تحقيقات وتقارير

السودان في خطر وشيك قادم يا حكومة ويا معارضة


[JUSTIFY]هذه دعوة للحكومة والمعارضة والجالسين على الرصيف وهم معارضون مسالمون وأغلبية عظمى صامتة كامنة على وشك الإنفجار هي دعوة للتفكر العميق في المهددات التي سنوردها بكل تجرد وهي حقائق مؤسفة ومؤثرة على بقاء السودان متماسكاً ومعظم مواطنيه في أمن هش للغاية كما سنرى في هذا المقال- على الحكومة أن تدرك أن هذه المهددات المتفرقة سوف تجتمع يوماً ما وقريباً في لحظة واحدة وهي التي نسميها في علوم الهندسة النقطة الحرجة The

critical Point والتي بعدها مباشرة يحدث الإنهيار وهي اللحظة أو الحدث الذي نقوله في أمثالنا التراثية (القشة التي قصمت ظهر البعير) أو (القندول الجنقل الريكة) وهي في الهندسة كمثال لمبنى ظل حاملاً لمائة طن مثلاً من كافة الأثقال يصل بها الى قرب النقطة الحرجة وينهار المبنى بإضافة حمولة كيلو جرام واحد أي إنه كان جاهزاً للإنهيار إلا من هذا الكيلو جرام، وكذلك البعيرالذي يحمل أثقالاً في احتماله الأقصى منتظراً (قشة) واحدة فقط تقصم ظهره بعد تعديه بهذه القشة مرحلة احتماله الأقصى الى مرحلة فوق احتماله- والريكة هي صينية من سعف تحمل عليها النساء بائعات قناديل (عيش الريف) مثلاً وتملأ الريكة الى درجة احتمال الريكة الأقصى، وبإضافة قندول واحد تسقط الريكة بعد تعدي مرحلة الاحتمال الأقصى الى مرحلة فوق الإحتمال- ما فيه السودان اليوم هو مرحلة أقصى إحتمال أي جاهز الى مرحلة عدم الاحتمال بأي إضافة جديدة من الأثقال أو بتلافي عدد من المهددات في وقت واحد- الآن المهددات تحدث في أوقات مختلفة بدأت تتقارب نحو النقطة الحرجة.

المهددات: أ- جغرافية

السودان حدوده الجغرافية مع 7 دول بطول 7604 كيلو متر تفاصيلها كالآتي:

جنوب السودان 2184 كيلو متر- تشاد 1360- مصر 1275- اثيوبيا 769- اريتريا 605- ليبيا 383- افريقيا الوسطى 175- السعودية حدود ساحلية 853 كيلو متر الجملة 7604 كيلو متر – من هذه الحدود تعتبر 4870 كيلو متر غير آمنة أي 64% وهي حدودنا مع مصر- جنوب السودان- ليبيا- افريقيا الوسطى والحدود الساحلية مع السعودية 2734 أي 36% آمنة نسبياً وقابلة للتحول الى غيرآمنة في لحظات وهي حدودنا مع تشاد- اثيوبيا واريتريا- حدودنا غير الآمنة سوف تظل كذلك لفترة من الزمن- جنوب السودان في حدوده معنا ستظل غير آمنة طالما الجنوب في حروب وعدم استقرار- مصر وبعد فوز المشير السيسي وعدائه المعلن لتنظيم الاخوان المسلمين في مصر واتهامه للسودان كثغرة في حدوده مع مصر لدخول السلاح للجماعات المسلحة المعارضة وتلميح قيادات مصرية بأن السودان سوف يصير ملاذاً آمنا لجماعة الاخوان المسلمين إضافة الى مشكلة حلايب ووقوف السودان مع اثيوبيا في بناء سد النهضة كلها أسباب تجعل حدودنا مع مصرغيرآمنة- ليبيا وما فيها من حروب أهلية وبروز شخصية اللواء حفتر وتواجده في شرق ليبيا أي مع حدود السودان ودعوته وحربه المتصاعدة وشعبيته المتزايدة ضد الإسلاميين تحيل الحدود مع ليبيا غير آمنة وتكون أكثر خطراً إذا استولى اللواء حفتر على السلطة في ليبيا، وهو أمر محتمل بدرجة عالية جداً كما حدث مع السيسي في مصر- افريقيا الوسطى عدم الاستقرار فيها مثل جنوب السودان يجعل حدودنا معها على قصرها غير آمنة حتى الحدود الآمنة وهي 36% من كل حدودنا مع دول الجوار آمنة أمناً هشاً قابلاً للتحول لأبسط الأسباب فمثلاً حدودنا مع تشاد وهي كبيرة ومؤثرة 1360 كيلو متر آمنة الآن لكنها مرتبطة بشخصية الرئيس ادريس دبي فقط ولأسباب منطقية عملية وهي المصالح الأمنية المشتركة ومن أخطر الأشياء ارتباط مصالح بين دولتين بأشخاص لأن الأشخاص زائلون والدول ومشاكلها باقية كذلك الحال في حدودنا مع اثيوبيا واريتريا والتوازن العسير في علاقتنا بين الدولتين وبينهم عداء تاريخي اثني عنيف أي اختلال في هذا التوازن الصعب في علاقاتنا مع أي منهما يحيل احد حدودنا معها الى حدود غير آمنة عليه حتى الحدود التي نعتبرها اليوم آمنة فهي قابلة للتحول في أية لحظة بمعنى أننا نسير مثل لاعب السيرك في الحبل المشدود في توازن يثير أعصاب المتفرجين.

