تحقيقات وتقارير

الرصاص ينهار على مقار الحزب.. واشتباكات عنيفة بالعاصمة جوبا


[JUSTIFY]تصاعدت حدة التوترات بدرجة مخيفة منذ ان اطاح سلفا كير بنائبيه رياك مشار وباقان اموم، وبعض رفقاء درب رئيس دولة الجنوب طوال سنوات الحرب. واشتد الصراع الآن بدرجة وصلت الى محاولة انقلاب كاملة للاطاحة بحكومة سلفا كير الذي وصلت درجة التوتر والاحتقان بينه والمُبعدين عن الحكم حديثاً، بأن كالوا عليه الاتهامات والانتقادات لدرجة ان وصفه نائبه المُقال بالدكتاتور، وانه انتهك الدستور، وانه يخطط الى تمكين قبيلتة (الدينكا) في الحكم.
الاحتقان امس وصل درجة الانصهار التي كادت أن تصيب مرمى حكومة سلفا كير لولا براعة الحرس!
سلفا كيرالذي وضع بعض من أعفاهم بالإقامة الجبرية قبل ان يصدر قرارة الاخير بتجريدهم من كافة الصلاحيات، أعلن امس رسمياً أن جيشه تمكَّن من إفشال محاولة للانقلاب من جانب أحد منافسيه السياسيين. وقال كير «كانت هناك محاولة للانقلاب» وأن القوات الحكومية تسيطر على الأوضاع الأمنية في العاصمة جوبا بشكل كامل وتطارد العناصر التي حاولت القيام بالانقلاب بعدما لاذوا بالفرار.
وادى القتال الى انتشار الذعر والهلع بين سكان المدينة في الوقت الذي اصدرت فيه قوات الامم المتحدة تعميما لأفرادها طالبتهم بالبقاء في منازلهم وعدم التحرك منها .
ناشد الناطق الرسمي للجيش الشعبي فيليب اقوير المواطنين بعدم الخروج للشارع وقال لسودان تربيون ان على المواطنين البقاء في منازلهم حتى نتمكن من معرفة الاسباب التي ادت إلى حدوث الاشتباكات.
وذكرت مصادر عسكرية ان القتال بدأ بعد وصول قوات من الحرس الرئاسي من أبناء الدينكا الذين تم تخريجهم مؤخرا إلى ثكنات الجيش في فيلبام في يوم السبت متزامنة مع بدء اجتماعات مجلس التحرير الوطني للحركة الشعبية للبت في الخلافات القائمة بين مجموعتي سلفا كير ورياك مشار.وقالت المصادر ان ابناء النوير قد نجحوا في السيطرة على الثكنات وطرد القوة المكونة من ابناء الدينكا في الوقت الذي اكدت فيه مصادر اخرى قتل قائد هذه القوة.وأضافت المصادر المتعددة التي تحدثت معها سودان تربيون انه تم نشر الدبابات في المنطقة بعد ان امتدت المواجهات صباح اليوم الاثنين إلى خارج المساكن العسكرية .وقالت ان القتال قد امتد إلى الحي الملكي وحي نمرة تلاتة وحي نياكورن نيم والجامعة وحي بلك حيث توجد قيادة الشرطة كما ان القتال يشمل قيادة الجيش نفسها في فيلبام وليس فقط الثكنات .

رصاص على مقار الحزب الحاكم:
قال ميارديت إن شخصاً أطلق الرصاص في الهواء قرب مقر الحزب الحاكم، مضيفاً أنه «أعقب ذلك هجوم على مقر قيادة الجيش قرب جامعة جوبا من قبل مجموعة من الجنود الموالين لنائب الرئيس السابق رياك مشار. وتواصلت الاشتباكات حتى ساعات الصباح الأولى، غير أن ميارديت أكد أن قوات الحكومة تسيطر بشكل كامل على الأوضاع الأمنية في جوبا».

اشتباكات عنيفة بالعاصمة:
وكانت المصادر قد أشارت الى اشتباكات عنيفة اندلعت بين عناصر من قوات الجيش في جنوب السودان قرب العاصمة جوبا مع الساعات الأولى من مساء الأحد.
وأفاد شهود عيان من جوبا أن أصوات إطلاق الرصاص وبعض الانفجارات كانت تُسمع حتى الساعات الأولى من صباح الاثنين، الامر الذي دفع بعض المواطنين الى مغادرة العاصمة الى مناطق نائية خشية تجدد المواجهات بين القوات الحكومية والقوة التي تتبع للفصيل المناويء بقيادة رياك مشار.
وقالت المصادر بدأ إطلاق الرصاص حسب شهود عيان بشكل متقطع خلال ليلة الاحد ثم اشتدت حدته بشكل كبير مع ساعات الصباح الأولى في موقعين للجيش الأول، وهو أكبر معسكر، ويقع في منطقة بيلبام شمالي مطار جوبا الدولي، والثاني هو معسكر الجبل جنوب العاصمة.
وحسب المصادر فإن المعسكرين اللذيْن شهدا الاشتباكات هما مقران لقوات الحرس الرئاسي.

