عبد اللطيف البوني

والسكر كان هناك


[JUSTIFY]
والسكر كان هناك

(1 )
لما كانت الأخبار لا تأتينا إلا من خلال التلفاز فهي بالتالي لا تشفي الغليل، ولكن التلفزيونات مشكورة تكمل النقص بالصحف الكثيرة التي (ترعى بقيدها) ومع ذلك تقدم للمتلقي عصارة جهد صحفي مقدرة. لقد شاهدت عرض الشروق لصحف الخرطوم عند الثامنة، وأشهد بأنه كان عرضا متميزاً ومقنعاً، بيد أن هناك صحف لم تصل إليهم حتى ساعة العرض. فالأمر يحتاج لتدارك حتى تكون المادة متكاملة، ثم تحولت للنيل الأزرق عند التاسعة التي تعمل في هذا الوقت إذاعة اف ام، وقد استعرضت كل الصحف بما فيها الرياضية والاجتماعية، ولكن بدا لي أن عرضها محتاج لشوية تنظيم ،خاصة فيما يتعلق بأهمية الخبر من عدمه. وبعد العاشرة ذهبت للقناة الأم حيث برنامج خطوط عريضة، وهو فترة طويلة وبها عرض جيد، ولكن عندي عليه مأخذان الأول لاحظت أن القناة لديها موقف من بعض الصحف، فالصحيفة التي انفردت بأفضل تغطية لأهم موضوع في ذلك اليوم لم تُذكر نهائياً، وأتمنى أن يكون ذلك قد تم بغير قصد، أما المأخذ الثاني فإن التحليل يكون على حساب الاستعراض، فالشغلانة محتاجة لوزنة.
(2 )
كان الخبر الرئيسي في ذلك اليوم – أمس الأحد 26 مايو – في صحف الخرطوم هو لقاء الرئيسين: البشير وكير، وعلى الرغم من أنه كان الرئيسي في صحف السبت إلا أنه في يوم الأحد كان فيه توسع أكثر وتفاؤل أكثر، وبالأمس كتبنا في هذا الموضوع .أما الخبر الذي استرعى انتباهي في تردده هو بيع مصانع السكر الأربعة، ويبدو أن هذا الخبر مرشح للمزيد من التفاعل في الأيام القادمة، وهو تفاعل مستحق لأن هذا الأمر من الخطورة بمكان، فكلمة بيع هذه تثير الكثير من الفوبيا، لأن تجارب البيع السابقة كلها أورثت حسرة وندماً، وهذه قصة أخرى.
(3 )
من الفندق توجهت مع بقية الوفد إلى القصر الرئاسي في أسمرا حيث التقينا في جلسة حوارية طويلة مع الرئيس أسياسي أفورقي الذي أذهلنا بتواضعه وبساطته وعمق إلمامه بالشئون السودانية، وليس في هذا ما يدعو للعجب. المهم في الأمر كان الحوار مطولا ومباشرا وصريحا، شرَّقنا وغرَّبنا، من مياه النيل إلى التعدد في الزوجات، وبين هذين الموضوعين احتشدت الموضوعات احتشاداً في سؤال فرعي، سألته عن رأيه في الهجمة الاستثمارية وبيع الأرض للمستمثرين، فأجاب قائلا إن بيع الأرض في إرتيريا خط أحمر، ولن نبيع ولا شبراً واحداً، أي مستمثر يريد أن يستثمر في أسمرا أهلاً به وسهلاً، لكن عن طريق الشراكة الواضحة وببرنامج مفصل يوضح لنا ماذا نستفيد نحن من الاستثمار وبالدولار واليوم والسنة، بغير ذلك فليذهب المستثمرون غير مأسوف عليهم، ولنترك أرضنا لأجيال قادمة يمكن أن تفعل ما لم نفعله نحن.
(4 )
أيها السادة إن مصانع السكر ليس مجرد سكر يوضع في أرفف البقالات، إنما هي أرض وماء وشمس. إذا كانت شركة السكر السودانية عاجزة عن إدراتها فلتوضح للشعب السوداني ذلك، وتكف عن تبجحها الأجوف. إذا كان هناك مستثمرا جادا يريد أن يضاعف الإنتاج عدة مرات فليوضح لنا كيف سيكون ذلك وما نصيب البلاد منه وكيف ستكون الشراكة؟ باختصار المطلوب شفافية ولاشيء غير الشفافية، وإلا فسيكون معنا ألف حق إذا اعتبرنا أن الأمر لعبة وداخلها غش.
(5 )
أما في أسمرا فقد سمعنا وشفنا وما جابوه لينا فابقوا معنا.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]