تحقيقات وتقارير

« قوش » .. الحديث عن المحظور


[JUSTIFY]جلسة البرلمان التي انعقدت أمس و حملت الرقم «6» في دورة الانعقاد التاسعة كانت جلسة «ما منظور مثيلا» وهي تتناول تقرير لجان برلمانية حول تقرير المراجع العام عن حسابات الدولة للعام 2012 بشفافية لا تصدق ما لم تكن حضوراً للجلسة.. ففي حين كان الحديث عن الفساد و التجاوزات والاختلاسات وغيرها من العبارات المترادفة حول المسألة التي باتت مادة شهية للصحافة والرأي العام أعطى مدير جهاز الأمن و المخابرات الوطني السابق صلاح عبد الله «قوش» نائب دائرة مروي عن المؤتمر الوطني الجلسة بعداً آخر يكفي أن الرجل ذكرنا بالمثل الشعبي «أبو القدح بعرف محل يعضي أخو».

فبينما ركز جل النواب على التجاوزات وأشكال الفساد ذكر قوش أمراً لم يخطر ببال وهو مسألة «تبديد المال العام»، وفي حين أثنى الجميع و أطروا على أداء المراجع العام وبشكل لافت، مضى قوش في اتجاه تبيان حقيقة أن المراجع العام يقوم بالتفتيش في اللوائح والوثائق، و التي هي كما أشار تنال من موظفين صغار وتحديداً قال «طبقة وسيطة في الخدمة المدنية». ولذلك طالب بشدة بالوقوف حيال تبديد المال العام و الصرف غير المرشد، وقال إنه الأخطر وهي من الجرائم الأكبر والأكثر أثراً في الأداء على الاقتصاد الكلي.

ووصف حالات الاعتداء على المال العام التي ترد في تقرير المراجع العام مقارنة بحجم الإيرادات بـ«البسيطة». ولأن قوش أراد إعطاء حديثه تحت قبة البرلمان مزيداً من المنعة والمصداقية لفت الانتباه إلى أنه كان قريباً من متابعة الأداء المالي لوزارة المالية. وقطعاً حديثه ينسحب على الأجهزة الأمنية والنظامية التي كان صلاح جزءاً فاعلاً فيها وأبرز تروس ماكينتها إن لم يكن هو الترس نفسه.. كان حديث قوش مفاجأة للجميع، ولعل حديثه قد يكون بداية لكشفه لأسرار الإنقاذ وهو الذي ظل كاتماً لها في صدره لسنوات طويلة حتى عندما تم الزج به في المحاولة الانقلابية، وخرج من محبسه وقال مقولته الشهيرة التي فاجأت الجميع وألجمت ألسن أصدقائه قبل خصومة عندما قال: «أنا ابن الإنقاذ والبشير أبو الجميع».

قوش ذكر بالأمس أن عجز الموازنة العام الماضي كان مليار ومائتي مليون دولار في الوقت الذي شيدت فيه القوات النظامية مؤسسات باثنين مليار ونصف المليون دولار، وأكد أنه لا توجد أولويات في الصرف.. كان حديث الرجل مدهشاً فإلى حد كبير ظلت البنايات الضخمة للمؤسسات الأمنية والنظامية الأخرى بقلب الخرطوم مثار حديث الرأي العام ومثلت منصة تنطلق منها سهام المعارضة إلى صدر الحكومة رغم أن الإعمار الذي شهده جهاز الأمن كان في عهده.

لكن صلاح فتح أبواباً أخرى ظلت مغلقة لفترات طويلة رغم أنه قال نصف المعلومة بإشارته إلى أن التبديد جرائم أساسية يجب أن يتم الاهتمام بها، وكانت أخطر معلومة خرجت من بين شفتي قوش هو كشفه عن مسوولين – وإن لم يسمهم – بإتخاذهم لقرارات قال إنها ضيعت ملايين من الدولارات علي الشعب السوداني.

أخذ صلاح فرصة معتبرة تحت قبة البرلمان أمس وتابع الجميع حديثه باهتمام بالغ، ووأضح أنه كان يعي ما يقوله وإن كان بحديثه قد دشن مرحلة جديدة في تعامله مع مجريات الساحة السياسية خاصة بعد أن تم تجريده من كافة مواقعه المهمة والحساسة، بل حتى التنظيمية ولم يتبق له سوى مقعده البرلماني الذي ناله بانتخاب، وقد عد أنصاره أن المسألة هدفت لإغتياله معنوياً خاصة بعد ورود اسمه ضمن الإنقلابيين، ولكن الرجل الذي يتمتع بذكاء عالٍ احتفظ بكرت هام هو علاقاته الخارجية مما ساعده في الاتجاه إلى سوق الله أكبر، وبات من رجال الأعمال وإن كان قد تواضع وقال إنه لايملك أموالاً طائله.

