رأي ومقالات

مبارك البلال : قصة (الكتاب الأمنية) التي كان يحلم بها الراحل عوض محمد أحمد منذ عشرين عاما!


لا أدري تحديدا متى بدأت علاقتي بالزميل الصحفي عوض محمد أحمد ولكن ما أذكره أنه أطل علينا ذات نهار جميل بمباني صحيفة (السودان الحديث) التي كانت تصدر عن دار الثقافة للطباعة والنشر بمباني جريدة الصحافة الأولى وكان ذلك عام 1990، حيث كانت أول صحيفة سياسية في عهد الإنقاذ الوطني ثم تلتها جريدة (الإنقاذ ثانيا) وكنا نعمل وقتها بسكرتارية التحرير التنفيذية.

ومنذ أن رأيت الحبيب عوض محمد أحمد ,كان كما هو مداعبا وشفيفا وصريحا وواضحا بل كان يحضر إلينا في مبنى صحيفة( السودان الحديث) ليقوم بتسليم الزميل المهاجر حاليا صديق عوض الذي كان يحرر صفحة الفنون بالصحيفة مواد فنية لكي تنشر عبر العدد الاسبوعي واذكر كان عوض مهموما أول مارأيته في تلك الأعوام بانتاج كتاب فني ضخم عن فنان تباريح الهوى الشفيف محمد ميرغني وبالمناسبة هو ابن عمه، ولا ادري ان تحققت له تلك الأمنية التي كانت تراوده قبل أكثر من عشرين عاما.وأنا أعود أدراجي لأرض الوطن بعد فترة غياب امتدت لسبع سنوات، تحديدا صيف العام الماضي كنا قد قمنا بزيارة محببة وجميلة لمنزل الزميل عوض محمد أحمد بضاحية الدروشاب برفقة صديقي الناشط الثقافي أحمد فلاح الأمين العام لدار فلاح لتطوير الغناء الشعبي ذات نهار حارق، وكانت تلك الزيارة تحمل كثيرا من الدلالات المحببة إلى نفسي أولها معاودة المريض ورابط الزمالة والعشرة النبيلة والصداقة الصحفية.وبعد فترة (السودان الحديث) التي قضاها معنا الزميل عوض محمد أحمد ولا ادري إن تحققت له تلك الأمنية أم ماذا أصابه جراء أكثر من عشرين عاما فبعدها انتقل عوض إلى العمل بصحيفة (قوون) محررا ومسئولا عن صفحتها الفنية التي كانت تحدث ردود أفعال قوية صباح نشرها كل اسبوع.. بل كان مكتبه الضيق مساحة يسع كل ألوان الطيف الفني والثقافي والاجتماعي والرياضي، وكنت أزوره من لحين لآخر خاصة عندما تكون (العكة مدوّرة) جراء نشره لخبر أثار ردود أفعال في الوسط الفني، وكانت الشكوى قد كثرت من قلم عوض بل قد وصلت إلى سداة المحاكم ومنصاتها خاصة قضيته الشهيرة مع فنان شعبي كبيروالتي بعدها علمت أن إدارة الصحيفة (قوون) قد تذمرت من كثرة الشكاوي والقضايا الخلافية مما سهل على ادارتها الاستغناء عن خدمات الزميل عوض محمد أحمد بسهولة.. خاصة وأن بالأفق كانت تلوح (أضواء) صلاح ادريس (الجريدة) و (المجتمعية) وما أدراك ما صلاح ادريس وقتها..!!وأذكر كان قد حجز الأخ والزميل العزيز عوض محمد أحمد مقعدا في تجربة (الأضواء) الصحفية وبعدها تزوج وفتحت عليه الأرزاق الفنية مثلما الأرزاق الربانية، بل كان قريبا جدا من رجل الأعمال صلاح ادريس والذي أطلق اسمه على أحد أبنائه تيمنا به، ربنا يبارك فيهم ويصلح حالهم أمين يارب العالمين، وبعد أن توقفت تجربة (الأضواء)، دخل الراحل عوض في تجربة صحفية جديدة حيث توجه إلى عمارة (دوسة) ليشارك في رئاسة تحرير صحيفة (الحلوة) التي لم يكتب لها النجاح ويا سبحان الله فعمارة (دوسة) هذه وئدت فيها كثير من التجارب الصحفية خاصة السياسية والاجتماعية والفنية التي عملنا فيها مع زملاء اعزاء في فترات سابقة وفي مناصب مختلفة. وعلى ما أظن أن الزميل عوض محمد أحمد بعد فشل تجربته في (الحلوة) و (دوسة) قرر أن يغير المجال الصحفي إلى عمل