البلاد وحسم الأزمة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق لجعل الخرطوم تتنفس الصعداء ولا ننسى أن موقف الحكومة يقطع الطريق أمام أي تلكؤ وجرجرة يلجأ إليها قطاع الشمال، فالموافقة على توسط سلفا كير يضع الأخير والقطاع في مواجهة، فلا خيار للحركة إلا القبول بالسلام، فأبواب الجنوب أصبحت الآن موصدة والمتمردون أصبحوا في مصيدة بين دولتين عقب اتفاق ميارديت والبشير في قمة جوبا الأخيرة وهذا يؤكده بروفيسور حسن الساعوري المحلل السياسي بأن الأجواء الآن مختلفة بين الخرطوم وجوبا، والتزام الأخيرة بعدم دعم وإيواء المتمردين يضعف قوى الحركة ويدفعها للمفاوضات وتقديم التنازلات، ورهن الساعوري نجاح المفاوضات بين الحكومة وقطاع الشمال بالتزام جوبا بعدم إيواء ودعم المتمردين وإغلاق مناطقها الخلفية أمام الحركة، وأشار إلى أن الأجواء في المنطقتين ترفض إطالة أمد الحرب، موضحاً أن إيقاف الحرب أصبح مطلباً شعبياً لذلك كل الظروف إيجابية حسب الساعوري لتحقيق السلام.
وبالعودة للجولة الأخيرة التي عقدت بأديس أبابا بين وفدي الحكومة والحركة رغم اشتراطات المؤتمر الوطني إشراك أهل المصلحة في التفاوض وتحديد الأجندة، ولم تفلح تلك الجولة في إذابة الجليد لكنها كسرت حاجز الصمت الطويل بين الطرفين والذي علا فيه صوت البندقية، وفي نهاية المطاف اصطدم الحوار بالهجوم الذي شنته قوات الجبهة الثورية على مدن أم روابة وأبوكرشولا والمجازر التي ارتكبت في تلك المناطق رغم جلوس طرفي التفاوض في أديس والذي دفع الوفد الحكومي لمغادرة طاولة المفاوضات وإعلان الانسحاب صبيحة الاعتداءات على أم روابة وأبوكرشولا، وبعد كل هذا تبرز للسطح تساؤلات حول مسار التفاوض وإمكانية الوصول إلى صيغة ممكنة لحل الأزمة، وعلى سبيل المثال هل يمكن أن توافق الحكومة على رئاسة عرمان للوفد، وهل توافق الحركة على أن يكون تلفون كوكو ماثلاً أمام طاولة المفاوضات باعتباره من أصحاب المصلحة رغم ضبابية عودته للخرطوم ولكن يبدو جلياً أن الحكومة أجابت على رئاسة عرمان عبر عضو الوفد المفاوض عبد الرحمن أبومدين بعدم مفاوضة عرمان تحت مسمى قطاع الشمال، ولكن تبقى الإجابة على موافقة أو رفض الحركة لمثول تلفون كوكو أمام طاولة المفاوضات معلقاً وبدون إجابة على الرغم من تأكيد الأمين السياسي لحزب العدالة بشارة جمعة أرور في وقت سابق «لآخر لحظة» بأن عودة تلفون كوكو للخرطوم ستقلب الطاولة على الجبهة الثورية.

وعلى ذكر اللواء تلفون والغموض الذي اكتنف موعد عودته للسودان بعد إطلاق سراحه من جوبا وكانت الخرطوم قد أعدت العدة لاستقباله ودعت لتنظيم موكب شعبي احتفالاً بعودته للشمال ولكن يبدو أن تلفون قد اقترب من أبطال مسرحية «في انتظار غودو»لأحد كبار رواد دراما العبث صموئيل بيكيت والذين قضوا حياتهم في يأس في انتظار القادم غودو والذي لا يعرفون كنهه والذي لا يأتي أبداً، وتجسد المسرحية قضية الانتظار في مسرحية الكاتب الأيرلندي ولكن ربما يدهش تلفون الجميع ويحط رحاله في الخرطوم وكل شيء وارد في بحر السياسة السودانية المتغلب الأوضاع والأمزجة، وقبل ذلك يقفز سؤال لماذا لم تمنح الحكومة ورقة تلفون كوكو الاهتمام الكافي لما للرجل من مكانة خاصة وأنه قيادة تاريخية في منطقة جبال النوبة رغم الضجة التي صاحبت نبأ إطلاق سراحه من جوبا، وتأتي الإجابة من الساعوري بأن عدم إعلان كوكو لموقفه من الحكومة أو قطاع الشمال محل تساؤل وضبابية موقفه بعد إطلاق سراحه وصمته يجعل ورقته محل شكك على الرغم من عودة قيادات من الحركة وإطلاق اسم الحركة الشعبية جناح السلام على تنظيمهم السياسي لكنهم فشلوا في إيقاف الحرب، لذا الحكومة حسب الساعوري تتعامل مع من لهم القوة والوزن في الميدان لوقف الحرب، ويظل تلفون الجبال يرن فهل تتغير المعادلة وترفع الحكومة السماعة ويصبح الكرت رابحاً.. أم يترقب الكل عقارب الساعة لبدء جولة المفاوضات القادمة بعد تحديد أبناء المصلحة وإيجاد ترتيبات تنهي الاستفهامات حول الأجندة ومن يشارك في طاولة الحوار.

صحيفة آخر لحظة
تقرير : بكري خضر
ت.إ[/JUSTIFY]


تعليق واحد