جعفر عباس

الطناش عند اللزوم.. مفهوم


الطناش عند اللزوم.. مفهوم
[JUSTIFY] أواصل الموال الذي قد يغضب بعض النساء، ولكن ولأنني رجل وشرقي فالمسألة «لا تفرِق» معي.. بالعكس فإذا قلت كلاما طيبا في حق النساء فإن ذلك قد يحرمني من عضوية المجتمع الذكوري الفحلاوي.. أليس من بيننا من يتحدث بكل فخر عن أنه لم يأكل مع أمه وإخواته على مائدة واحدة منذ أن بلغ السابعة؟.. بعد زواجي بفترة قصيرة استأذنت من أصدقاء كنت أجالسهم، متعللا بأن زوجتي تنتظرني على الغداء و«حرام أتأخر عليها فتبقى جائعة إلى حين عودتي».. هنا نظر إليّ أحدهم وتعابير وجهه تنضح بالدهشة والاستنكار، وقال: هل معنى هذا أنك تأكل مع زوجتك من نفس الصحن والطبق في نفس الوقت.. أجبته: طبعا.. وهل الصحيح في نظرك ان أتناول وجباتي مع زوجة جاري؟.. اكتفى بقوله: يا خسارة.. صرت في نظره شخصا «منتهي» وحالته ميؤوس منها.. فزدته من الشعر بيتا: لم أر أمي تأكل قط مع أبي ولكن أخواتي كن يأكلن مع ابي، وما زلن يأكلن معنا نحن إخوتهن وأزواجهن على نفس المائدة. بان الامتعاض على وجهه لأنه اعتبرني منتميا إلى عائلة لا تحترم «التقاليد والأصول».
ومن عيوب العديد من النساء أنهن لا يعرفن فضيلة التطنيش او الطناش، وهو ان تتعامل مع حدث ما وكأنه لم يحدث أو أن تتجاهل كلاما او سلوكا ما حتى لو كان لا يعجبها.. فللمرأة بشكل عام ذاكرة في حجم سنام الجمل تختزن فيها اللي يسوى واللي لا يسوى.. ونعم هناك بيوت كانت ستنهار على رؤوس أفراد العائلة لولا ان الزوجة تتحمل نزق وحماقات وطيش الزوج وتفوِّت له الكثير، ولكن وبصفة عامة فإن النساء أقل ميلا من الرجال في تفويت الأشياء والهفوات البسيطة.. وبالمقابل فإن الكثير من الرجال يجعل من الطناش سياسة عامة، فيطنش مسؤولياته العائلية: تصليح الثلاجة او الغسالة يتطلب فقط رفع سماعة الهاتف والاتصال بالفني المختص، ولكن مثل هذه الأشياء تندرج عند تلك الفئة من الرجال تحت بند «بعدين».. يللا نروح نشتري لوازم المدرسة للعيال قبل ان تغلق المتاجر والساعة سلفا الثامنة مساء.. بعدين.. أي بعدين الله يهديك والمدارس تفتح باكر… الوجع زاد وأظن أنني في حالة ولادة.. خذني إلى المستشفى.. بعدين.. يا ولد الناس البيبي غشيم ولا يستأذن من الأم عندما يريد الخروج إلى الدنيا.. اللهم طولك يا روح.. طيب روحي على السيارة.. استحم وأحصلك!!
ومن عيوب مجتمعاتنا الحكم على الناس بالمظهر، والنساء عموما ولأسباب مفهومة أكثر اهتماما من الرجال بالمظهر، ولكن ذلك يكون في أحيان كثيرة إلى درجة السخف.. أفهم ان «تتطقم» الواحدة بالحرير والمجوهرات وهي ذاهبة إلى حفل، ولكنني لا أفهم لماذا يستغرق التوجه إلى بيت عزاء أكثر من ساعة من الاستعدادات في اختيار الحلي والحلل! إلى عهد قريب كانت نساؤنا يحرصن على ارتداء ملابس بسيطة وذات ألوان هادئة عند التوجه إلى مكان ما لتقديم العزاء في ميت، ولكن بيوت العزاء صارت في السنوات الأخيرة صالات استعراض لـ «الوجاهة والإمكانات».. والولع بالمظاهر قد يجعل امرأة ما تخسر صديقة لها فقط لكون تلك الصديقة اشترت ملابس تشبه ملابسها لمناسبة تشارك فيها كلتاهما.. من الظلم التعميم هنا.. فهناك كثير من النساء يملكن الموارد لاقتناء كل ما هو فاخر ولكنهن لا يتزينَّ إلا حيث ينبغي التزين وفي أضيق الحدود لنفي شبهة المباهاة عن أنفسهن.

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email] [/JUSTIFY]