عبد اللطيف البوني

عين في عين سودان


[JUSTIFY]
عين في عين سودان

على شارع الخرطوم/مدني جنوب الشقلة عوج الدرب وشرق جياد الصناعية وقبل اكثر من عشرين عاما كان احدهم مع بداية موسم الامطار يبذر الذرة وينتظر الغيث وفي كثير من الاحيان تنبت البذور ولكن ينقطع عنها المطر فيصبح منظرها حزينا فكان كل المساسقين بين شمال الجزيرة والخرطوم يهتمون لا بل يحنون على هذا الزرع فما ان يعلم احدهم ان هناك امطارا صبت في المنطقة الا ويسأل ان شاء الله تكون صبت في عيش الشقلة ؟
قبل اكثر من عقد من الزمان اختفى عيش الشقلة الحزين وبدأت تنهض مكانه مباني خرصانية مسورة باشجار وفيما بعد علمنا ان هناك مدينة اسمها الامدادت الطبية ستقام في ذات مكان (عيش الشقلة الحزين) فقلنا الحمد لله ان جعل بسلما مكان العيش وتمضي الايام والشهور والسنون ويمد الله في اعمارنا وتنهض مدينة اسمنتية وتلفها غابة اشجار ولكن دون حركة تدل عن ان هناك مخرجات من هذه المدينة ولمن يدقق التبصر يحس كأنما هناك حزنا جديدا منبعثا من المكان يشبه الحزن المنبعث من عيش الشقلة التي تسببت فيه صبنة الامطار
يوم الاحد الماضي رأيت رتلا من السيارات الركوبة الفخمة تدخل ذلك المبني علمت فيما بعد ان وفدا رسميا على رأسه السيد وزير الصناعة الاتحادي الباشمهندس عبد الوهاب محمد عثمان وهو من الذين عاصروا عيش الشقلة الحزين في زيارة للمبنى فقلت في نفسي عسى ولعل ان يطرد صوت العربات الجان الذي يسكن المبنى طالما انه ليس هناك صوت ماكينات . فاقتربت من المبنى وسألت عن الحاصل فاخذت وعدا بزيارة مبرمجة للمبنى التقي فيها بالقائمين عليه فتمت هذه الزيارة صباح الاربعاء الماضي وليتها لم تتم لان محصلتها كانت حزنا وهما وغما وخوفا لا انقضاء له على مصير هذه البلاد التي تهدر مواردها بهذه الجرأة والله العظيم لو ان هذه الحكومة كانت لها كتيبة استراتيجية تسمى الكتيبة التخريبية لتدمير البلاد لما فعلت مايحدث في ذلك المكان
اورد لكم جزءا يسيرا من القصة فهذا المبنى يسمى عين سودان للمحاليل الوريدية نشأ بشراكة ماليزية سودانية وهذه السودانية تتكون من فرد (وزير سابق) والامدادات الطبية مساحة كبيرة من الافدنة من ولاية الجزيرة بقانون الاستثمار وشيد المصنع في مساحة 250 مترا في 250 مترا فقط على احدث المواضفات العالمية وبماكينات المانية حديثة وبتكلفة 30 مليون دولار(رفعت التكلفة لزوم الابتزاز) وتم تدريب الفنيين من مهندسين وصيادلة في ماليزيا ومنهم من امضى عامين هناك.. التصميم يقول بان يبدأ المصنع بانتاج تسعة ملايين زجاجة محاليل وريدية سنويا وباضافة خط تشغيل واحد يمكن ان يرتفع الرقم الى 24 مليون زجاجة تكفي السودان ودول الجوار وكل مدخلات الانتاج ماء وملح وسكر بسيط اي والله العظيم فالان يستورد السودان هذه المحاليل بملايين الدولارات واصحاب الفشل الكلوي يبكون من اعدام محاليل الغسيل بشقيه البروتوني والدموي وهذا المصنع مصمم ايضا لكي ينتجها في رمشة عين
منذ عام 2004 المصنع جاهز للعمل والعاملون يصرفون مرتباتهم ومنهم من ينتظر المعاش الان والترحيل يومي والفول بالبصل متوفر ولم تُنتج ولازجاجة محلول واحدة كل التغييرات التي تمت كانت في المالكين فالماليزيون انسحبوا وباعوا ال51 % التي كانوا يملكونها لشخص سوداني , الوزير السابق باع لرئيس سابق لنادي كبير والامدادات الطبية باقية في انصبتها ال49 % (ماعارف ليه ) والبلاد تستورد المحاليل من كور ومن قنبور ومرضى الكلى يموتون والحكومة تتفرج وانت وانا الاثنين نعيييييييط
وللحديث بقية
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]