تحقيقات وتقارير

سريان العد التنازلي لمائدة المفاوضات الجديدة.. ما المنتظر


[JUSTIFY]أيام قليلة انعقدت فيها المفاوضات بين قطاع الشمال والحكومة؛ أقل حتى من عدد الأيام التي كان متوقعاً لها أن تستمرّ، وأكثر منها المهلة الزمنية التي علقت بسببها المفاوضات. جولة قصيرة جداً بحسابات المراقبين، بدا فيها طرفا التفاوض في حالة شحّ، لترجمة اتفاق وصيغة توقف الحرب وتصنع السلام، تعلق فيها رؤساء الوفدين على الاحتمالات الداخلية والنظر للخلف. عرمان تتنازعه فكرة توفيق أطماع الحلفاء. الجنوب الذي يوفر الحاضن، حركات دارفور التي تشد طرف حزامه، في بال الرجل أيضاً، بالإضافة لوصايا الدول الكبيرة ورؤيتها لعملية السلام.

غندور في الجهة الأخرى تتنازعه هواجس المقعد الجديد وإحراز النقاط، يتفرّس موطئ قدمه حتى لا تنزلق على اتفاق أشبه بـ(نافع عقار). عينه اليمنى في طاولة المفاوضات تتفحّص أوراق عرمان، الممسك بها في عناية شديدة، وعينه الأخرى في الخرطوم، تتابع سيل الأحاديث التي تترى في صحفها ومجالس أنسها السياسي. هذا الوضع بمقاييس العرف التفاوضي مبعثر، لا يمكن أن تتمخّض عنه معاهدة توقف دوي الكاتيوشا وقاذفاتها التي ألهبت ظهر مواطني جنوب كردفان. الحوار المتزامن بالداخل حسب المراقبين كان يمكن أن يلقي بظلال باردة على سخونة الأجواء في أديس أبابا، بحكم أن روح الحوار أصبحت هي السائدة في جميع الملفات السودانيّة، بيد أن ذات المراقبين يرون ضعفاً بائناً في قدرة القوى الداخلية على تحريك العملية السياسية لتكوين محصلة قوية تصبح دافعاً للقطاع، وتحفزه في تسريع تقاربه مع الحكومة، وتوقيع اتفاق ينهي أزمة الحرب.

المراقبون يبررون لعدم القدرة والعجز لتباين وجهات النظر داخل تحالف المعارضة العريض، الذي أصبح منشقاً بعد قبول زعيمي الأمة القومي والمؤتمر الشعبي بالحوار، وتخندق الأحزاب الأخرى في موقفها الساعي لإسقاط النظام، أما العمود الثالث الذي تمثله الأحزاب المتحالفة مع الحكومة، فهي دائماً في موقف يتماهى مع طرف الحكومة، وظل صامتاً عن إبداء رأيه حول العملية التفاوضية، ولو النصح لها بتسريع العملية السلمية، وتتويج غاياتها. لكن أيضاً دعا رئيس حزب الأمة الصادق المهدي قطاع الشمال للعودة إلى المفاوضات والامتناع عن التصعيد العسكري أو التهديد به، مطالباً بأهمية إعطاء الوضع الإنساني أولوية قصوى، وعدم عرقلة وصول الإغاثات للمتأثرين بمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وطالب بيان صادر من الحزب جميع الأطراف بالالتزام بالاتفاق الثلاثي الموقع من قبل الطرفين مع الآلية الأفريقية، داعياً الوساطة الأفريقية وأطراف النزاع للدخول في حوارات عميقة تحقق السلام والأمن بالمنطقتين، مطالباً الطرفين بالقبول بمجلس قومي للسلام يضم جميع أصحاب الشأن لحل قومي لقضية المنطقتين، وأكد الحزب أن الحل الوحيد لمشكلات البلاد هو الحوار الوطني مع كافة الأحزاب والقوى السياسية، داعياً الطرفين لقبول الحل القومي السلمي بالتفاوض الذي يفضي لحل جميع قضايا البلاد ويحقق الوحدة الوطنية، وتعتبر هذه إشارة قوية على قبول القوى الداخلية وقناعتها بالسلام والحوار.

