تحقيقات وتقارير

بدء مفاوضات أديس وقطاع الشمال يطرح القضايا القومية


[JUSTIFY]انطلقت أمس جولة المفاوضات حول منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بين وفدي الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال، وسط ترقبات وتوقعات بانتهاز هذه الفرصة للتوصل إلى حل لهذه القضية..
وشدد رئيس الآلية الإفريقية رفيعة المستوى الذي يقود الوساطة، الرئيس الجنوب إفريقي السابق ثامبو أمبيكي، في الجلسة الافتتاحية لبدء التفاوض، أن الإرادة والرغبة المشتركة للطرفين ستعززان من فرص تحقيق السلام، وأن التفاوض سيتركز على وضع المنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق حسب تفويض الآلية، وأن المرجعية تتلخص في قرارات الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، ودعا الطرفين للمضي في موضوعات التفاوض والتوصل إلى حل ينهي الأزمة في السودان، وقال ضاحكاً إنه اتفق مع إدارة الفندق الذي تجري فيه المفاوضات على إعطائه كل المفاتيح حتى لا يغادر أحد حتى يتم التوصل لاتفاق.

وشدد رئيس وفد الحكومة البروفيسور إبراهيم غندور، على أن الأمل يحدو وفد الحكومة لتحقيق السلام منذ الجولة السابقة في أبريل من العام الماضي، إلا ان الإصرار والتعنت من الطرف الآخر لم يمكن من التوصل لاتفاق، وأعقب تلك الجولة هجوم مسلح على مدينتي أم روابة وأبو كرشولا وقُتل مئات الأبرياء على أساس الهوية القبلية.
وقال إن الحكومة أكدت باستمرار استعدادها للتفاوض كوسيلة وحيدة لتحقيق السلام، والسلام لا يمكن التعامل معه بالتكتيك والمخادعة، وهو ما أكد عليه الرئيس البشير في خطابه الأخير يوم «27» يناير للأمة السودانية.
وأوضح غندور أن وفد الحكومة جاء لهذه الجولة للتحاور مع حملة السلاح في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق للوصول لسلام يجنب أهلنا ويلات الحرب والدمار ويفتح الطريق للتنمية واحترام آدمية الإنسان وتقديم ما يستحقه من خدمات في مجالي الصحة والتعليم ويتمكن من العيش الكريم.. وأبان أن التحاور يتم وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي رقم «2046»، وقرارات مجلس الأمن والسلم الإفريقي في الأعوام «2012» و«2013م»، مشدداً على أن الحوار سيكون حول المنطقتين فقط.
وقطع بشكل واضح أن الحوار في هذه الجولة يجب أن يتركز على الجوانب الثلاثة وهي الملف الأمني والملف السياسي والملف الإنساني، ولابد من الاستفادة من الجهد والزمن والموارد المتاحة لعلاج المرض وليس أعراضه.
وأكد موافقة الحكومة على ما وقعته في السابق على وقف إطلاق النار كما سبق عند استجابتها لطلب للأمم المتحدة في نوفمبر «2013م» لتمكين الفاعلين الدوليين من تطعيم الأطفال في المنطقتين ضد شلل الأطفال، بينما رفضه الطرف الآخر مما أضاع فرصة ثمينة لحماية أطفال السودان في المنطقتين.
وقال غندور إن وفد الحكومة سيقدم طرحه التفصيلي مع التزامه بالوثائق التي قدمها في «25و26» من أبريل في العام الماضي رداً على وثيقة الآلية رفيعة المستوى ومقترحاتها لحل قضية المنطقتين المقدمة في 17سبتمبر 2012م، مؤكداً أن الحكومة تمضي بنفس الجدية والعزم والتصميم حتى يتحقق السلام.
وقال إن الاتفاق على السلام سيدعم الحوار الوطني بين كل القوى السياسية السودانية التي أكدت بلا استثناء موافقتها على الحوار وتلبية دعوة ومبادرة رئيس الجمهورية.
من جانبه أصر وفد قطاع الشمال كما جاء في كلمة رئيسه ياسر عرمان على التصلب والتمسك بمواقفه السابقة، حيث تجنب عرمان الحديث صراحة عن قضايا المنطقتين، وخرج من إطار التفويض وبدأ يتحدث عن ضرورة مناقشة حلول شاملة للأوضاع في السودان وطرح قضية دارفور وما أسماه الحرب في شمال كردفان ومناطق أخرى في السودان، وكرر كثيراً من الدعاوى السابقة حول التحول الديمقراطي وانتهاكات حقوق الإنسان والحل الدستوري في السودان، وأكد تمسكهم بضرورة مناقشة الملف الإنساني وفتح الممرات حتى يصل الغذاء إلى المناطق التي تشهد الحرب بما في ذلك دارفور. وطالب بحوار شامل في إطار موحد تشارك فيه الجبهة الثورية المتمردة.
عرمان قال عقب انتهاء الجلسة إنهم لا يعتقدون أن مشكلة جنوب كردفان والنيل الأزرق تنفصل عن قضايا السودان كله، وكرر: جئنا لحل دستوري شامل في السودان وسنختبر مصداقية المؤتمر الوطني في مبادرته الأخيرة وجدية الرئيس البشير بعد خطابه الذي وعد فيه الشعب السوداني بآمال كبيرة.
عقب الكلمات الثلاث من ثامبو أمبيكي وعرمان وغندور اختتمت الجلسة الافتتاحية ورفعت لعقد جلسات مغلقة بين الوفدين لبدء نقاش القضايا التي يشملها التفويض حول المنطقتين فقط كما قال أمبيكي.
تحضيرات قبل بدء الجولة كل الأجواء يوم أمس كان يسودها الترقب والحذر والانتظار بفندق «راديسون بلو» وسط العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، حيث انطلقت أمس جولة من المفاوضات بين الحكومة السودانية وقطاع الشمال بالحركة الشعبية حول أوضاع المنطقتين «جنوب كردفان والنيل الأزرق» بعد اكتمال حضور كل الأطراف المشاركة، طرفا التفاوض والوساطة الإفريقية وعدد من المبعثين الدوليين وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية وحكومة جمهورية إثيوبيا.

