رأي ومقالات

أسماء عبد اللطيف: كيلو دقيق


مع ازدياد الفقر ..واستشراء العوز .. وقلة ذات اليد ..واعتراف الجهات الرسمية بالنسبة المئوية للفقراء , وإنهم نصف المجتمع ولربما النسبة أعلى , ولكن من يتشبث بالسلطة يريد لنفسه مساحة من الحماية , فلا يعلن أن النسبة فاقت الثلاثة أرباع ,أو كادت أن تقارب تسعين في المئة , ليصبح المجتمع كله فقراء إلا أهل السلطة ومؤيديهم والمنتفعين من وجودهم . مع ازدياد الفقراء وتفاقم الوضع الاقتصادي المنذر بمزيد من التفكك والانهيار .تكون الحاجة ماسة وملحة للمبادرات الإنسانية , المبادرات الأخلاقية التآزرية ,فنحن جميعا نسيج واحد وبنيان واحد وأهل عشيرة ..
المبادرات إما أن تأتي من أهل السلطة لمن كان له قلب وألقى السمع وهو شهيد .فتكون في هذه الحالة في ميزان من بادر بالعمل الخيري والإنساني الداعم للفقراء أو أن تكون من ناحية أخرى في ميزانه الانتخابي لمن يسعى للبقاء في السلطة . وأحسن المبادرات هي ما جاءت من جهة الناشطين ..ولكننا فيما سبق أن الناشطين الذين سعوا في موسم الخريف الماضي قد حاربتهم السلطة أيما محاربة , وضيّقت عليهم أيما تضييق , وذلك بغرض إسكات الصوت الذي يبرز وأن يتم وأده في مهده حتى لا يكون موسى المستقبل فبعمل على هلاك فرعون السلطة …
والآن بعدما حاولت السلطة أن تبيض وجهها بكريمات الحوار ومكياج إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ودهانات الحرية .فإن المبادرات الإنسانية والأخلاقية تكون ذات قيمة تكشف صدق من قالوا إننا نسعى لمجتمع الحريات والأحزاب والحوار ووقف الاقتتال بلا حجر أو منع .
الحديث السابق دفعني إليه ما تم تداوله حول مشروع كيلو دقيق ,كمبادرة تسعى لمساندة ومعاضدة أهلنا في رمضان وأنه لعمل طيب وحسن أن نسعى دائما لأن نكون كالبنيان المرصوص وأن نكون كالجسد الواحد يحس بعضنا بعضا .
والحمد لله فان مبادرات الخير في بلادنا ذات المواهب الشفافة مبادرات كبيرة ومتعددة ..وأنها الآن لأظهر مع ازدياد الفقر وتردي الأوضاع الاقتصادية ..فهناك مبادرة بنك الطعام وقد انطلقت قبل عدة أعوام ..وهناك في قناة الشروق تجد برنامج مع الود والتقدير ,تشاهد رانيا هارون تبكي مع كل الحالات التي قدموا لها المساعدة ..وإننا لنسأل هل هناك جهة اجتماعية وثقت لحجم هذه الحالات المؤلمة الفاجعة ومن تعاني الفقر والمرض والجهل , وأن الصور المعروضة في مع الود والتقدير) لتشعر الإنسان العادي بالألم والحزن فهل شاهد هذا البرنامج أي مسؤول فبادرت وزارته بعمل إنساني تجاه كل أسرة مستضافة , أم أن الأمر فوق طاقة أي وزارة , لأن الحالات ليست فردية أو قليلة وإنما هو مجتمع بأكمله يعاني ويتفتت من العوز والحاجة . أم أن الأمر ترك تُرك للتلفازات حتى يكون مجالا لدر حليب الإعلانات , وجلب الذين يحبون أن يظهروا بمظهر المعين المساعد ورجل الخير السباق .
إن الأمر في بلادنا مع الفقراء والمحتاجين لأكبر من أن يكون مجالاً للإعلان أو العلاقات العامة . إننا بحاجة ماسة وملحة لهيئة إغاثة أو وزارة غوث الملهوفين , إن بعض المستثمرين قد عملوا على إيقاف عمل المتطوعين الخارجيين من أمريكا و أوروبا و غيرهم من دول العالم ليكون مجالهم في الإعلان عن أعمالهم من خلال هذا الخوض الهزيل في مجال لا يحتمل أن يكون ميداناً للمزايدات ..
وهنالك مبادرة بنك الثواب في إحدى القنوات السودانية وإن كانت لتصب في مجال در حليب الإعلان , إلا أننا نثمن المساعدات لواصلة لمن يستحق من مريض يحتاج عملية أو طالب لم تستطع أسرته سداد مصاريفه الدراسية , وإن الحالات كثيرة وكثيرة .
و الآن تظهر على التلفازات , أكفل أسرة شهرياً أو أكفل طالب علم و لكننا نأمل أن تجتمع جميعها في صعيد واحد لهيئة أو وزارة أو جمعية وتنتشر فروعهم ومكاتبهم .. والدعوة لأهل الخير ولكل من يدفع المبالغ الطائلة في الإعلانات .
إن الدور المنوط بشركات الاتصال لدور كبير يجب أن لا يقف فقط عند دعم الموهوبين و أصحاب المشاريع أو كدعم الجوائز كجائزة الطيب صالح وغيرها أو دعم القنوات الفضائية وهي كثيرة الآن و.
وإنما نأمل أن يكون لها دور جديد و أن يجمعها عمل موحد يشرف عليه إنسان كبير القلب يعمل على توصيل ما تقدمه شركات الاتصال لأهلنا الفقراء المحتاجين للدعم السريع والفعال .
إن مشروع كيلو دقيق يبدأ صغيرا ولكن يمكن أن يكون مستودعا خيريا ضخما للدعم والمساعدة , من له فضل زاد يجب أن يبادر إلى الوقوف لجانب هذا المشروع . كل ما هو زائد عم حاجتك تفضل به من أجل المشروع لتدعم أهلنا في رمضان وفي كل العام , هلموا يا أهل الخير واستمعوا إلى قول الحبيب المصطفى صلّ الله عليه وسلم “( من كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له )” وإننا جميعا مدعوون إلى مساندة مشروع كيلو دقيق فعلينا أن نبادر ولو بشق تمرة .. وتقبل الله من كل مَن يبادر.
أسماء عبد اللطيف