رأي ومقالات

السودان.. بين أهل العلم.. وأهل الدعوة !


[JUSTIFY]إنني والله أعجب لحال السودان.. وآسى لحال السودان وأرثي لحال السودان.

فالسوداني ضائع مضيع بين أهله..

وأهله الذين ضيعوه هم أهله الذين هم أهله وهم أهل العلم.. وأهل الدعوة.

وأما الباقون من أهله الذين ليسوا من أهل العلم ولا من أهل الدعوة.. فليس لهم في ما يجري في السودان ناقة ولا جمل.. وأصدق أسمائهم أنهم أهل التضييع وأنا أقول ذلك بناءً على المآل.. لا بناءً لا واقع الحال.

فنياق السودان وجماله كلها اليوم- وبحسب واقع الحال- كلها عند أهل التضييع.

وهم قوم لا شأن لهم بالعلم ولا شأن لهم بالدعوة، بل شأنهم ودعواهم… ومبلغ علمهم من الأمر كله شعارات طنانة.. وعبارات رنانة.. واختبارات بنيت على الهوى وعلى الجهل.. وعلى خفة العقل.. وسرعة الانقياد وبرامجهم بنيت على العاطفة والمكاسب العاجلة والاستجابة والانحناء، بل والانبطاح أمام رغبات ذوي الأهواء وذوي الأجندة وذوي المطامع في الداخل والخارج.

لذلك فأهل التضييع اليوم هم فرسان الساحة هم الذين يضرون وينفعون.. فالخيوط كلها في أيديهم.. خيوط السياسة.. وخيوط الاقتصاد والتربية.. وخيوط الإعلام.. وخيوط الأدب.. كل الخيوط حتى ما لا استطيع ذكره كله في أيديهم.

وأهل العلم.. وأهل الدعوة.. يتفرجون ولا يكادون يحركون ساكناً.. فإن فعلوا فلا نكاية لهم في خلل ولا خطل ولا خطأ.

السياسيون لا يجدون ناصحاً ولا هادياً ولا مرشداً.. الاقتصاد يكاد ينهار.. والضوائق تمسك بالمواطن من تلابيبه.. وتخنقه.. ولا مسعف له ولا معين والتربية ترك حبلها على غاربها.. حتى امتلأت المقررات بل فاضت.. ليس فقط بالضعف.. بل بالأخطاء والأخطاء القاتلة.. حتى كتاب الله لم ينجُ من شناعاتهم.

والإعلام أصبح هو المربي والمهذب والمؤدب.. والإعلام ويا حسرتاه على الإعلام وأهله.. فكثير من وسائطه تنقصها التربية.. والتهذيب.. والأدب. ففي كل يوم تظهر في الإعلام داهية.. وفي كل يوم تعلو فوق سطح الإعلام بائقة.

يكفي الإعلام نقداً وذماً وتبكيتاً أنه إعلام تنقصه العبقرية.. وتنقصه القدرة على الابتكار والإبداع.. إعلام يمتهن السهولة.. وما هو في المتناول.. فلا كد ولا جد ولا عناء.لذلك أصبحت له مادة ترويجية واحدة.. ووحيدة.. حتى الإعلام الرصين منه.. وهي المرأة.. الحسناء.. المتبرجة.هل أنا في حاجة إلى تسمية الأشياء باسمائها؟.. أم أن الذي أشير إليه معروف لدى الجميع؟ ومشاهد ومقروء ومسموع؟!.
فمن بالله عليكم لكل هذا سوى أهل العلم وأهل الدعوة؟

ولكن العلم كله أصبح محبوساً في الأكاديميات.. البحوث والإصدارات.. وأمور المعاش.. وقليل منه ذاك الذي يهتم بأمر المعاد.

وكذلك الدعوة.. لا تكاد تجدها إلا على أعداد المنابر عند خطباء الجمعات أو في المساجد عند شيوخ الحلقات أو عند القليلين جداً ممن أكتووا بالذي يجري.. فيقدمون النصح للمصلين عقب الصلوات.. وهو غاية ما يستطيعون.. وقل أن نجد دعوة أو أمراً بمعروف أو نهياً عن منكر في فطانة.. وفطانة المجتمع الواسع العريض.. بمخلوقاته ومؤسساته وأفراده.

قلت وكررت وأقول الآن وأكرر إن صلاح الراعي والرعية منوط بأهل العلم وأهل الدعوة.

وإذا كانت طاعة العالم مستمدة من طاعة الله ورسوله، فإن قوة العالم وثباته على الحق والصدع به مستمد من إيمانه بالله ورسوله وانقياده.. وتوكله وثقته بموعود الله بالنصر والتمكين.

وإذا كان الناس رعية للحاكم.. فيجب أن يكون الحاكم رعية للعالم..في زمان العزة والمجد والقوة.. كانت الرعية تطيع الحاكم وتخشاه.. وكان الحاكم يطيع العالم ويخشاه.. وقف والي على قبر أبي عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي داعياً له ومستغفراً وقال: يرحمك الله أبا عمرو فقد والله كنت أشد خشية لك من الذي ولاني.. وكان الذي ولاه هو أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان.. هذه دولة بني أمية.. وليست دولة الخلافة الراشدة!!.

صحيفة آخر لحظة
ت.إ[/JUSTIFY]