آخر ففتح عددا من (المغاسل الأوتوماتيكية) ببحري حي المزاد جوار استاد التحرير وكنت قد سجلت له زيارة بالمحل الذي كان يديره صديقه العم الحاج (رحمة) الموسوعة المجتمعية البحراوية والصديق الشخصي للفنان الراحل خوجلي عثمان وكان يأتي إلينا في القاهرة كل عام لمواصلة علاجه من مرض الغضروف اللعين بل هو من أخبرني بقصة مرض الزميل العزيز عوض قبل أكثر من عام . وعندما دخلنا والصديق العزيز أحمد فلاح إلى منزل الأخ الحبيب الراحل عوض بالدروشاب في تلك النهارية الحارقة قبل عام تقريبا كانت نفسي تعصرني ألما وحسرة، لأنني لم ألتقه منذ أكثر من عشر سنوات وكان المرض اللعين قد هد جسده الناحل، بل كان يهاتفني من حين لآخر وأخبرني بتوليه رئاسة تحرير (الحلوة) ثم أنه غير المجال نهائيا من خلال مشروع تلك المغاسل الاتوماتيكية التي عملها، ويا سبحان الله وأنا في الخرطوم في تلك الأيام اتصل علي الاستاذ حسين خوجلي ليسألني عن صحة خبر مرض العزيز عوض محمد أحمد الذي كان قد سافر إلى القاهرة بعد أن أوصى الأطباء بذلك فقمت بالاتصال بالأخ الحاج رحمة الذي أكد لي صحة ذلك الخبر واعطاني تلفون عوض بالقاهرة فقمت بالاتصال به مباشرة و بسعادة المستشار الثقافي د/ ابراهيم محمد آدم ليقوم بزيارة عوض حيث نزل، وقابل الراحل الأطباء بمصر فطمأنوه على صحته ولكن نصحوه بمواصلة العلاج الكيماوي في السودان. وأنا أجلس إلى جواره بحافة السرير بمنزله في الدروشاب جالت بخاطري حاجة غريبة فسألت نفسي عن (معنى الوفاء) الذي ظل يمارسه الفنان الجميل محمود تاور لصديقه ورفيق دربه الصحفي عوض، وتساءلت في قرارة نفسي هل يوجد حاليا مثل هذه الصداقات النادرة والمحبة في شان الله، ودهشت عندما أخبرني الفنان تاور بأن علاقته بعوض بدأت منذ أكثر من عشرين عاما، وتشاء إرادة الله أن يتصل عليي الأخ العزيز الراحل عوض محمد أحمد في صبيحة يوم 4/2/2014 ليخبرني بأن صديقا له وزوجته سوف يحضران لمصر بغرض العلاج جراء حادث مروري تعرضا له قبل فترة، بل كان يوصيني باهتمام بأن أشرف عليهما وأن أختار لهما طبيبا وجراحا مصريا ماهرا ليتابع حالتهما، وكان يقول لي ما أوصيك عليهم ياحبة.وقبل ثلاثة أيام اتصل علي الزميل هيثم السيد الذي وقف مع الراحل عوض في محنته الأخيرة ليطلب مني أن أتصل على عوض لكي أخفف عنه قليلا لأنه كان قد شعر بشدة نبرة المرض اللعين قد بدأت تدب في جميع حنايا جسده الرقيق، ونعى الناعي الزميل العزيز عوض محمد أحمد قبل أن تتحقق أمنيته الأخيرة بعودة صديقه الرائد محمد صالح يعقوب وزوجته وهما يحملان له بشارة الشفاء بعد أن من الله عليهما بذلك وكان عوض هو السبب كما أنه سوف لن يرتدي تلك الهدايا (القطنية البيضاء) مثل قلبه التي كان قد طلبها من صديقه في آخر محادثة بينهما. ألا رحم الله الزميل العزيز عوض محمد أحمد وألهم آله وذويه الصبر والسلوان وحسن العزاء وجعل البركة في ذريته وزوجته، و (إنا لله وإنا إليه راجعون)والعزاء لكل الزملاء بالوسط الصحفي والاعلامي.
محمد عثمان يوسف حبة مراسل الدار بالقاهرة

حاجة خارج النص
هنالك شخص اقام حساباً في الفيس بوك بإسمي ووضع عليه صورتي وظل يكتب آراء بإسمي في الموقع ويسيء في البعض بإسمي وبعض المواقع ظلت تنقل مايكتب علي أساس إنني من كتبته.. وما أحب أن أوكده انه لاعلاقة لي بهذا الموقع المشبوه

القاهرة: محمد عثمان يوسف (حبة)

صحيفة الدار
ع.ش