تحقيقات وتقارير

الجنوبيون يفرون من جحيم الحرب إلى السودان


[JUSTIFY]لم تكن رحلة الهرب من جحيم المعارك التي دارت بولاية أعالي النيل الجنوب سودانية الغنية بالنفط شاقة وشديدة الأهوال للسيدة لوشيا روبرت وحدها، بل شملت الكثير من الجنوبيين الذين تدفقوا نحو الحدود السودانية منذ الـ25 من الشهر الماضي.

ففي نقطة تفتيش جودة بمنطقة الجبلين بولاية النيل الأبيض السودانية المتاخمة لولاية أعالي النيل تكدس أكثر من 1500 مواطن جنوبي على جانبي شارع الأسفلت الممتد حتى نقطة وانطو الجنوبية.

فلوشيا روبرت وهي من قبيلة الشلك- الثالثة من حيث عدد أفرادها بدولة جنوب السودان بعد قبيلتي الدينكا والنوير- تقول إنها اضطرت للسير علي قدميها بصحبة خالتها ذات السبعين عاما وأطفالها الثلاثة لأربعة أيام دون أن تذوق طعما للراحة.

وأضافت “ماتت ابنة خالتي في الغابات الكثيفة بعد إصابتها برصاصة اخترقت صدرها”، قبل أن تدخل في حالة من البكاء. ثم تقول “كل الناس يموتون بلا سبب”.
أحزان
ويشارك لوشيا الحزن أخريات قلن إنهن تركن أطفالهن وأقاربهن في مدينة ملكال في خضم المعارك الضارية التي خلفت وفقا لروايتهن الكثير من القتلى الذين انتشرت جثثهم في الطرقات وبين الأشجار.

وتسمح السلطات الأمنية السودانية للمواطنين الجنوبيين بشراء بعض الحاجيات الضرورية من سوق منطقة جودة القريب من مقر إقامتهم بفرض رقابة مشددة لمنع تسربهم إلى عاصمة ولاية النيل الأبيض أو مدنها الأخرى.

ويقيم غالب اللاجئين الجنوبيين في خيام صغيرة نصبوها من ثياب أو أقمشة قديمة، فيما فضل أكثر من 2500 من الفارين البقاء في نقطتي وانطو وجودة الفخار المختلف حولها بين الدولتين لوجود أعداد من الجيش السوداني فيهما.

ويقول توماس ريك إنه وأسرته ظلوا يقاومون البرد منذ أكثر من أسبوع، مشيرا إلى أن السلطات المحلية في الجبلين وعدتهم بإقامة معسكر إيواء بعد التنسيق والاتفاق مع الجهات المعنية. ويضيف أنه وطوال رحلة الهروب التي استغرقت أسبوعا سيرا على الأقدام “كانت أصوات القذائف ترعب الجميع قبل النجاة من الموت”.

ويزيد “كان القصف عشوائيا بل كان الجنود يقتحمون المنازل ويطلقون النار بكثافة على كل الناس كبيرهم وصغيرهم”، كاشفا عن ذبح بعض الجنود خمسة أطباء في مستشفى مدينة ملكال لانتمائهم لإحدى القبائل.

مطالبة واستعداد
وطالب الفارون الحكومة السودانية بالسماح لهم بالانتقال لوسط البلاد خوفا من حالات انتقام قد تطولهم في معسكرات اللجوء الحدودية، لافتين إلى أن بعض القبائل ليست لها علاقة بالصراع الذي قالوا إنه “بين قبيلتي الدينكا والنوير”.

وتقدر السلطات في ولاية النيل الأبيض عدد اللاجئين الجنوبيين الذين دخلوا الأراضي السودانية بنحو 7000 شخص.
الأمين العام لحكومة ولاية النيل الأبيض رئيس اللجنة التنسيقية للاجئين الطيب محمد، أعلن استعداد حكومة ولايته لاستقبال ومعالجة أوضاع اللاجئين الجنوب سودانيين، مشيرا إلى نشاط منظمة العون الإنساني التي تمكنت من توزيع الكثير من المواد الغذائية ومواد الإيواء الأخرى.

ويقول للجزيرة نت إن ولايته بالتضامن مع معتمدية شؤون اللاجئين والعون الإنساني قدمت بعض وسائل الإيواء تمهيدا لإقامة نقطة انتظار للاجئين في معبر جودة.

وأعلن أن عدد اللاجئين الجنوبيين الذين دخلوا الحدود السودانية في معبر جودة قد بلغ نحو 1500، في حين يوجد نحو 4000 آخرين في جودة الفخار ونقطة وانطو بالإضافة لنحو 1500 في المقينص الحدودية.

من جهته قدر مفوض عام العون الإنساني سليمان عبد الرحمن عدد لاجئي دولة جنوب السودان بنحو 8124 ألفا يتوزعون بين ولايات النيل الأبيض وجنوب وغرب كردفان والنيل الأزرق.

وأعلن عن استجابة فورية للمنظمات الوطنية لدعم لاجئي الجنوب، وذلك بقوافل الغذاء والكساء والمواد الطبية والكوادر الصحية في مناطق الإيواء بالولايات المذكورة.

الجزيرة نت-ولاية النيل الأبيض [/JUSTIFY]