رتبت الوساطة لهذه الجولة بمنهج مختلف نوعاً ما، حيث تركت لطرفي الطاولة التفاوضية فرصة الإقامة معاً في فندق واحد حتى يسهل التلاقي والتفاكر والتشاور، إضافة إلى اعتماد أسلوب مباشر ومرن وواضح حتى تكون هذه الجولة هي الأخيرة والختامية والحاسمة.

خصص الطابق الذي يلي الأرضي في الفندق بقاعاته ومكاتبه وممراته لهذه الجولة التفاوضية، حيث خصصت قاعات صغيرة للاجتماعات الجانبية واجتماعات الوفدين الداخلية والتشاورية، بطاولات اجتماعات ومكاتب للسكرتارية، بينما خصصت قاعة متوسطة الحجم ومكاتب وصالة استقبال للآلية الإفريقية رفيعة المستوى التي يقودها الرئيس الجنوب إفريقي السابق ثامبو أمبيكي يعاونه كرئيس مناوب الرئيس النيجيري الأسبق عبد السلام أبو بكر.
وجد في مكان التفاوض وانخرط في لقاءات جانبية المبعوث الأمريكي دونالد بوث ترافقه أمريكية سوداء هي كبير موظفي ملف السودان بالخارجية الأمريكية ومكتب المبعوث، كما وجد أيضاً المبعوث النرويجي وعدد من ممثلي الحكومات والمنظمات المهتمة بهذه القضية.

وجاء مرافقاً لوفد الحكومة كل من د. منصور خالد وسفير جوبا لدى الخرطوم الذي غادر قبيل انطلاق الجولة التفاوضية إلى مقر مفاوضات دولة جنوب السودان مع متمرديها.
الاجتماعات الجانبية ابتدرت الوساطة عقب ظهر أمس، الاجتماعات الأولية التمهيدية المخصصة لوضع الأجندة التفاوضية، والتأكيد عليها وعل« المنهج التفاوضي نفسه والموضوعات محل التفويض، والتقت الوساطة بكل وفد على حدة، ثم أردفت ذلك باجتماع مشترك لرئيسي الوفدين مع أربعة من كل وفد في صيغة «4+1» .

وحرصت الوساطة على إبلاغ كل طرف بأهمية هذه الجولة، وموضوعاتها المحددة وحدود التفويض الممنوح لها والأسلوب الذي تتبعه في ذلك.
لقاء الوفد الحكومي اللقاء الأول كان مع وفد الحكومة الذي يقوده البروفيسور إبراهيم غندور الذي وصل أديس فجر أمس، ويضم الوفد قيادات سياسية وعسكرية وأمنية وممثلين لأحزاب ورموز وقادة شعبيين من المنطقتين. ملخص ما دار في هذا الاجتماع لخصه البروفيسور بأن الحكومة متمسكة بالحوار حول القضايا الأساسية في المنطقتين وهي الأمن والملف السياسي والإنساني، وأنها لن تناقش أية قضايا أخرى.
أشياء لافتة كان أبرز ما لفت الإنتباهة حتى لدى الوسطاء والمراقبين هنا في أديس وصول وزير الدولة الأسبق بالإعلام والقيادي السابق بالمؤتمر الوطني الذي تم فصله قبل فترة فرح إبراهيم عقار، وانضمامه لوفد الحركة الشعبية قطاع الشمال، ووصل عقار من الخرطوم على ذات طائرة الخطوط الجوية الإثيوبية التي أقلت البروف غندور ووفده، وقالت الأوساط المتابعة للتفاوض إن هذه قمة الحرية في السودان أن يرافق أحد مؤيدي الحركة الشعبية قطاع الشمال التي تحمل السلاح وتقود التمرد ضد الدولة وفد الحكومة ومن قلب الخرطوم لمكان التفاوض، وألمح عقار أنه جاء بناء على دعوة من الحركة الشعبية قطاع الشمال التي أرادت أن تستفيد من خبراته في التفاوض وأن الواقع السياسي في السودان قد تغير بعد خطاب الرئيس البشير الأخير.
وفد قطاع الشمال يخلو من القادة خلا وفد الحركة الشعبية قطاع الشمال من القيادات السياسية البارزة في القطاع، كما أن الخبراء الذين تحدث عنهم عرمان وادعى أنهم قد تلقوا دعوة بالمشاركة، لم يحضر منهم أحد سوى فرح عقار الذي تجنب لقاء وفد الحكومة خاصة أبناء النيل الأزرق. ويضم وفد قطاع الشمال، جقود مكوار القائد الميداني في جنوب كردفان، ونيرون فيليب وأحمد عبد الرحمن سعيد وبثينة إبراهيم دينار ومبارك عبد الرحمن أردل وهاشم أورطة وفرح عقار وبكري عبد الباسط وسيلة موسى وأحمد العمدة وازدهار جمعة الوزيرة السابقة قبل انفصال الجنوب في الولاية الشمالية.