في كل ما أشرنا الى حدود غير آمنة قصدنا غير آمنة لأنها وبالضرورة تصبح ملاذاً مدعوماً لكل المعارضة المسلحة السياسية كما حدث في السابق عندما كانت اثيوبيا ملاذاً آمنا لحركة جون قرنق وعندما صار جنوب السودان بعد الانفصال ملاذاً آمنا للجبهة الثورية وعندما كانت تشاد ملاذاً آمناً لحركات دارفور المسلحة.

ب-المهدد الاقتصادي

الآن الاقتصاد السوداني في ظروف بالغة التعقيد خاصة بعد الحرب الاقتصادية الأخيرة من دول الخليج وقبلها المقاطعة الأمريكية وتحرج موقف الميزان التجاري وأصبحت الصادرات أقل من الواردات مثلاً في عام 2013 بلغت الصادرات 4.1 مليار دولار والواردات 5.9 مليار دولار أي عجز 1.8 مليار دولار وقبلها كان العكس خاصة في الفترة من 2005 الى 2011 قبل الانفصال كل ذلك بسبب نقص عائدات البترول بسبب حروب الجنوب في ظل انهيار الزراعة ومشاريعها المختلفة- هذا التدهور الاقتصادي أدى الى أن يزيد عدد المواطنين تحت خط حد الفقر الى 47% أي نصف السودانيين وهم بالطبع مهدد كامن إذ أنهم وبكل تأكيد معارضون بالضرورة والواقع.

ج-المهدد السياسي الخارجي والداخلي

1-موقف دول الخليج السلبي غير المعلن وحصاره الإقتصادي خاصة في مجال المصارف والتحويلات إضافة الى وقف المنح والقروض والمساعدات الأخرى بسبب تقارب السودان مع ايران وقطر.

2-رئاسة السيسي لمصر وتصاعد نجم الجنرال حفتر في ليبيا.

3-ضبابية العلاقة مع دولة جنوب السودان في نظاميها الحاكم (سلفاكير) والمعارض رياك مشار ومجموعته المعادية للسودان أمثال باقان ودينق ألور وأتيم قرنق ولوكا بيونق.

4-تعثر بداية الحوار الوطني الذي بادر به الرئيس البشير.

5-تعثر المفاوضات مع قطاع الشمال.

6-استمرار عدم استقرار دارفور والحروبات الدامية القبلية الأخيرة.

7-الحملة العالمية المتصاعدة ضد كل الاسلاميين في العالم والعنف عليهم وتضييق الخناق عليهم المؤدي الى احتمال تدفق أعداد منهم الى السودان.

من هذه المهددات نخلص الى أن الحكومة لن تكون قادرة على مواجهتها لوحدها وفي نفس الوقت المعارضة والمواطن المسكين لن يسلم بتاتاً من تداعيات تفاعل هذه المهددات ووصولها الى النقطة الحرجة المؤدية الى المواجهات الدامية كما يحدث في سوريا ولن تجد المعاضة وطناً لتحقق به غاياتها وأهدافها لأن النظام الآن ما زال في قوته وسوف يستميت بكل قوة- سوريا الآن ولأكثر من ثلاثة أعوام في حالة تشظي ومواطنوها الآمنين هربوا الى دول العالم الأخرى ومنها السودان والنظام باق.
الحلول:
أولاً: يجب أن نتفق أن ما وصل اليه السودان الآن لا يمكن حسمه عسكرياً إذ أنه كلما تصاعد العمل العسكري خاصة القصف الجوي فإن ذلك يزيد من حجم التآمر الدولي لتحقيق أجندة خفية إذ أن ذلك سيمنحهم الذريعة للمطالبة بالتدخل الأممي لحماية المواطنين الأبرياء ونؤخذ على حين غرة.

