هجرة أساتذة الجامعات لماذا ؟!

[JUSTIFY]في مؤتمر التعليم العالي الذي تجري فعالياته بجامعة الزعيم الأزهري هذه الأيام ينبغي أن تطرح كل قضايا التعليم العالي من حيث المناهج الدراسية وتوجيه مخرجاتها صوب حاجة البلاد، وقضايا هجرة أساتذة الجامعات التي صارت ظاهرة وستظل نزيفاً لا يتوقف لأسباب كثيرة، أهمها تحكم بعض الإداريين في الشأن الأكاديمي وفي أستاذ الجامعة وانتهاك حقوقه ومكانته، إلى جانب عدم مواكبة العائد المادي لمتطلبات حياة الأستاذ كمواطن يقضي جل وقته إما في قاعات المحاضرات وإما وسط الكتب والمراجع.. وهناك مسائل أخرى كثيرة قد تنفرد بها جامعات دون أخرى، ولكن السمة الغالبة التي قادت إلى هذا الهروب الجماعي هي ضيق الأساتذة من السيطرة والسطوة الإدارية في بعض جامعاتنا، والمفترض أن تكون السلطة أكاديمية في هذه المؤسسات الأكاديمية وليست إدارية بحتة..

هذه النقطة ضرورة لتدارسها والوصول فيها إلى معادلات.. لأن هذه واحدة من الحقائق التي لا يمكن إطلاقها والإعلان عنها وتشريحها إلا في مثل هذه المؤتمرات التي من شأنها أن تبحث وتشخص جميع العلل التي تراكمت ووضعت أستاذ الجامعة في هذه الزاوية التي لم يجد إزاءها إلا البحث عن بيئة أكاديمية عادلة وآمنة ومحققة لطموحاته والرضا النفسي..

بجانب بحث مشكلة الرواتب والترقيات والحقوق المشروعة للأساتذة مثل البدلات والعلاج وكل الاستحقاقات التي تقع تحت سيطرة الإدارات غير الأكاديمية، وأنا كصحفي وأكاديمي توجب علي أن أسفر عن هذا الإحساس لما لمسته بنفسي من مسائل تجتزئ حقوق الأكاديميين في مقابل مواقف بعض الإداريين.

وفي تقديري كذلك أن تغيير المناهج الدراسية بوجود جهات استشارية وخبراء من مؤسسات تقويمية عالمية أمر مهم وضروري بدلاً من الدوران حول أنفسنا وحول الحقائق والثوابت التي اجتهدنا في أوقات سابقة، نظراً لظروف بلادنا وطبيعة حاجاتنا عن إعلان ثورة التعليم العالي وكسرنا عبرها سياج التحكم والسيطرة الخارجية على طلابنا وأبنائنا الذين كانوا يهاجروا إلى بلاد أخرى ويلزمونهم بانتماءات لا صلة لبلادنا وشعبنا بها.. ويعود طلابنا من هناك وولاءهم لتلك الدول والأحزاب الحاكمة فيها.. واعتقد أن الوقت قد أزف لمراجعة ثورة التعليم وتوجيهها صوب المستقبل ومقتضيات العصر دون المساس بالأهداف والثوابت التي قادت لتلك الثورة، وأفرزت هذه الأعداد المقدرة من الأساتذة الذين يحملون الدرجات الرفيعة ولم يجدوا ما يستحقون من التقدير المادي والمعنوي.. والمهم أن التقليل من أثر هجرة الأساتذة كان أحد العوامل التي فاقمت المشكلة، فالأمر جد خطير ويحتاج إلى بحث حاد وحازم وسريع على الأقل في كيفية التعويض وسد النقص وحلحلة بقية أسباب تلك الهجرة التي تحولت إلى ظاهرة فجأة ودون مقدمات.

صحيفة اليوم التالي
د. محي الدين تيتاوي
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version