رأي ومقالات

اللواء ركن (م) يونس محمود محمد : خيارات الإمام


[JUSTIFY]في صحيفة الانتباهة الخميس 28 نوفمبر نقلاً عن صحيفة الحياة، ذكر السيد الصادق المهدي أن ما تبقي للنظام الحاكم (كما يسميه) من خيارات لا تخرج من أحدي ثلاثة، انتفاضة شعبية تطيح بالنظام، دخول قوات الجبهة الثورية للخرطوم بالقوي العسكرية، تسوية سياسية يبتدرها البشير وعقد مؤتمر قومي دستوري قامة نظام حكم جديد.

ومن يتابع أحاديث النهار غير أن لهذه الخيارات شأن مختلف، فالحديث عن انتفاضة شعبية وربيع عربي يفتح أكمام زهر ثم ينسف للريح ناجس عظمها وأهابها شفاءً لما في حدود المعارضة وما تجده الأمنيات المعارضة، ويدق بقايا أو شاب الإنقاذ الصفر فيذرها قاعاً صفصفاً، ثم ينسف للريح ناجس عظمها وأهابها شفاءً لما في صدور المعارضة، وكما تجده تجاه الإنقاذ الوطني من كره ومقت، بالطبع ليس تنافساً من أجل مصلحة الوطن، ولكن جراء حرمان السلطة وفطام من شب علي حب الرضاع، المعارضة والإمام (يوماً معها ويوماً عليها) يقلبون وجوههم قبل المشرق والمغرب أملاً في بوارق سحب ومقدمات رياح بشراً بين يدي التغيير المنتظر،ولكن السحائب الصيفية علي قول المغني (تجافي بلاد وتسقي بلاد) سقت بلاد المغرب العربي، وبلاد الشام واليمن، وجافت السودان، وتلك إشارة للفوارق النوعية بين أنماط الحكم وطبائع الحكام، اعتماداً علي إدراك الشعوب لحقيقة أوضاعها، وقدراتها علي التفاعل والاستجابة العاقلة لا الإتباع العاطفي المقلد، لأن انتفاضة تقصي إخوان الشهداء وتقرب الفشل والعمالة المكشوفة لن يقوم بها شعب السودان يقيناً، إذن فلتمر السنوات ثقيلة تطحن أعصاب المنتظرين رجاء الانتفاضة التي يتناحر المعارضون قبل مجيئها.

وأما الثانية، فهي دخول قوات الجبهة الثورية إلي الخرطوم بالقوة وتبديل الحكم، ولعمري هذه كبيرة من كبائر القول، أن تأتي علي لسان رجل كان في يوم من الأيام رئيساً للوزراء ووزيراً للدفاع، وهو إذ يقر بهذه الفرضية أن تدخل قوات الجبهة الثورية الخرطوم، بعدما تهزم القوات المسلحة في دارفور، وكردفان، والنيل الأبيض، والخرطوم، وتفرق تجمعاتها وتكسر ظهرها حتي يخلو الميدان للثعالب والبعاشيم أن تلهو في عرين الآساد.

إن ظهر القوات المسلحة يا إمام، لم ينكسر يوم وتحريض غزاة مع الجبهة الوطنية بأسلحة وعتاد وتحريض معمر القذافي في 2 يوليو 1976م، وأعملتم القتل العشوائي في المدنيين العزل، ثم قامت القوات المسلحة بالاحتواء، وسمدت أرض الحزام الأخضر بأجساد المعتدين، لأنها تدافع عن عزة وطن وكرامة شعب، ولم يقبل السودان الغزو الصريح حتي من عبد الله بن أبي السرح وهو يحمل شعلة النور والإسلام.

