جعفر عباس

تصالحوا مع أنفسكم و… استمتعوا


تصالحوا مع أنفسكم و… استمتعوا
[JUSTIFY] اكتشفت خلال السنوات القليلة الماضية شخصية ممتعة ورائعة، وجدت فيها صديقا وفيا وأنيسا لا يُمَل، شخصية واعية وحبوبة ورقيقة حتى وهي تغضبني أو تنتقدني وتحاسبني،.. وصرت حريصا على مجالسة تلك الشخصية فترات طويلة، بل بلغ حبي لها أنني اختلي بها معظم أوقات فراغي التي يستولي عليها عادة عيالي،.. تلك الشخصية هي ابو الجعافر… نعم اكتشفت انني شخص طيب ومجتهد ومحب للمطالعة وعمل الخير والتأمل والتفكير ومحاسبة النفس بعقلانية.. اكتشفت انني شخص حلو المعشر ودمث الأخلاق وغير ميال للعكننة والسوداوية.. ولم يحدث ذلك الاكتشاف بسهولة، بل جاء نتيجة مجاهدة ومكابدة حين قررت التخفف من الكثير من «الأعباء» الاجتماعية، والميل إلى اعتزال الناس قدر الإمكان ما عدا ما يمليه الواجب من عيادة مريض او مواساة مكلوم او زيارة ذي رحم أو عائد من سفر طويل أو حج،.. وحسبت بادئ الأمر انني صرت مريضا نفسيا من النوع الذي يسمى «انطوائيا»، ولكن كلما ازددت استمتاعا بمقاطعة جلسات الأنس والسمر الـ «بلا طائل»، كلما أحسست بالراحة والعافية النفسية.. أجلس مع شخص يفهمني تماما (وكيف لا، وهو أنا)، ويعرف مشاكلي ويتمنى لي الخير، ولا يمارس النميمة ولا نهش لحم المدير الذي «فعل وسَوّى»، ولا في فلان «الذي ترك الحبل على الغارب لبناته»،.. لا شأن لي بفلان الذي صار حشاشا، او فلتكان الذي ظهرت عليه علامات الثراء الحرام!!.. صرت أتضايق من الولائم و«اللّمات» أي احتشاد الناس هنا وهناك بغرض الثرثرة، مهما ارتدت تلك الثرثرة مسوح المحاورات «الجادة»… اكتشفت ان نصف ساعة مع كتاب ولو كان ركيكا، أفضل من ثلاث ساعات من اللقلقة مع عشرة أشخاص يتكلمون فقط قتلا للوقت!! وحقيقة الأمر ان صداقتي لأبي الجعافر نشأت ونجحت لأنني لا أملك وقتا يستحق القتل، بل انني في «عرض» كل دقيقة وثانية لأنجز أمرا أو أروح عن نفسي بالقراءة او الاسترخاء او ملاعبة ومشاغبة أفراد أسرتي،.. وفي داخل كل منكم أيها القراء «أبو جعافر» رائع ومخلص ومحب وودود، و…. وفيّ،.. ولكننا اخترنا ان نذوب في القطيع وتركنا «الرَّبع» يتحكمون في إيقاع حياتنا بل نمط حياتنا.. نكسر إشارات المرور لأن كل الربع يفعلون ذلك.. ننضم إلى من أسماهم الشيخ يوسف القرضاوي الانتحاريين الجدد وهم الذي يستخدمون سياراتهم لقتل وإصابة خلق الله إرضاء لنزوات طفولية بلهاء، لأن «القطيع» يزعم ان من لا يقود سيارته كالمجنون.. ليس رجلا!! تبا لرجولة يتم اكتسابها على حساب أرواح الآخرين وسلامتهم!.. تضيع معظم سنوات عمرنا بل أكثرها ملاءمة لتنمية القدرات والمواهب ونحن نركب الهوجات والموضات والصرعات ونقلد بعضنا البعض في الشين والزين.. لا ندرك أننا بذلك نفقد شخصياتنا خصوصياتها وتفرداتها وتميزاتها، ونحرمها من التطور «المستقل» عن مشيئة القطيع.. وهكذا تجد طالبا ذكيا يتعمد إهمال دروسه لأن «الشلة» ترى ان المذاكرة والاجتهاد نوع من الضعف والجبن.. وتجد شابا لديه إمكانات مادية طيبة، ولكنه يرتدي الملابس المهلهلة لأن الشلة تفعل ذلك!! نعم لابد للإنسان من أصدقاء، ولكن بدون ان نسمح لهم بإلغاء شخصياتنا!! فابحث يا صديقي عن ابو الجعافر الكامن في دواخلك واعطه معظم وقتك وستكتشف كم انت رائع وذكي ولطيف وظريف.. أشطب من قاموسك كلمات مثل الزهج والفراغ.. وتعلم كيف تجد المتعة بالاختلاء بنفسك لتفعل أشياء تبقى ذخرا لك ولكل من تحب

[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]