صراعات سياسية في قالب قبلي:
والمعلوم ان الموالين لمشار من قبائل النوير التي ينحدر منها، بينما ينحدر ميارديت من قبائل الدينكا وهما قبيلتان بينهما تاريخ من المعارك والندية، حيث تتهم قبائل النوير قبائل الدينكا بالسيطرة على المنطقة والسلطة والثروة، بينما يرى الدينكا أنهم من الكفاءات لجهة ان اغلبهم حملة درجات علمية عليا وان اهتمامهم بالتعليم اكبر من النوير الذين تغلغلوا في الجيش الشعبي منذ الثمانينيات لدرجة ان اغلب القيادات العسكرية في الدولة هم من النوير.

احتقان سياسي:
وكان قرار إقالة ماشار وباقان وعدد من القيادات قد أعقبته انتقادات شعبية لأداء الحكومة التي وصفها بالفشل في تحسين الظروف المعيشية في البلاد التي تقوم بإنتاج النفط لكنها لا تمتلك طرقاً وتعاني من تدهور في الخدمات والبني التحتية، بل رياك مشار الذي وقَّع على اتفاقية الخرطوم للسلام كان قد وجه انتقادات لاذعة لرئيس دولة الجنوب الاسبوع الماضي واتهمه بانتهاك الدستور، واصفاً إيَّاه بالدكتاتور.
من جانبه ارسل سلفا كير اشارات وتلميحات خلال اجتماع حكومته الاخير حينما قال إن بعض الرفاق يحاولون جر البلاد إلى ما كان عليه الوضع من انقسام بين فصائل جنوب السودان عام 1991م، في اشارة منه الى انقسامات حقبة التسعينيات التي شهدت انقسامات حادة بين الفصائل المختلفة التي كانت منضوية تحت مظلة الحركة الشعبية لتحرير السودان، والتي قاتلت الجيش السوداني من أجل الانفصال لنحو عقدين من الزمن.

تدخل اممي:
من جانبه دعا ممثل الامين العام للأمم المتحدة جميع الاطراف في جنوب السودان إلى التهدئة.
وقال هيلد جونسون «أطالب جميع الأطراف بوقف إطلاق النار والتهدئة الفورية، وقال انه كان على اتصال فوري بجميع الاطراف لحضهم على ذلك». في الوقت نفسه أكد متحدث باسم الامم المتحدة أن نحو 800 مدني لجأوا إلى أحد المباني التابعة للأمم المتحدة قرب المطار في جوبا للاحتماء هناك.
وأضاف أن 7 مدنيين تلقوا علاجاً من إصابات نتجت عن طلقات نارية بينهم طفل يبلغ من العمر عامين.
من جانبها نفت السفارة الأمريكية في جوبا على حسابها على تويتر لجوء رياك مشار إليها، وأضافت أن البعثة الدبلوماسية تتابع الأوضاع الأمنية في البلاد عن قُرب.

انقلاب في أحدث دولة بأفريقيا:
وتعد جمهورية جنوب السودان أحدث دول في القارة الأفريقية، حيث أعلنت استقلالها عن السودان بعد استفتاء شعبي عام 2011م.
ورغم تجربة الدولة الوليدة في الحكم، إلا انها استطاعت ان تحتوي العديد من المشاكل الجهوية والقبلية، بجانب انها استطاعت ان تنجح في وضع حد للحرب مع السودان، وفي سبيل ذلك اصدر سلفا كير قراراً قبل نحو خمسة اشهر قضى بإعفاء بعض قياداته شملت سياسيين وعسكريين كخطوة لأنهاء الحرب مع السودان وبداية لنهضة تنموية شاملة، هذا فضلاً عن علاقاتها مع بعض دول الجوار.

البشير يهاتف سلفا ويطمئن على الاحوال
أجرى الرئيس عمر البشير امس اتصالاً هاتفياً مع نظيره رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، اطمأن خلاله على الأوضاع الأمنية عقب الأحداث التي شهدتها جوبا، بينما قال الجيش الشعبي في الجنوب إنه أحبط انقلاباً عسكرياً.
وقالت وكالة السودان للأنباء «سونا»، إن البشير أكد خلال اتصاله الهاتفي على أهمية استتباب الأمن والاستقرار في الجنوب لما فيه مصلحة شعبي البلدين الشقيقين. ومن جانبه، شكر الفريق سلفاكير، البشير، على اتصاله واهتمامه بمجريات الأحداث في جوبا، مؤكداً أن الأوضاع تحت السيطرة. وفي نفس الاتجاه، اتصل نائبه الأول الفريق أول ركن بكري حسن صالح مع جيمس واني إيقا نائب رئيس دولة الجنوب اطمأن خلاله على الأوضاع الأمنية عقب الأحداث.
وأكد الجانبان على أهمية استتباب الأمن والاستقرار في المنطقة لما فيه مصلحة شعبي البلدين.

تقرير:عبدالرحمن حنين: صحيفة الوطن [/JUSTIFY]