جعفر عباس

ليس كل صاحبة عيال «أمّ»


[JUSTIFY]
ليس كل صاحبة عيال «أمّ»

(أخوكم/عمكم/ صاحبكم (كل شيء إلا جدّكم) على سفر طويل، لظرف طارئ جدا، ومن ثم سامحوه لأنه سيعيد هنا نشر مقالات قديمة بعد تنقيحها، إلى أن يفرجها صاحب الفرج قريبا بإذنه).
بعد بحث دام شهرا عثرت الشرطة في مدينة ليدز بانجلترا على الطفلة شانون ماثيوز، التي اختفت في طريق عودتها من المدرسة، وأنفقت الشرطة أكثر من خمسة ملايين دولار للبحث عنها برّا وجوّا.. تعاطف الملايين مع أمها كارِن ماثيوز وهي تناشد الناس ان يساعدوها على العثور على ابنتها الحبيبة وهي في حالة انهيار تام، صحيفة ذا صن وحدها رصدت جائزة قدرها 90 ألف دولار لمن يعثر على شانون.. في حين كانت الجائزة المعروضة من قبل الشرطة لنفس الغرض 50 ألف دولار.
عثرت الشرطة على شانون بنت التسع سنوات في شقة في ضاحية في مدينة ليدز.. كانت مربوطة بحبل يتدلى من السقف، يسمح لها بالوصول الى مختلف أنحاء الشقة ما عدا الباب الخارجي.. نقلوها الى المستشفى واكتشفوا أن جسمها يحوي جرعات عالية من العقار المهدئ (تيمازيبام).. من اختطف شانون – واسمه مايكل دونوفان – هو خال «صديق/عشيق» أمها كارن ماثيوز، ولكنه فعل ذلك بأوامر منها.. أوامر وليس «رجاء».. قالت له: تخطف بنتي شانون في يوم كذا في طريق عودتها من المدرسة، وما لم تفعل ستتعرض للقتل، ولو نجحت في اختطافها «ينوبك من الطيب نصيب» لأن المسألة فيها فلوس.. وكما تعلم يا غبي فإن الناس يتعاطفون مع ذوي الأطفال المختطفين وسنربح من العملية بطريقتين.. تأتينا التبرعات لنقوم بعمليات بحث بواسطة مخبرين خاصين.. ثم – وفي توقيت معين – تجعل شانون تسير وهي مخدرة أمام متاجر بها كاميرات فيديو في واجهاتها، ثم تدخل أنت في الصورة و«تتعرف» عليها وتتصل بالشرطة وتكون جائزة العثور عليها من نصيبك.. بس أوع تصدق نفسك.. تتسلم الفلوس وتجيني دوغري.. وأنا أبقششك.
طوال 24 يوما وكارن تواصل أمام الكاميرات انتاج الفيلم الهندي عن «بنتي الحبيبة الأمورة»، وكرست كل وقتها وجهدها لتمثيل دور الأم المكلومة.. وما هو أنكى من ذلك أنها ظلت تسعة أشهر قبل مسرحية الاختطاف تعطي شانون أقراصا مهدئة لضمان ان تكون «مستوية على الآخر»، أي في حالة تبلد ذهني عند لحظة التنفيذ.. هذه امرأة لا تستحق لقب «أمّ» الذي يساوي كنوز الدنيا كلها.. باعت أسمى العواطف نظير مبلغ تافه.. والشاهد يا أعزائي هو أن الجري وراء «المادة» صار ميسما لعالمنا المعاصر.. ونحن مازلنا بخير الى درجة كبيرة، لكوننا لا نزال نعرف التراحم والتكافل، ولكن فيروس «السعار» المادي بدأ ينتشر في مجتمعاتنا.. صرنا نسمع حكايات محزنة عن أشقاء يتحاربون باللسان واليد على التركات.. وعن عقوق أبناء أنفق الوالدان القليل الذي عندهما ليربوهم ويعلموهم، ولما اشتدت سواعدهم «رموا» الوالدين.. الإنسان السوي ينسى ملذاته ورغباته بمجرد ان يرزق بالذرية ويكرّس ماله وجهده لإسعاد العيال.. وأقول – بكل فخر – انني عشت سنوات من البهدلة والفلس المادي، لأوفر لأكبر أولادي تعليما يجعله يقف على قدمين قويتين، والله لم أكن أملك أكثر من قوت أسبوع عندما ركب الطائرة متجها الى حيث جامعته، فوقف بدوره معي في معركة تعليم أشقائه الذين يصغرونه.. ودخل ثلاثة من عيالي الحياة العملية ولكنني مازلت أجد سعادة عارمة في سداد فواتير هواتفهم حتى باتوا يحسبون ان شركة الاتصالات تعطيهم خدمات مجانية.. متعة الأمومة والأبوة في العطاء.. بل إن في إعطاء الآخرين من غير ذوي الرحم متعة تفوق متعة الأخذ.

[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]


تعليق واحد

  1. الامومه ياود اباس كلمه ومعني ومهم عملت الام من جرائم تجاه اطفالها لاينقص ذلك من امومتها في شئ! امك ثم امك ثم امك كما في الحديث الشريف وفي الايه ما معناه حملته امه وهنا علي وهن وفصاله في عامين,وفصاله في عامين كذلك تعني العنايه والرعايه والصبر عليه؟وفعلا الرجل الذكي الذي يكرس ماله ووقت وجهدة لاسعاد اطفاله! والمراة عمرها لاتوصف بانها ماديه ؟لانو المادي زول بخيل فهل المراة بخيله:confused: المراة التي تفزع القروش مثل الدجاج بخيله؟ ونعم هنالك اشقاء يتقاتلون علي ميراث اخوهم وهو حي بهدم حياته وزرع الفتن والاحقاد في قلبه تجاة ابناءه ومن ثم عمل توكيل ليهم بالاملاك تصورا:mad: فكيف نكون بخير ومن اين ياتي الخير:confused: 🙁 😡