سياسية

تجربة حركات الإسلام السياسي في السلطة والحكم انفراداً (السودان نموذجاً)


خلصت الورقة إلى أن التجربة السودانية تميزت بحكمها السودان منفردة، وبتجربتها مع الدولة العميقة، الأمر الذي اعتبر تجربةً للحكم المنفرد برغم فتحها باب المشاركة مع الآخر، وهو ما مكنها من الاستمرار رغم الاستهداف الخارجي.
استعرضت الورقة مراحل التجربة السودانية عبر تقسيمها زمنياً فبدأت المرحلة الأولى للحكم منذ عام 1989 واستمرت حتى عام 1993، وتوقفت عند الأوضاع التي جرى على خلفيتها التغيير في السودان عندما بدأ ميزان القوى العسكرية في حرب الجنوب يميل لصالح المتمردين، وتدخل الجيش لمنع تحالف اليمين المسيحي واليسار السوادني المدعومان من الغرب واسرائيل من السيطرة على السودان.
وعرضت الورقة محاولة الجيش إضفاء القومية على تحركه من خلال لهجة البيان الأول وتشكيل مجلس قيادة الثورة من جهويات مختلفة ومجلس وزراء من كفاءات معروفة، وفرض الأمن وهيبة الدولة وتوفير الخدمات الضرورية، ما زاد من شعبية النظام.
وفي المرحلة الثانية من تجربة السودان في الفترة ما بين عامي 1993 و1996 أعيد العمل بالشريعة وانطلقت المشاريع التنموية وقضي على تمرد الجنوب، وانحازت السودان للقضايا الإسلامية الأمر الذي أثار غضب القوى الخارجية وحلفاؤها في المنطقة، لتبدأ بعدها حملة الضغط على السودان من خلال المقاطعة من الولايات المتحدة الاتحاد الأوروبي وحلفائهم في المنطقة.
وتبنى الغرب دعم متمردي الجنوب، غير أن تحقيق النظام إنجازات في مجال التنمية وصموده في وجه الضغوط الإستعمارية، وبدأ نزوعه نحو الديمقراطية من خلال إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وفقاً للدستور الجديد، وتحقيق إنجازات اقتصادية في مجال البنى التحتية زادت من ثقة الشعب بسياسات الحكومة، لكن هذه الثقة أدات إلى تراجع التوّجه القومي.
وشهدت المرحلة الثالثة التي استمرت ما بين عامي 1996 و2000 اشتداد الحصار الخارجي وعزل السودان واستنزاف طاقاته؛ فتحركت الدبلوماسية السودانية بعيداً عن النفوذ الغربي، وبنت علاقات مكّنتها من اختراق الحصار السياسي والدبلوماسي والاقتصادي، وأنجزت مشروعات في البنية التحتية؛ فجذبت المستثمرين وحسنت المستوى الاجتماعي للحياة، وقامت بتوسيع الجبهة الداخلية للحكم لمواجهة التحديات، وطرحت الحكومة برنامجها الوطني وواصلت سياستها الانفتاحية، فأعلنت حكومة بوش أن سياستها مع النظام السوداني فاشلة.
أما المرحلة الرابعة التي بدأت عام 2000 وما زالت مستمرة حتى اللظة فقد ظهرت سلبيات الانقسام ومهدت لاستراتيجية السودان الجديد التي بموجبها سلم الجنوب لحركة التمرد، و أصبحت الاتفاقية دستور السودان الجديد، ثم تأجج الصراع في دارفور لتتآكل السلطة المركزية، وظهرت الحقائق المرعبة في انشطار السودان وضياع الوحدة.
وتظهر الورقة مواجهة تجربة الحركة الإسلامية للقمع والبطش والإقصاء، كما تعرّضت التجربة السودانية للاستهداف الخارجي فدخلت صراعاً لا ينتهي، ووصلت لمنعطف مفصلي تنحصر خياراته في تجديد الرؤى أو السعي للبقاء في السلطة.
وخلصت الورقة إلى أن خطأ إسلاميي السودان تمثل في تركهم الدعوة والاتجاه للسلطة، وهم الآن يواجهون خطر الانشغال بمواجهة الأزمات المتلاحقة
د. قطبي المهدي

قدمت في مؤتمر حركات الإسلام السياسي في الوطن العربي، التحديات والآفاق – عمان الاردن 17-18 نوفمبر 2013 اس ام سي


تعليق واحد

  1. أخطر خلاصة توصلت إليها هذه الورقة الهامة والخطيرة جداًهي: (ترك الدعوة والإتجاه للسلطة).

    علي المسلم أيا كان موقعه التمسك بإسلامه كمبدأ قبل السلطة, ويجب ألا يأخذ الإسلام هذا الدين الحنيف الخاتم كمطية لبلوغ أهداف دنيوية زائلة لا محالة.

    مع عدم معرفتي التامة بفكر طالبان – إلا أن عدم تسليمهم لأسامة ابن لادن لمن طلبوه ليقتلوه مقابل أن يتم نزع سلطتهم وتدمير بلدهم يعطي مثالا نادرا في عالم اليوم عن الإعتصام بالمباديء والثوابت مهما انقلبت الدنيا او تغير حالها.

    لقد سنحت فرصة عظيمة لما بات يعرف بالإسلام السياسي أن يسود العالم العربي وتتمدد افكاره في الإقتصاد (محاربة الربا في غضون ظاهرة الإنصهار المالي العالمي (Global Financial Meltdown) لتشمل ساحات واسعة في دول العالم الاخري وبالتحديد الدول الغربية, ولكن للأسف الشديد تعرضت وتتعرض هذه الفرصة للإهدار بواسطة صانعيها وأبطالها مما يعرض حاكمية الإسلام هذا الدين الحنيف للقيل والقال من قبل الجهال بكنهه وحقيقته.

    نسأل الله سبحانه وتعالي أن يقيض للإسلام من يتمكن من إعادة أمجاده التي نبتت وترعرعت وازدهت في بطحاء مكة وانداحت في جميع بقاع الأرض بالحسني والخير والرشاد وان يتمدد هذا الدين الخاتم في نفوس الناس صدقاً ومحبة بلا بغضاء ولا كراهية لجميع الخلق عيال الله.

    نسأل الله ان يهدينا جميعاً لمكارم الاخلاق التي تحلي بها النبي الامي اليتيم محمد (ص) الذي عُرِف بالصدق والامانة قبل أن يُكلّف بالرسالة فأصبح بفضل الله محل إعجاب تقدير ومحبة من قِبَل عقلاء وعلماء الكفار قبل المسلمين

  2. [SIZE=4]الأخ الطيب البيقاوي

    جمعة مبارك إن شاء الله

    قرأت الموضوع ووقفت عند بعض عناصره ولكن لم أكن أنوي التعليق

    ولكن بعد قراءتي تعليقك حفزت وها أنا أعلق

    أخي يبدو أن الذين يعضون على جمر المحن ويثبتون على المبادئ باتوا قلة وأحسبك من تلك القلة .

    ولكن هذا مصدقا لكلام الصادق المصدوق ” صلى الله عليه وسلم ” الذي ما نطق عن هوى …هذا الدين بدا غريبا وسيعود غريبا وهاهي غربته حتى عند الذين يحكمون الآن باسمه

    أسأل الله أن يثبتنا ويجعلنا من الغرباء ويجنبنا الفتن [/SIZE]