ثانياً: على المعارضة السياسية الواعية التقاط مبادرة الحوار الوطني والإنخراط فيها وتتحرك من التمترس في محطات لم تعد مؤثرة في النظام مثل اجترار أخطاء الإنقاذ الماضية والإنشغال بأحاديث الفساد والإنهيار الإقتصادي وضيق المعيشة لأن القادم أو البديل أخطر وهو التشظي والموت والدمار وعدم الإستقرار كما حدث في الصومال منذ أكثر من ثلاثين عاماً وحتى اليوم- الإنقاذ محكمة القبضة الأمنية وبها مجموعة مصادمة لا تؤمن إلا بأن ترق دماء أعدائها أو دمائها او كل الدماء وبها في الجانب الآخر مجموعة مقدرة وهي الأغلبية عاقلة تستشعر الخطر القادم وتؤمن بحقن الدماء وتماسك السودان، وتخشى الله في استمرار موت الأبرياء، وهي المجموعة بقيادة الرئيس البشير صاحب المبادرة ومعاونيه السياديين مثل الفريق بكري حسن صالح ود. حسبو ومن الجانب الحزبي بقيادة بروفيسور غندور ود. مصطفى عثمان وآخرون في الصف الثاني أمثال د. أمين حسن عمر- سيد الخطيب- ادريس عبد القادر- الأخ د. عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم وغيرهم من قيادات المؤتمر الوطني هؤلاء يؤمنون بالحوار الوطني دون سقف ودون إقصاء لأنهم أدركوا أن لاسبيل الى الخروج من هذه الأزمة الحالية والمخاطرالمحدقة إلا بمشاركة الآخرين فماذا يضير المعارضة إذا كان هناك أمل بأي نسبة في التوصل الى اتفاق يخرجنا من هذه الأزمة ويبعدنا من تفكك السودان ودمار وموت أبنائه.

ثالثاً: وبعد الاقتناع بما قدمنا يجب حسم مفاوضات قطاع الشمال بالتوافق على إعمال الإتفاقية الإطارية الموؤدة بغير سبب منطقي ووقف حروب جنوب كردفان.

رابعاً: الجلوس المباشر مع حركات دارفور المؤثرة على الأرض في منبر جديد، أكرر منبر جديد لأن المنبر القديم منبر الدوحة لم يحقق الإستقرار المنشود.

خامساً: إعادة هيكلة حكم السودان في ثمانية أقاليم هي الخرطوم- دارفور- كردفان- جنوب كردفان- الشمالية- الأوسط- الشرق والنيل الأزرق فقط.

سادساً: الاتفاق على دستور دائم عبر الحوار الوطني وتأجيل الإنتخابات حتى 2017.

سابعاً: إعادة كل العلاقات الخارجية الطيبة مع امريكا- دول الخليج ومصر بأي تنازلات عقلانية عملية إعمالاً لمبدأ المصالح الدائمة لأنه لم تبق فينا عافية لعداء دائم، هذا هو الحل في أيدينا ان شئنا، بدونه لن يبق لنا إلا تدخل العناية الإلهية والمعجزة لبقاء السودان.

والله الموفق.

صحيفة آخر لحظة
مهندس عمر البكري ابو حراز
ت.إ[/JUSTIFY]


تعليق واحد

  1. [SIZE=3]اول مرة اجد من يشرح الحالة السودانية بكل معضلاتها وتشابكها بهذا السرد القيم ولقد استفدت كثيرا وانا معك …..فهل من مجيب[[/SIZE]

  2. هذا جزء قليل من الحقيقة ،و هي ان السودان قاره و فيه. اختلافات. أثينية شتي. هي. نفسها كفيلة بان تقصم. ظهر البعير اهم من الحدود غير الآمنة ،

  3. باشمهندس ابوحراز … مهندس الهلال .. ومهندس شركة كولدير … أتفق معك في الحلول خصوصاً في خامساً وسادساً … ثمانية أقاليم كافية جداً .. وتقريباً هي كل الحل للمشاكل التي ذكرت .. لأن مشكلة السودان هي إدارة الموارد فلو تم ذلك مع حكام الأقاليم الجدد .. فلن نحتاج لبنوك خارجية وتحويلاتها ولن يخيفنا الجار الشمالي … وصدقني حتي الدبلوماسية وشطارتها تعتمد كلياً علي الإقتصاد …أدر مواردك بطريقة ذكية و خليك عندك إقتصاد قوي … حتي لن تحتاج لبرلمان وأحزاب معارضة وصداع …أما ماذكرت بخصوص المشاكل في دارفور والجنوب فأساسها هو نظام الحكم الولائي وقسمة السلطة في الولايات خصوصاً غرب السودان !!! وحالياً نحتاج لطاقم كامل في وزارة الخارجية وسفراء جدد .. حتي غفير الوزارة يجب أن يغير … شغل إسعاف وكده ..

  4. يا أهل السودان الطيبين، مصر لا تهدد كم ولن تههدكم، لا اعلم لماذا اصبح قطاع عريض من السودانيين يعتقدون ان مصر عدوة، ليس صحيح، نعم نحن ضد الحكم الإسلامى ولكن أنتم أحرار فى أسلوب إدارتكم لبلادكم، طالما لا ضرر ولا ضرار،