جعفر عباس

موهبة شعبولية تنطق بالحكمة


[JUSTIFY]
موهبة شعبولية تنطق بالحكمة
أيمن عزيز صبري رجل متعدد المواهب، ويتحفني بانتظام عبر البريد الالكتروني بمواد طريفة وراقية، وأكثر ما لفت انتباهي اليه انه قادر على نظم الشعر بالعامية السعودية والمصرية واللغة الفصحى، ولو ترك السعودية وهاجر إلى مصر لصار نجما، لأن له باع طويل في المدرسة الشعبولية، وقدرة مثيرة للإعجاب على قراءة أفكار شعبان عبد الرحيم، وترجمتها إلى إييييييهات.. وقد قرر أيمن ان يجعل مني واسطة بينه وبين شعبولا بطرح قضايا «الساعة»، وانبرى لتذكير الناس بمخاطر انهيار الأسواق المالية والمصارف:
يا حضرة المضارب/ يا عربي يا محترم/ اسحب باقي فلوسك/ وانفد بجلدك يا عم (هذه نصيحة جاءت متأخرة كثيرا فقد كان الوقت المناسب للهروب من سوق الأسهم قبل سبع سنوات بالضبط، فجميع محدودي الدخل الذين حلموا بالثراء المفاجئ من المضاربة على الأسهم لم يعملوا بمقتضى الحكمة القائلة «أنج سعد فقد هلك سعيد».. بمعنى أنهم لم يتعلموا الدرس من خسائر الآخرين وظلوا يطاردون الوهم حتى صاروا مطاردين بالهم والغم، ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر… الثراء أو النحب).. وابدأ خفف مصاريفك/ واستغنى عن الخدم/ ده مؤشر طوكيو نازل/ خمسة وعشرين قدم (هذه أفضل طريقة لقياس مدى انهيار البورصات.. يعني بورصة طوكيو سقطت في عمق أكثر من سبعة أمتار وبدأ بعض الناس يسقطون من عمارات ارتفاعها سبع طبقات).. دي البورصة ملهاش أمان/ وآخرتها حسرة وندم (حاضر يا فندم وسأعمل بنصيحتك وأبيع أسهمي في بورصات مقديشو ودارفور وأفغانستان والشيشان.. واترك الجمل بما حمل للأمريكان) بورصات طوكيو ولندن/ شفطوا فلوس البشر (يعني بورصاتنا شفطت فلوس البقر؟ نحن أيضا بشر يا أستاذ.. بلاش إساءات وغمز ولمز).. وأسهم نيويورك في يوم/ طلعت عند القمر/ قالوا لي يا شعبولا ضارب/ وخلي قلبك حجر/ فلوسك في الأمان/ ومفيش نسبة خطر/ كان المؤشر أخضر/ بلون ورق الشجر/ وفجأة نزل ولونه/ قلب رد كلر red colour (أحمر)… إيييييييه (لذوي الثقافة السطحية في مجال الأسهم فإن المؤشر الأخضر يعني الربح بينما الأحمر هو لون الخطر) توبة يا بورصة توبة/ ما عدتش تاني أخاطر/ دي عاملة زي القمار/ ما فيهاش ناصح وشاطر/ (هنا بيت الحكمة، فبالفعل يا ما كان هناك من يعتبرون مرجعيات في سوق الأسهم وصاروا أكثر «الطائحين» مصابا!! والمقامر يخسر ويمني نفسه بأنه سيربح في الجولة المقبلة والخاسر في البورصة يقول: باكر أحلى) ويا حضرة المضارب/ نصيحة بلاش تغامر/ والباقي من فلوسك/ وديه بلدك وتاجر/ ان شاالله تفتح بنشر/ وتبيع زيت وفلاتر/ دي البورصة مالهاش أمان/ يا عم بلاش تكابر.
تساءلت قبل سنوات قليلة أمام صديق عن سر تكاثر أعداد المنتحرين بسبب خسائرهم في أسواق الأسهم، وخاصة أن معظمهم من صغار الموظفين، فبرر صديقي ذلك بأنهم خسروا كل مدخراتهم فقلت له: طيب أنا طول عمري عايش من شهر إلى شهر، وما عندي مدخرات ولم انتحر،.. أتدرون ماذا قال ذلك الرجل الذي نال لقب «صديقي سابقا»: يا أبو الجعافر أنت أصلا منتحر بس ما عندك خبر.. ذكرني كلامه، بما تعرض له صديق عزيز، كان قد أحرز مجموعا في الشهادة الثانوية لم يتح له دخول جامعة سودانية، وأثناء جلوسه حزينا مع زميل آخر يمر بنفس ظروفه، قال له الزميل: لماذا لا تكلم أباك ليرسلك إلى جامعة أجنبية كما قرر أبي فرد عليه صديقي الغلبان: أبوي دا زي قلِّته.. وجوده وعدمه سيان.. كان يعني ان أباه فقير ولا دور له في مسائل التعليم.

[/SIZE][/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]