رأي ومقالات

عوضية إبراهيم أحمد : خربانة من كبارها


[JUSTIFY]عنت لي الكتابة في هذا الموضوع أو قل الحكي وأنا أرى مجموعة من فتياتنا وقد تسربلن بالضيّق من التنانير والبلوزات، وعقدت المقارنة الآن وفيما مضى.. ففي مدرسة عطبرة الأميرية تحديداً حصلت هذه الحكاية ونحن طالبات بالمدرسة نقلت إلينا معلمة خياطة، وهي من بنات مدينة عطبرة الصامدة مدينة الحديد والنار والنور والجمال، وهي سودانية الأصول مصرية الجذور. ففي ذاك الزمن الجميل حضرت وقد لبست الضيق من إسكيرت وبلوزة والتي أراها الآن في شوارع مدننا العامرة ورفعت الشعر في تسريحة تسمى في ذلك الزمن (فرح ديبا) -زوجة شاه إيران- وكانت الصرعة في ذاك الزمن.

وفي المدرسة كان لنا أساتذة أجلاء قل أن يجود الزمان بمثلهم علمونا الأدب الراقي والأخلاق والقيم الفاضلة منهم أستاذي الجليل معلم اللغة العربية والتربية الإسلامية محمد خير عثمان الذي لا يغيب عن الذاكرة، فهو الأستاذ الصادق الصدوق وكان يغض البصر داخل مدرسة البنات ولا أذكر يوماً أنه رفع عيناً على طالبة، ويا ويل من تنحسر الطرحة عن رأسها فلها درس في الأخلاق.. فما ان رأى هذه المعلمة وقد تكشفت بهذه الصورة إلا وأقام الدنيا ولم يقعدها وطالب بنقله فوراً أو تلبس الثوب.. وكانت مديرة المدرسة آنذاك ابنة عطبرة البارة طيبة الذكر خديجة محمد عمر -طيب الله ثراها- فهي مدرسة قائمة بذاتها لا يسمح المجال أن اتحدث عنها، وسأفرد لها صفحات أخرى.

المهم انعقدت الاجتماعات تلو الاجتماعات لتقريب وجهات النظر ولا أبوجا ونيفاشا الآن، وأخيراً توصلوا إلى اتفاق وسط، وهو لبس الثوب بدون وضعه على الرأس، فكان حلاً وسطاً أرضى الطرفين وأسدل الستار على المشكلة. وفي ذات يوم ونحن نهم بدخول المدرسة وقد كانت توجد باصات لترحيل الطالبات وأستاذي محمد خير- يقطن في ميز المعلمين بحلة (الفكي مدني) في ذاك الزمان وقبل أن يتزوج- جالساً في مقدمة البص ومنزل المديرة داخل المدرسة، فإذا بالمديرة وقد أعطاها الله بسطة في الجسم ذاهبة للمدرسة قد انحسر الثوب عن رأسها، فما كان من أستاذنا إلا و غض بصره وهز رأسه بطريقة استنكار وهمهم (خربانة من كبارها)..

بالمناسبة استاذي من منطقة البركل مدينة مروي، له التحايا والتجلة والاحترام، وقد سمعت أنه مقيم بمدينة شندي الباسلة بعد إحالته للمعاش.

صحيفة حكايات
ع.ش[/JUSTIFY]


تعليق واحد