منوعات

محمد حسن السيد: أنا أسمع المغنى يجلجل صوته فى المركبات , يخدعنا بحسن ظن شاعر – و يصيح بفخر زائف : ” الفينا مشهودة .. عارفانا المكارم نحنا بنقوده ” !!


أخشى اننى قد تورطت فى موت الفنان المرهف بهنس, بلا شبهة التعمد, فقد رأيته للمرة الأولى قبل شهور عندما ساقتنا الخطى إلى القاهرة أنا وصديق عزيز, وبينما كنا نعبرأحد الشوارع فى وسط القاهرة,حيّانا بطيبة فاضحة شاب سودانى أشعث, بائن البؤس من هيئته, وكنت إلى تلك اللحظة أظنه واحداًمن عشرات الذين تاهوا فى الغربة, وعندما مدّ إليه بعض من التشكيليين الذين يرافقوننا ” فكة مصرية !! نعم و الله على ما أقول شهيد ”
, أخذها و بحركة مفاجئة وضعها على الأرض و سجد شكراً بجانبها , ثم قبل يده و مضى فى حال سبيله , و عندما ابتعدنا سألت عنه و قد ساءنى بؤسه – فصعقت عندما علمت من ” زملائه ” من يكون بهنس ؟ .. أضاف ذلك إلى نفسى أطناناً من الذهول و الحيرة , تعاطفت معه كإنسان فماذا بعد أن أدركت طاقته المبدعة و سلوك رفاقه معه ( يخجلنى أن أسمع عنه متأخراً , و لكنها سنة بلادى و إعلامها ).. منذ حينها أصابنى نفور من القاهرة , و عدت فى ظروف شائكة يعلمها كل متابع للشأن المصرى , و كان فى خاطرى أن أصرخ بحكاية بهنس , و لكن إبتلعتنى أحزانى و زحام خيباتى , و واصلت مسيرى و أنا أسمع المغنى يجلجل صوته فى المركبات , يخدعنا بحسن ظن شاعر – و يصيح بفخر زائف : ” الفينا مشهودة .. عارفانا المكارم نحنا بنقوده ” !!
رحمة الله عليك يا بهنس ..
الشاعر السوداني
محمد حسن السيد