فكانت واقعة رماة الحدق وما تلاها من اتفاقية البقط، ولم يدخل الغزاة السودان لا بحبل من الناس (الخونة علي وجه الخصوص).
وظهر القوات المسلحة يا إمام، لم ينكسر مع طول الصراع مع التمرد المدعوم من كل العالم، الكنيسة والمنظمات، وأمريكا وأوروبا، ودول عربية، ودول مجاورة، ولمدة نصف قرن من الزمان حتي جاءت اتفاقية السلام عام 2005م والقوات المسلحة في كل أمهات مدن الجنوب، وإن كان في بالكم تجربة الهالك خليل في محاولة غزو أم درمان عام 2008م، فإنما تلك عملية انتحارية، نفذت لمصلحة ليبيا وتشاد بما لديهما من أيد علي خليل، وهو يعلم إذ يقوم بها لا يرجو منها نصراً علي القوات المسلحة ولا احتلالاً للخرطوم، وإنما فاتورة واجبة السداد لمن يملك أمره، وما خلا ذلك فإن الجبهة الثورية وكل مسميات الحركات المسلحة لن تجرؤ علي التفكير فيما يفكر به وتدرجه في خانة الممكن، ولكن القوات المسلحة تضعه في خانة المستحيل، وتأسف أن تأتي هذه الجرأة ممن كان في وظيفة وزير الدفاع.

والتزامات الوظيفة المعنوية التي تعتبر فيها القوات المسلحة كل وزراء الدفاع السابقين شركاءهم، ومثابات رأي، ورايات تشريف في كل محافل أعيادها ومناسباتها، لكنها السياسة عند بعضهم هي محض وخيفة وخفية .
إن لسان القوات المسلحة ليقول إن كان خيار الانتفاضة التي راهنت عليها المعارضة قد سقط، فإن الرهان علي قوات الجبهة الثورية أن تهزم الجيش وتدخل الخرطوم وتشكل حكومة (ليس رئيسها الصادق المهدي بأية حال) فإنما هو خيار مستحيل استحالة إدخال الجمل في سم الخياط، واستحالة ابتغاء سلما إلي السماء، واستحالة أن يعود الإمام إلي أيام الصبا والشباب (مع دعوات بطول العمر).

أما الأخيرة في أن يقود الرئيس البشير تسوية سياسية يتم بموجبها عقد المؤتمر (الأسطوري) وتشكل نظام حكم جديد بديلاً للإنقاذ الوطني، فذلكم هو الرئيس البشير، متوفر في مجتمعه في بيوت العزاء والأفراح والمساجد وفي المكتب والمنزل، فأسلوه ذلك الأمر إن رضي لكم قولاً أو تنازل لكم عن الحكم، إن الرئيس البشر إنما هو إرادة انتخابية إلي أجل معلوم، لا يملك حق التنازل بهذه المقايضة والتجارة البكماء.

وأي دهاء هذا أو أية داهية هذه! أن تقدم بين يدي تنازل الرئيس عن الحكم تلك التهديدات! بمعني يا بشير أما أن تتنازل وتسلمنا الحكم، أو تعصف بك انتفاضة شعبية نحن نملك أمر تحريكها، أو نملأنّ عليك الخرطوم خيلاً ورجلاً من قوات الجبهة الثورية فتصفي وجودك ونظامك بالقوة، تلك هي آخر ما في كنانة الأمام الصادق المهدي تجاه نظام الحكم.
ولعل السؤال هل تعلم الجبهة الثورية الآن أصبحت خياراً من اختيارات المعارضة؟ وأنها أي المعارضة تنتظرها (في مقرن النيلين) تماماً عند غروب شمي القوات المسلحة السودانية؟.

صحيفة اليوم التالي
ع.ش[/JUSTIFY]


تعليق واحد

  1. دائما مبدع ياحضرة اللواء ركن (م) يونس محمود محمدوفقك الله وسدد خطاك ادحر الاعداء والخونه وذكرهم بالتاريخ الاسود الملوث بالعماله .

  2. سعادة اللواء متعك الله بالصحة والعقل السليم ودعك من جعجعت المخرفين والعملاء – والله أكبر والعزة للوطن والقوات المسلحة عرين السودان

  3. [SIZE=5][FONT=Arial Narrow]والله ياريت لو ترجع لينا لايام زمان وترجع البرنامج بتاعك بتاع زمان بعد الاخبار ليخرص الخونه والمرجفين فى المدينه والعملاء والمرتزقه لا الكلمة كالرصاصه تماما تصيب الخونه فى مقتل وبالذات اصحاب التاريخ الاسود فى السودان[/FONT][/SIZE]

  4. سعادة اللواء ركن يونس أسألك بالله هذه أول مرة تسمع بها تخاريف الإمام الصادق نحن على مقربة من الثلاثون عاماً منذ أن أطيح به وكل عام (إن لم نقل كل شهر) نسمع من التخاريف هذه ما أشبعنا والإمام هو الإمام.