لكن ما من شك أن قوش قرر نصب مدفعيته الثقيلة بالبرلمان وتصويبها، لنقول إلى خصومه، وهو صراع مشروع لجهة أن النائب البرلماني صلاح له الحق أن يقول أو حتى يطلق الحديث على عواهنه كما اشتهر نائب برلماني تخصص في البنوك، وفي هذا قال الشخص ما مطالب بإثبات الفساد..!! طالب صلاح بسن قانون إتاحة المعلومات وتعديل القوانين وأن تركز على قضايا وصفها بالكبيرة ممثلة في تبديد المال العام.

قُرب صلاح من وزارة المالية في وقت سابق كما قال جعله يقر أن ثلاثة أرباع الصرف خارج الموازنه جراء ضغوط «ادفعوا لفلان وعلان» مما سبب عجزاً في توفير القمح والدواء.

كان حديث قوش ساخناً وسيكون وقعه أشد إيلاماً على الحكومة وجهات بعينها داخلها أكثر من حديث أي نائب آخر بما فيهم زعيم المعارضة القيادي بالشعبي إسماعيل حسين.

لكن هل قرر «ملك الصمت» قوش تغيير سياسته التي انتهجها طيلة الفترة السابقة؟ واضح أن الإجابة بنعم، بدليل ماقاله، وقد فتح باب التساؤلات على مصراعيه للبحث عن المسؤولين مبددي ملايين الدولارات، ولذلك جاء ضمن حديثه تفعيل الرقابة القبلية -لا يقصد على الصحف – وإنما على المؤسسات بإيجاد موطء قدم لمعاوني المراجع العام في كل المؤسسات وتفعيل دورهم.

الحديث الكثيف عن الفساد و التجاوزات صرف الأنظار عن «تبديد المال العام» الذي أشار إليه قوش، و لكن تبقى العبرة في كشف المفسدين وبالأسماء وهو المتوقع أن يحدث طالما أمثال قوش قرروا السير في ذلك الطريق الشائك، رغم أنه أن لا يكون الحديث شعاراً للصراع السياسي و تصفية للحسابات.

صحيفة آخر لحظة
أسامة عبدالماجد
ت.إ[/JUSTIFY]


تعليق واحد

  1. ما دام هو ابن الانقاذ والبشير ابوها يبقى هم شركاء مع الحرامية بعدين الكيزان اليومين طالعين فيها أي واحد فيهم يتكلم عن الفساد وكأن هو غير مسئول طيب البلد دي المتحكم ومتسلط عليها منو غيرهم ما قولو كمان جايين من اسرائيل ول امريكا السيمفونية المشروخة

  2. إذا اختلف اللصوص ظهر المسروق … وا إسلاماه ، لقد استخدموك في النهب والسلب … واحر قلباه على سمعة الشعب السوداني التي مرمطها هؤلاء … !!!!!

  3. ربما قد يكون العديد من الناس والمتابعين لحديث السيد عبدالله قوش متحمسا لهذا الكلام وما افصح عنه قوش بصفته نائبا برلمانيا عن دائرة مروى..
    ولكن من الناحية الامنية ارى انه يحب ألا يخوض فى أشياء اخرى كان هو ولفترة قريبة أمينها وكاتم اسرارها…
    فكيف يسمح لرجل كان بالامس القريب يتقلد ويتربع على هرم جهاز الامن والمخابرات ان يتحدث ويقول ما يحلو له.. المفروض يظل وكما هو “ملك الصمت” لمدة لا تتجاوز عن عشرة سنوات او اكثر…

  4. سلام عليكم
    الكلام ده كلام جيد: لأنه كلام صحافة وفي جريدة آخر لحظة وكاتبه إسامة عبد الماجد نقلا عن المجلس الوطني وعن الفريق أول مدير الأمن والمخابرات السابق ونائب محلية مروي بالولاية الشمالية…
    ولكن يبقى السؤال قائم: ما هو معنى تقسيم الثروة والسلطة؟؟؟

  5. استغرب من الذين يتحدثون عن ذكاء الرجل و امكاناته وهو الذي يتحمل خطاء دخول قوات خليل الى العاصمة عندما حجم الجيش و تولى امن الخرطوم وحدث ما حدث , وهو الذي ملك الامريكان كل المعلومات التى طلبوها و لم يطلبوها و سلمهم ملفات من لجاء الى السودان في مقابل حذف السودان من قائمة الارهاب و النتيجة كما نعرف خدعه الامريكان و رموه ككرت محروق عند اول منعطف !!.

    و في عهده تحول جهاز الامن الى اكبر رأسمالي في السودان وهو نفسه كان يمارس التجارة و السمسمرة باعترافه و هو على رأس اضخم جهاز مسؤول عن امن البلاد .

    ان لم تستح فافعل ما شئت ………….