أديس أبابا: رئيس التحرير
بدأت أمس بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا بفندق راديسون بلو، الجولة التفاوضية بين وفدي الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال، بعد تضارب في مواعيد انعقادها وتأخرها عدة ساعات. وشهدت أروقة المفاوضات قبيل انطلاقها بشكل علني ورسمي الكثير من المشاورات والاجتماعات التحضيرية بين الآلية الإفريقية رفيعة المستوى بقيادة الرئيس ثامبو أمبيكي رئيس جنوب إفريقيا السابق، وكادت بعض المواقف المتعارضة مع تفويض الآلية بشأن حصر المفاوضات حول المنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق تعصف ببدء الجولة.
وقال أمبيكي في الجلسة الافتتاحية التي عقدت في السادسة من مساء أمس حسب توقيت أديس أبابا، إن مرجعية التفاوض هي قرارات مجلس السلم والأمن الإفريقي وقرار مجلس الأمن الدولي رقم «2046» الخاص فقط بالمنطقتين، ولا يوجد تفويض للوساطة لمناقشة قضايا أخرى، ودعا طرفي الحوار إلى الاتفاق وجعل هذه الجولة هي الأخيرة والحاسمة، وقال: «لن نغادر هذا الفندق مقر المفاوضات إلا بعد التوقيع على اتفاق». وقال رئيس وفد الحكومة المفاوض مساعد رئيس الجمهورية بروفيسور إبراهيم غندور إن وفد الحكومة جاء لمناقشة وضع المنطقتين وفق قرارات مجلس السلم والأمن الافريقي في 2012 و2013م، وقرار الأمم المتحدة رقم «2046»، وأضاف أن الملفات الثلاث وهي الأمني والسياسي والإنساني هي التي ستعكف على الحوار حولها الحكومة عبر وفدها، وأكد الالتزام القاطع بضرورة التوصل لاتفاق وتحقيق السلام حتى يتجنب مواطنو جنوب كردفان والنيل الأزرق ويلات الحرب والدمار، مشيراً إلى أن الحكومة ظلت تسعى للسلام والاستقرار وتعلن استمرار موافقتها على التفاوض. وقال إن الحوار الوطني والوفاق بين كل القوى السياسية السودانية سيعزز فرص تحقيق السلام في السودان ويدفع في اتجاه الاستقرار، وقال: «لا بد من تصويب الجهد والاستفادة من الزمن المتاح والموارد المتوفرة لعلاج المرض وليس أعراضه».
فيما دعا رئيس وفد الحركة الشعبية قطاع الشمال ياسر عرمان إلى معالجة كل قضايا السودان بمناقشتها في هذه الجولة، ومنها الوضع في دارفور وشمال كردفان وقضايا التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان وجرائم الحرب، ودعا إلى إطار موحد للمفاوضات تشارك فيه الجبهة الثورية.
وأثارت تصريحات عرمان حول ضرورة مناقشة القضايا القومية بعض التساؤلات والتعقيدات في أروقة المفاوضات التي كان المبعوث الأمريكي دونالد بوث والمبعوث النرويجي أبرز الحاضرين فيها، ونقل بوث لوفد قطاع الشمال وبعض الصحافيين أن تفويض الآلية هو جنوب كردفان والنيل الأزرق، وأن قضايا السودان الأخرى يجب أن تناقش في إطار خطاب ومبادرة الرئيس البشير الأخيرة التي رأى أنها تمثل فرصة جيدة.

صحيفة الإنتباهة
[/JUSTIFY]