تحقيقات وتقارير

تحالف الإجماع المعارِض.. غياب مُتعمَّد عن قاعة الامتحان!


سارعت قوى الإجماع المعارض لعقد اجتماع طارئ غداة استعداد القوى السياسية السودانية لإجتماع المائدة المستديرة الذي دعا له الرئيس البشير فى أولى خطوات الحوار الوطني الشامل. سارعت لعقد اجتماع طارئ كان مثار تساؤلات واستغراب الكثيرين، إذ لم يكن من المألوف أن يجتمع التحالف فى مدة قصيرة كهذي ليقرر أمراً ما، ولقاء المستديرة كان قد بدأت تدور عجلاته فعلياً، غير أن التساؤل سرعان ما انقشعت غمائمه حين تبيّن أن الاجتماع الطارئ -وبكل تلك العجلة الغريبة- كان هدفه الأساسي قطع الطريق على بعض مكونات التحالف التى لم تجد بأساً من المشاركة فى لقاء المائدة المستديرة.

خشي تحالف قوى الاجماع من أن تنسرب من بين يديه مكونات التحالف لتلحق باللقاء ويصبح أثراً بعد عين، وبحسب ما توفر من أنباء فإن قوى (حق)، والحزب الشيوعي السوداني كانت قد بدأت تتجاوز منطق عدم المشاركة بالإستناد الى الاشتراطات (غير السياسية) التى يتمترس وراءها التحالف والتى تبدأ وتنتهي بإيقاف الحرب وإلغاء القوانين المقيدة للحريات وتهيئة المناخ للحوار.

وبذا بدا واضحاً أن تحالف الاجماع (لا يأمن على نفسه الفتنة) ويخاف أيما خوف من أن (يدخل الماء) الى مركبته التى يتلاعب بها موج المحيط السياسي الهادر هذه الايام. وهذه بالضبط هي أزمة تحالف المعارضة، فهو من جهة أولى شعر أنه لم يعد قادراً على التعاطي مع المعطيات السياسية التى تضج بها الساحة، ولم يستطع التفاعل مع أطروحات الحوار الوطني، وهو موقف نادر الحدوث فى التاريخ السياسي القديم والحديث لأن السياسة إذا كنت هي فن الممكن فإن الحوار وحده وليس أية اشتراطات مسبقة هو الكفيل بإيصال الجميع الى البر الآمن المطلوب.

ومن جهة ثانية فإن قوى الاجماع ربما خادعت نفسها بأنها أمام انتفاضة شعبية وأن السلطة الحاكمة -لمجرد دعوتها للحوار الشامل- قد سقطت أو على الأقل قادرة على الامساك بمقود الدولة، ولهذا لا بأس من الاستمرار فى (هزّها) حتى تسقط تماماً.. ومن المؤكد أن قوى الاجماع تعيش تصوراً ( خيالياً) تجاوز الثريا، وفى الغالب فإن من الصعب على من (يريد الكيكة كاملة) أن يتعامل مع الأمر الواقع بهذه السهولة.

من جهة ثالثة، وهذا هو لُبّ الأزمة فإن هذه القوى الصغيرة فى الميدان، الخفيفة فى اللسان، تخشى كأمر طبيعي ان تضيع فى الزحام، فالممارسة السياسية ومنذ عرفتها البشرية تقتضي أطروحات ملامِسة لوجدان الشعب الذي تعيش فيه؛ والايدلوجيا التى يتعاطاها النخب أثبتت حوادث التاريخ ووقائعه القديمة والحديثة أنه غير قابل للحياة. فسواء التجربة الشيوعية فى الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي عموماً، أو تجربة حزب البعث العربي فإن كلتيهما سقطتا لا لشيء سوى لأن التجربة منذ البداية لم يتم بذرها فى تربة مواتية، كما أن أيّ نبت لا يتنفس الهواء النقي ولا يتشرّب المياه الصالحة ولا يواجه الشمس فى سمائها يستمد منها عملية التمثيل الضوئي المعروفة هو نبت محكوم عليه بالجفاف والتلاشي.

تدرك هذه القوى السياسية النخبوية الصغيرة، ان (أماكن التاريخ) محدودة وأن البقاء للأصلح ولهذا كان من الطبيعي ان تظل قابضة على ذات المقابض المهترئة التى أكل الدهر عليها وشرب!

سودان سفاري
ع.ش


تعليق واحد

  1. بالامس فقط تمايزت الصفوف حضر اليمين والوسط ولم يحضر اليسار بمعنى ان السودان اصبح حزبين فقط حزب يمني سوف يحكم وحزب يساري سوف يظل يعارض إلى أن ياذن الله