رأي ومقالات

خالد حسن كسلا : نصيب السودان بأغنية تعهد (مشار)


[JUSTIFY]يمكن أن يتحدث الدكتور رياك مشار قائد التمرد داخل الحركة الشعبية الحاكمة في جنوب السودان عن قدرة القوات المتمردة داخل الجيش الشعبي الموالية له على حماية حقول النفط إذا طلبت منه الشركات العاملة ذلك، رغم أن حمايتها تكون بالمنطق من المتمردين الموالين له وبيتر قديت، إذ أن الخطر عليها لا يمكن أن يأتي من قوات جوبا طبعاً ولا من متمردي الجبهة الثورية السودانية التي وجدت نفسها في ولاية خرجت عن سيطرة سلفا كير. لكن لا يمكنه أن يتعهَّد مثلاً بأن تأخذ الخرطوم نصيبها من رسوم عبور النفط الجنوبي حينما يتحقق له طلب وضع عائدات النفط في البنك الدولي أو في حساب آخر بعيداً عن حكومة جوبا كما جاء في الأخبار. أولاً الخرطوم لا تأخذ الرسوم على مياه النيل الأبيض حتى يصعب عليها إيقافها حال عدم دفع الرسوم.

إن الخرطوم تملك (بلف العبور) وتملك عبارة أمر (أقفل يا مكاوي وافتح يا مكاوي) هذه المرَّة. وهذا ما يتأسس عليه حماية نصيبها من النفط العابر للبلاد. لكن بعد أن أقال سلفا كير من هم مسؤولون عن تبديد الأموال الطائلة من عائدات النفط مثل باقان أموم وكوستا مانيبي ودينق ألور وغيرهم، فالخوف عليها مِن مَن في المرحلة القادمة؟!. ثم في فترة وجيزة من الآن حتى الوصول لتسوية سياسية بين المتمردين والحكومة بمفاوضين يدل مشهدهم على أن الحرب ليست قبلية وإنما القبيلة مستخدمة فقط كأداة لإشعال أوارها وتحقيق النصر في هذه الفترة، لكن يكون عائد النفط بعد خصم رسوم عبوره أكبر من الذي ابتلعه الفساد. والمعلومات تتحدث عن سرقة عشرات الملايين من الدولارات. إن تعهد مشار بصون حقوق السودان لا تعدو أن تكون روح أغنية يدعي فيها الشاعر ما لا تطوله يده.

إن تعهده يشبه أغنية (حسنك أمر) التي يؤديها شيخ الطريقة القادرية المتنازل صلاح بن البادية، وكان بعد وفاة والده حينما آلت إليه شياخة الطريقة حسب العرف تنازل لأخيه النيل أبو قرون.. ولكنه لم يبتعد عن طقوس الطريقة فقد ظل يرفد أدبياتها بكل ما يتصل بها.. وأغنيته التي شبهناها بتعهد (مشار) تقول:

حسنك أمر مهما صعب درب الوصول
لازم أصل..
ما بتشكي في دربك حروف وما بتذرف
الدمعات مقل..
لو حتى دربك لو يطول ومين غيرنا نحنا البحتمل..
وإيه يعني في دربك هجير دا الكلو
نيران تشتعل..
وإيه يعني لحظات انتظار للعمر ضاع
من غير عمر..

٭ المواطن في جنوب السودان ليس هو محور الاهتمام، وها هم أبناء الجنوب يتجهون أفواجاً إلى حدود عام (1956م) لعبورها باتجاه عبور نفطهم والتمتع مع السودانيين برسوم عبوره بعد أن حُرموا منذ عام (2005م) من عائدات إنتاجه هناك. وحتى الآن لم يحظ الجنوب بنخبة سياسية تحكمه برشد وتقوده إلى بر الاستقرار وحسن المعيشة. فحتى في الفترة بين عامي (1972م ــ 1983م) وهي ثمرة تنفيذ اتفاقية أديس أبابا، فإن مجموعات من القبائل الإستوائية تحركت لتقسيم الجنوب حتى تستقل من حكم من ينتمي إلى الدينكا أو النوير أو الشلك، مع أن حكم الجنوب آنذاك كان تحت مظلة حكومة (مايو) برئاسة جعفر نميري. والآن يمكن أن يكون تحت الرماد وميض نار لمطالبة الإستوائيين بالاستقلال، هذه المرة ليس لإقامة إقليم مستقل كما كان عام (1982م) وإنما إقامة دولة مستقلة. فمساحة أرضهم أكبر من مساحة دول كثيرة وعددهم أكبر من عدد سكان دول كثيرة أيضاً. أما الاقتصاد فيمكن أن تكون دولتهم تحت مظلة أي اقتصاد خارجي. وربما تكون حجتهم هذه المرة هي أن أبناء القبائل الكبرى الذين لا ينتمون لإقليمهم تسببوا في نسف الاستقرار. ومستقبلاً قد يمر نفط الجنوب عبر أرضهم. ألم تهددنا الحركة الشعبية بتغيير اتجاه عبوره؟!.

صحيفة الإنتباهة[/JUSTIFY]