الطاهر ساتي

‫مشروع الصدمة العظمى ..!!


/

‫مشروع الصدمة العظمى ..!!
** لم تصدم إثيوبيا النخب المصرية بمشروع (سد النهضة)، ولكن موقف السودان من هذا السد لايزال يُشيد في عقول تلك النخب أعظم مشاريع الصدمة.. وفهمي هويدي، الكاتب العربي والمفكر الإسلامي، أفضل من عبر عن مشروع الصدمة العظمى الذي شيده موقف السودان في عقول النخب المصرية..ونأمل ألا تتراجع حكومة السودان عن موقفها الراهن، أو كما العهد بها دائماً في إتخاذ موقف ثم ( البلع العاجل)، خوفاً أو بيعاً..والمهم، لم يستوعب عقل هويدي موقف السودان من سد النهضة، فكتب مقالاً تحت عنوان : ( هل تخلَى السودان حقاً عن مصر؟)، ثم أجاب على سؤال عنوانه في السطر الأول من المقال بالنص القائل : (لا أريد أن أصدق أن السودان تخلَى عن مصر في موقفها من قضية سد النهضة الإثيوبي)، أو هكذا يتجلى مشروع الصدمة العظمى في عقل هويدي.. بل، في عقولهم جميعاً ..!!

** لم – ولن – يصدق عقل هويدي فراق السودان عن مصر في درب السد ، وبالتأكيد كل العقول المصرية التي ظلت ترى السودان تابعاً – بالحق والباطل – لمصر في كل الدروب لاتصدق هذا الفراق..وهنا، وجب علينا أن نعيد عقول النخب المصرية إلى قراءة كتاب ثورتهم والمسماة بثورة الربيع العربي، ونسأل : لماذا الثورة ضد مبارك؟، وما هي العوامل التي فجرتها؟، وما هي أهدافها؟..هويدي – وغيره – على علم بالإجابات النموذجية، وماعليه إلا توسيع دائرة الإجابات بحيث تتجاوز فضاء وطن ومواطن إلى فضاءات أوطان وشعوب..أي، كما يسعى أي مواطن – بأي وطن – إلى التحرر من قيود الظلم، فان الأوطان والشعوب تسعى إلى التحرر من تلك القيود أيضاً..وأنظمة مصر، بما فيها نظام مبارك، لم تكن تكوي بهجير ظلمها شعب مصر فقط، بل تجاوزت اثار الهجير شعب مصر إلى شعوب أوطان أخرى، ومنها (شعب السودان)..!!

** وعليه، على هويدي أن يصدق سعي السودان إلى الخروج من هجير ظلم الأنظمة المصرية، كما صدق – وهتف – لخروج شعب بلاده..كما النيل ليس مصرياً، فالوعي أيضاً ليس بصناعة مصرية بحيث يحتكرها شعب مصر ويحرر به نفسه وقراره ومصيره، أو كما كان يظن هويدي قبل أن يتفاجأ بأن الوعي صار برحاب عقول شعوب الكون..ومؤسف للغاية أن يتجاوز فكر المفكر هويدي كل هذه المعاني، ويصف موقف السودان من سد النهضة بالسلبي ثم يعاتب خبراء الأمن والسياسة بمصر على عجزهم و فشلهم في تغيير موقف السودان، ثم ينصحهم بتدارك الموقف..هكذا يفكر المفكر أمام وعي شعب، أي بكامل الإعتماد على عقول (خبراء الأمن).. هذا التفكير السطحي هو ( أصل الداء)، وقد يليق بالساسة وأمنهم، ولكن لا يليق بمن يقدم نفسه للناس مفكراً مناط به مهام ترقية العقول وتوسيع آفاقها بحيث لاتكون ( إتجاه واحد)، أو كما عقول الأنظمة المصرية في كل القضايا ذات الصلة بالسودان ..لافرق بين عمر سليمان وفهمي هويدي، أوكما تعكس أفعال الأول وأسطر الثاني ..!!

** ومقال هويدي لم يمر كما يشتهي بهدوء ، بل تلقى الكاتب سيلاً من رسائل و تعليقات القراء التي وضحت له أسباب تخلى السودان عن مصر في قضية سد النهضة، فعاد وكتب معتذراً : ( أخطأنا في حق السودان وإثيوبيا حين سارعنا إلى التصعيد دون مبرر وحين أسأنا الظن دون جدوى)..حسناً، شكراً على الإعتذار، ولكن ما هذا : (وقد ذكرني بعض القراء بأن بناء السد العالي في مصر أدى إلى إغراق 24 قرية سودانية وتدمير مليوني نخلة، ولم يستفد منه السودان، لكنه كان ضارا به، ومع ذلك فإن السودان لم يعبر عن أي استياء أو غضب، وفي حالة سد النهضة فإن السودان يرى فيه فوائد كثيرة )..لقد ذكر القراء الكرام المفكر الإسلامي بمأساة وادي حلفا، وكان قد نساها..فمن يذكره بحلايب المُحتلة؟..ربما لو تذكرها يعرف المزيد من الإجابات عن سؤاله : لماذا تخلى السودان عن مصر ..؟؟‬

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]