رأي ومقالات

خالد حسن كسلا : تبرئة «الأمة» وحزب الترابي خاسر


[JUSTIFY]«كلمات قليلة من شأنها أن تشكل أقوى مبرر سياسي لإدارة حزب الأمة القومي لظهره للتعاون السياسي مع حزب المؤتمر الشعبي بقيادة حسن عبدالله الترابي». انطلقت تلك الكلمات من بين شفتي أحد قيادات حزب الأمة أمثال سارة ومريم وصدق إسماعيل في سياق الحرب الإعلامية التي اندلعت مؤخراً بين الحزبين، فقد قال القيادي أو القيادية بأن: «الترابي فعل بقيادات حزب الأمة ما لم يفعله حزب المؤتمر الوطني ونظامه». انتهى.

وإدارة الحزب لظهره للمؤتمر الشعبي ليس بالضرورة أن تكون بسبب ما فعله حزب الترابي، فكان منع ابتداءً العمل المعارض بينهما عقب المفاصلة، لكن لاستخدام هذا الأمر كمبرر للتوجه نحو حكومة المؤتمر الوطني خاصة وأن تشكيلتها الجديدة أضحت قريبة، أليس صبحها بقريب؟!. وإذا كانت السيدة سارة نقد الله في مناخ تفاهمات حزبها مع الحزب الحاكم «المؤتمر الوطني» قد جددت تحميل المسؤولية لحزب المؤتمر الشعبي عن فتنة دارفور باعتبار أن مجموعة كبيرة من أعضاء حزبه يشكلون جزءًا عظيماً من معسكرها، فلم يكن من الحكمة السياسية البتة أن يرد حزب الترابي بلسان أيّ من منسوبيه في غير اتجاه ما هوجم به. وحفاظاً على شعرة سيدنا معاوية بين الحزبين كان على المؤتمر الشعبي أن يفند ما قالته رئيسة المكتب السياسي لحزب الأمة القومي، فيقول مثلاً إن المجموعة القيادية وعلى رأسها خليل إبراهيم انشقت عن حزب الترابي كما انشقت مجموعة مبارك عن حزب الأمة، بعد ذلك اتجهت تلك إلى مشروع التمرد. هذا على سبيل المثال. وهذا يمكن أن يحتوي الحرب الإعلامية في وقت قصير دون وقوع أي خسائر سياسية من الجانبين، دون أن يستعد حزب الأمة القومي لفتح وفضح ملفات سوداء كما وصفها، ويبدو أنها ليست ملفات وهمية أو عادية مثل «الكتاب الأسود» المنسوب تأليفه إلى بعض قيادات المؤتمر الشعبي، والذي يتحدّث عن تشكيلات الحكومات منذ الاستقلال مع أنها لم تكن أمورًا خدمية، لكنها تشكيلات جاءت في ظروف واضحة.

إن حزب المؤتمر الشعبي يحتاج إلى مرافع سياسي ذكي، غير الناطق باسمه الحالي الذي ضمن مهمته أن ينقل للساحة مرافعة السياسي الذكي. فهذا الوقت يتطلب من المؤتمر الشعبي أن يحتمل أي استفزازات إعلامية صادرة ضده من حزب بوزن حزب الأمة القومي، على الأقل ليستفيد من قاعدته العريضة إذا لم يستطع إلى ذلك سبيلاً مع القيادات بعد تفاهماته مع الحزب الحاكم. لكن التعاطي السياسي للمؤتمر الشعبي مع حزب الأمة بهذا المستوى وهذه الطريقة غير الحكيمة يجعل لقيادة الثاني المكسب المتمثل في الحفاظ على قواعده واستمالتها أين ما مال هو متوفراً. وحتى لو حاول المؤتمر الشعبي أن يوضح أن معركته ليست مع قواعد حزب الأمة، فهذا لن يكون مقنعاً إذا علمت هذه القواعد أن حزبه قال بأن «الترابي فعل بقيادات حزب الأمة ما لم يفعله المؤتمر الوطني ونظامه». هذه الكلمات لا يمكن أن تمر مر السحاب لا ريث ولا عجل. بالتأكيد ستستوقف قواعد حزب الأمة. ومثلما في عام «1971م» فضلت نميري على حكم الحزب الشيوعي منذ اليوم الأول في ذاك العام «19» يوليو، فالآن ما يُطلق من تصريحات كهذه والتلميح بكشف الملفات السوداء يمكن أن يجعلها تفضل البشير والتعاون معه على التحالف مع الترابي وحزبه.

يقول حزب الأمة على لسان أحد قادته بأن لرئيس حزب المؤتمر الشعبي وحزبه تاريخاً أسود ومواقف مخزية لم تخرج للعلن ليعلمها الجميع وإن حزبه يحتفظ بالكثير منها كما نشرت «آخر لحظة» ومستعد لإعلانها.. وقال منها التعذيب والاعتقالات وأشياء أخرى يتم كشفها في الوقت المناسب.

إذن لم يكن المؤتمر الشعبي موفقاً بطريقةرده على تصريحات «سارة»، ولا داعي أن يحمِّل في رده حزب الأمة مسؤولية انفصال الجنوب الذي حكمه البريطانيون أصلاً منفصلاً عن الشمال بقوانين المناطق المقفولة، وإذا كان الجنوب انفصل الآن فلماذا يتحمل المسؤولية حزب الأمة الذي سبقه الاحتلال البريطاني؟! فحتى الثورة المهدية الإسلامية استوعبت نضال بعض الجنوبيين ضد بعض محاولات الاحتلال الأوروبي. إن حزب الأمة يمكن أن نقول إنه مسؤول عن انفصال كل السودان عن مصر «البريطانية» حتى لا يستمر تابعاً بعدها لمصر الملكية أو الناصرية، لكن انفصال الجنوب ثمرة لمخطط بريطاني تأخر جنيها إلى «2011م».

صحيفة الإنتباهة
ع.ش[/JUSTIFY]