رأي ومقالات

عبده الحسني: الحكمة في السودان أم في اليمن ..!؟


تتجلى حكمة الرئيس السوداني عمر البشير كل يوم أكثر وضوحا ,, وذلك عندما فشلت محاولاته وجهوده في إقناع جنوب السودان بالوحدة بالطرق الدبلوماسية والسلمية ..

الرجل وساسته وأبناء شعبة في شمال السودان لم يستخدمون القوة ولا العنف في إكراه وإجبار مدينة جوبا عاصمة الجنوب على الوحدة مع الشمال ولم ينصب قوات الجيش وصية على الوحدة ولن يعطي صلاحيات للقذاف أن تصب حممها فوق رؤوس المدنيين من أبناء الجنوب لعلها تراجع من عزيمتهم وتقرير مصيرهم .

ولم يستعين برجال الدين على إنتاج فتاوى في حين رجال الدين هناك أكثر واصدق واعلم مما نملكه في اليمن ..ولن يستعين بالقبائل المنتشرة في اغلب أقاليم السودان والتي تفوق أضعاف قبائل الشمال في اليمن .

الأخوة في شمال السودان ذو سبق علمي وأدبي وأخلاقي وموروث ثقافي وإعلامي كبير ، لم يستغلوا إعلامهم في تزيف الحقائق أو في قول الزور لم يتحفظوا ولم يتستروا عن نقل الواقع المرير والمطالبة بتقرير المصير وعمل الاستفتاء في الجنوب .. كما هو حال الإعلام الشمالي اليوم في اليمن الذي عكف عن مهنته وانحاز عن دوره الحيادي، وعاد يمارس أسوى أنواع الإعلام في القرن الواحد والعشرون .

ترك الحرية والخيار لاشقاءه في الجنوب أن يقرروا مصيرهم ويصنعون مستقبلهم في عام 2011م . ليس ضعف ولا هوان وليس عجز أو استسلام ، بل هي حالة من الإنصاف والحفاظ على إراقة الدماء وإزهاق الأرواح .. الرجل لم يغامر ويجرب وحدة الإكراه لعلمه أنها حتما فاشلة ولم يكن على استعداد لاستهلاك الوقت لعلمه أيضا أن الشمال بحد ذاتها سوف تكون خسرانة فضلا عن خسارة الجنوب الكبرى .

سيذكره التأريخ يوم رجل وبطل لم يفضل النفط على أرواح أبناء وطنه ودماء أبناء السودان ، ستذكره الألسن بالخير ليقينه أن الأرزاق بيد رب العالمين والطرق إليها كثيرة ..لم يقل السودان سوف تتقاتل إذا انفصلت والأديان سوف تتزايد والمذاهب سوف تنشر والأعداء سوف يتكالبون ، لا لم يقل ذلك بل قال لكم أرضكم ولنا أرضنا لكم مصيركم ولنا ثوابتنا .

وعلى الرغم من أن العلاقة بين شمال السودان وجنوبه لم تكن وليدة عهد أو اثر وحده اندماجيه أو فدراليه بل كان السودان بلد واحدا وحكومة واحده على مدى عصور وتاريخ طويل ولكن رغبة أبناء الجنوب تطلبت انفصالهم وتقرير مصيرهم كحق من حقوق أي جماعة تطالب بذلك وفق المواثيق والعهود والحقوق الدولية .

وهذا خلاف لما نحن عليه في اليمن التي دخلت الجنوب مع الشمال في وحده اندماجيه فشلت على الفور تلتها حروب وانقلابات على المواثيق بدخول قوات الشمال إلى الأراضي الجنوبية والسيطرة والتحكم ونهب خيراتها وتدمير بنيتها التحتية وتشريد وقتل أبناءها .. وهذا يعطي الحق لانفصال جنوب اليمن كأثر استحقاق مما ناله جنوب السودان .. لندرك جيدا أن الفارق يكمن في العقول والتفكير المحصور في مفهوم أن الوحدة لا تعني بالنسبة لهم إلا شحنات محدودة من النفط ..ومع هذا التفكير أصبحت الوحدة في مهب الريح واختفت من الوجود ولم نسمعها إلا على صدى آلسن لأتعقل ولا تعي ما تقول فقط أصبحت عبارة عن أهازيج مفرغة من الحقيقة تفتقد للمنطق ، وبعملهم هذا لن يقنعوا من حولهم أن للوحدة اثر بعد اليوم .

كان البشير أكثر حكمة ودهاء وأدرك أن القوة لن تجبر الشعوب على الوحدة بل اكتفى بحق الجوار ولن يطمع بحقول النفط في جوبا واكتفى بضريبة مرور أنابيب النفط داخل مدينة الخرطوم لتمر عبر منافذه إلى أسواق العالم .

هل في شمال اليمن من عقلاء قوم للاستفادة مما حصل في السودان ، وهل للحكمة اليمنية الشهيرة والمعروفة اثر بعد اليوم ، هل من يدرك مخاطر مغامرات فرض الوحدة بالقوة وتأثيرها السلبي على الشعبين الجنوبي والشمالي أن يقول كلمة حق ليستهدي به الجميع ويقتدي به الآخرين ، خيرا مما تمضي البلاد إلى مستقبل مجهول يرى فيه أبناء الجنوب أن حقوقهم سوف تنتزع وان استقلالهم سوف ينالونه بأي طرق كانت .
عبده الحسني–اليمن — ريتاج نيوز


تعليق واحد

  1. جزاك الله خيرا لقد عقدت مقارنة فائة الروعة وفائقة الوضوح وليت من يجهل يعرف ويتعلم كيف يعقد مقارانات سياسية ، وحتى اؤلئك الذين لاهم لهم سوي التشويه المر لبلادهم ان كانوا في الغرب او في امريكا اصحاب المواقع المأجورة والمنحلة

  2. لا حكمة ولا دهاء للرئيس البشير في موضوع انفصال الجنوب، لان الانفصال تم بتنازلات غير نبيلة وبدون ترسيم للحدود او حسم للوجود العسكري اضافة الى عدم تحديد تبعية بعض المناطق الاستراتيجية، كل ما سبق يمثل قنابل موقوتة تنفجر يوما بعد يوم. وان التكاليف الباهظة التي سيدفعها السودان جراء هذه الاتفاقية المبتورة (نيفاشا) اكبر بكثير من تكاليف الحرب التي كانت مندلعة بالجنوب.

    انا انصح الاخ اليمني بالتركيز على ان يكون اليمن الشقيق دولة واحدة وموحدة، لان قوتكم في وحدتكم وان تعملوا جاهدين في سبيل ذلك حتى لو استدعى الامر تنازلات نبيلة من اجل اليمن. اما اذا أردتم الانفصال عليكم بالاستفادة من الأخطاء الجسيمة التي كانت في اتفاق نيفاشا، حتى لا يكون اليمن عرضة للمزيد من الصراعات والحروب التي لا خير فيها.

  3. الكلام ده قولو لناس ربنا ما خلق ليهم عقول، حكمة شنو العند البشير انت داير تورينا عمر البشير كمان، وموضوع فصل الجنوب ده خليهو انت ما بتفهمو..

  4. كلمك على حكمة البشير هي خيانه خيانه لدماء الشهداء الذين استشهدو في الوحده وبعدين مش ايحين مايشتو وحده نقول حاضر واذا يشتو انفصال عنقول حاضر اعقل