عبد اللطيف البوني

العودة إلى أديس


[JUSTIFY]
العودة إلى أديس

بعد الانفصال كما هو معلوم اطلت القضايا بين البلدين بثقلها وتحركت في كافة الاتجاهات حرباً بالوكالة وحرباً مباشرة وتفاوضاً، إذ تدخل المجتمع (الدولي) وفرض على البلدين القرار 2046 وعقدت عدة جولات تفاوض، وتوصل الطرفان على الورق لاتفاقيات تعاون بعد عدة جولات تفاوض وعلى مستويات مختلفة أعلاها البشير وكير، ولكن مستخرجات هذه الجولات التفاوضية أصبحت مثل (جنا النديهة) يحتاج للفكي بين الفينة والأخرى، وهنا أن كان لا بد من حاشية داخلية فجنا النديهة هو الابن الذي تأخر انجابه ولم يأتِ إلا بعد أن استعان والداه بفكي، وعند الحلاقة يترك فيه قنبور، وبعد أن يسدد ذووه الوقية للفكي يحلق القنبور، وبالضرورة أن يذهب به للفكي طوال الفترة بين الولادة وحلق القنبور في حالة أي عِلة والفكي هنا هو لجنة أمبيكي.
آخر جولة تفاوض كانت بقيادة الرئيسين البشير وكير، وانتهت بدون نتيجة أو بالأحرى بنتيجة سالبة فتوقف كل شئ، والآن اليوم العلينا دا يسود جمود رهيب ومخيف بين البلدين يجعل الباب مفتوحاً على كل الاحتمالات بما فيها قعقعة السلاح، فالحكومة تمسكت بموقفها بضرورة أن تفك حكومة الجنوب ارتباطها الكامل مع جيش قطاع الشمال، وذلك بأن تصفي نهائياً الفرقتين التاسعة والعاشرة ويجمع السلاح ودفع حقوق الجنود، بينما حكومة الجنوب تقول إن اقصى ما يمكن أن تفعله هو أن تنهي العلاقة مع قطاع الشمال ولا تتدخل في نشاطه، وحكومة السودان تعتبر هذا (لعب عيال).
لفك هذا الجمود المفضي لبلاوي لا يعلمها إلا الله، هناك امران يمكن أن يذيبا هذا الجمود، الأول أن توافق حكومة السودان على انسياب البترول الجنوبي طالما أنه تم الاتفاق على الأسعار وطريقة دفعها والذي منه. وفي رأي كثيرين أن هذا يمكن أن يكون مدخلاً للسلام، وقد يجعل حكومة الجنوب تلتفت للتنمية ويخرج حكومة السودان من ازمتها المالية الحادة، بينما حكومة السودان تقول إن أموال البترول سوف تزيد الحرب اشتعالا لزيادة قدرة الجنوب المالية، والأمر الثاني هو التفاوض مع قطاع الشمال على حسب منطوق القرار2046. حكومة السودان مازالت مترددة في هذا الأمر وإعلامياً رافضة له رغم قرب الموعد الذي حددته الوساطة لذلك التفاوض، ومنطق الحكومة هنا يقوم على أساس مشكلة قطاع الشمال مشكلة داخلية ويمكن لقطاع الشمال أن يسلم سلاحه ويعود ليسجل نفسه كحزب سياسي.
الواقع يقول إن منطق الحكومة في (الحتة دي) ليس قوياً لا لأنها قبلت بالقرار الأممي الذي تفاوضت بموجبه مع دولة جنوب السودان، بل لأنها تتفاوض الآن في الدوحة مع جناح منشق من حركة العدل والمساواة وهذا يعني أنها يمكن أن تطير للتفاوض مع جبريل إبراهيم في أي مكان إذا رغب هو في ذلك، فما الذي يمنع التفاوض مع مالك عقار؟ ثم ثانياً الآن عقار أعلن قبوله للتفاوض دون أي شروط، ويمكن للحكومة أن تطالب بأن يكون التفاوض على أساس اتفاق نافع/ عقار ومن المؤكد أن هذا سوف يجد ترحيباً دولياً.
إن قطاع الشمال قد تسلح الآن بالجبهة الثورية وفجر كمبالا الجديد وعلاقات دولية كبيرة، وإذا نجحت الحكومة وبدعم من آخرين، ارجاعه إلى نافع/ عقار سيكون هذا مكسباً لها، وإذا ذهبت الحكومة إلى أديس بنية نسف التفاوض، سوف يعلن قطاع الشمال تمسكه بحلفائه الجُدد ومن ثم يواصل بناء تحالفاته، فالمعركة لم يعد ميدانها جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق فقط.

[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]