يذكر للصادق أيضاً أنه أدان خلال مؤتمر صحفي في الخرطوم في فبراير من العام الماضي رفضَ حزب المؤتمر الوطني الحاكم التفاوضَ مع مقاتلي الحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع الشمال)، ووصف وقتها موقف المؤتمر الوطني بالسياسة النعامية لتجاهله قوة، قال: إن لها سنداً شعبياً ومطالب حقيقية. مثل هذه المواقف قد تقرب الشقة بين أطراف التفاوض وتنزع عنهما غلّ المواقف السياسية والتصنيفات، باعتبارها تمثل رأي أحد أهم القوى السياسية بالداخل، كما أنها تدفع بعملية التفاوض لتتكامل مع الحوار الداخلي.

حسناً؛ أيام قليلة ويعاود الفرقاء الجلوس في جولة جديدة في ظل أوضاع معقدة محيطة بالبلاد، قد تنتهي بمثل ما بدأت، وتعاود أصوات الكاتيوشا مثل ما قصفت قوات قطاع الشمال بعد ساعات من انهيار الجولة الأولى مدينة كادوقلي، ويصل إلى مسامع الحركة وعيد وزير الدفاع الفريق عبد الرحيم محمد حسين بعمليات الصيف، بينما الأوضاع أكثر تعقيداً على الصعيد الإقليمي في الحروبات التي تفجرت في عدد من دول أفريقيا ليس آخرها المجازر التي تجري في “بانقي” وباقي مدن دولة أفريقيا الوسطى، فضلاً عن الأوضاع الداخلية التي تعايشها البلاد في تدهور الاقتصاد، وضنك معيشة المواطن، ومعاناته المتضاعفة بسبب عدم استتباب الأمن، وهي حسب رأي المراقبين مؤشر خطير وناقوس خطر يدق على طاولات التفاوض أن تكون جادة في جولتها القادمة، وأن تتقدم خطوات تنعش بها آمال الشعب السوداني الذي ينتظر -على أحرّ من الجمر- مخرجات إيجابيّة للعملية، عساه ألاّ يكون مثل المنتظر لغودو، بطل مسرحية الكاتب العالمي صمويل بيكيت. فغودو هو المخلص لحالة الترقب والانتظار لرجلين فقيرين ومعدمين، ينتظرانه في قارعة الطريق.. وللمفاجأة، فهو لا يأتي أبداً

حسن محمد علي: صحيفة اليوم التالي [/JUSTIFY]


تعليق واحد

  1. هؤلاء المتمردون الذين باعوا أنفسهم وضمائرهم وأوطانهم للشيطان الأكبر (امريكا اسرائيل) وعلى رأسهم ياسر عرمان ومالك اقار اير وعبد العزيز الحلو وعبد الواحد نور ومنو اركو مناوي وجبريل وغيرهم آخرون ظاهرون وآخرون متخفون هؤلاء تورطوا بعد قبض الثمن الأول واصبحوا كالفتاة التي تم فض بكارتها بالحرام فأستسهلت الدعارة طريقاً وهي مجبرة ، هؤلاء يفعلون ما يفعلون تحت مسمى (مجبر أخاك لا بطل) فهم بعد قبض الثمن الأول الدولاارات التي سال لها لعابهم في البداية – بعدها تآكلوا وتأكدوا تماماً أنه لا رجعة لهم مما هم فيه (فطريقهم مسدود مسدود مسدود) فمهمة الدولارات انتهت وبقيت فوهة المسدس مصوبة على رؤوسهم فإما المضي قدماً وتنفيذ الأجندة الصهيوامريكية وإما التصفية الجسدية (القتل القتل القتل) .
    شاهدت لهم صورة جماعية ، وتمعنت فيها ، والله إن حالهم يغني عن سؤالهم أجساد بالية منهكة متعبة تحمل الهموم والغموم والرهق والتعب ، وجوه مسفرة ترهقها قترة مما هم فيه من ألام وعذاب ومعاناة ،ولكن هيهات أن يتخلص الواحد منهم مما هو فيه إلا بالموت !!
    في غفلة من هذا الزمان اعتقدوا أنهم أبطال ومناضلون زوراً وبهتاناً ولكنهم لم يصدقوا أنفسهم لأنهم يعلمون الحقيقة المرة وهي مجبر أخاك لا بطل وإلى الجحيم لمن رهن حياته واسلم روحه لليهود والنصارى واعتاش على دماء اهله وعشيرته ووطنه !!