حيدر المكاشفي

يا الله حافلة روزا ومرة كوزة


في عمودها على أخيرة الغراء (الأهرام اليوم)، تساءلت أمس الأستاذة أم وضاح عن مسمى كوز (مفرد كيزان) الذي يطلق على إسلاميي السودان، من أين جاء وما هي مناسبته. وترجّت من يملك الإجابة أن يمدها بها، ولما كنت قد اهتممت من قبل بمعرفة أصل وفصل هذه التسمية، وبحثت ونقبت وسألت وتوفرت على قدر من المعلومات عنها، فإنه مما يسرني أن أمد الزميلة بها، ولكن لا أقول لها (هاك الزيت) بمعنى (النجيضة) بلغة شباب اليوم، إذ إن ما توفرت عليه من معلومات لم تقطع برواية واحدة وموحدة عن سبب التسمية، ومن أطلقها على هذه الجماعة، وإنما انقسم حولها المفسرون والشرّاح، واليك ما علمت.

هناك روايتان تفسران سبب الصاق هذا المسمى الاصطلاحي والكودي بإسلاميي السودان، رغم اتفاقهما على النص الذي انطلقت منه التسمية وهو (الدين بحر ونحن كيزان نغرف منه)، ففريق من المفسرين يعزو المقولة بين هلالين للإمام حسن البنا؛ المؤسس الأول لدعوة الإخوان المسلمين في مصر، قيل إنه قال هذه العبارة عندما أراد أن يعرف الناس بدعوته الجديدة. أما الفريق الآخر فرغم أنه يرى أن الدكتور الترابي هو صاحب الملكية الفكرية لهذا المسمى إلا أن أفراد هذا الفريق يختلفون في ما بينهم حول مناسبتها، فمن قائل هو من سكها، وقائل بل كانت سارية وهو من رسخها في مخاطبة له أمام جمع من جماعته، حين قال يسموننا بالكيزان.. نعم نحن الكيزان. لأن الدين بحر ونحن كيزان نغرف منه، فرسَّخ التسمية أكثر، وعن شخصي فإنني أرجح أنه مصطلح سودانوي خالص إذ لم يعرف هذا المصطلح عند جماعات مصر أو أي بلد آخر.. وقد تطبع وتآلف كيزان السودان مع هذا المسمى حتى أن متشاعراً منهم تفاخر قائلاً (ﻧﺤﻨﺎ ﺍﻟﻜﻴﺰﺍﻥ ﻣﺎ ﻓﻴﻨﺎ ﺟﺒﺎﻥ.. ﻗﺎﺋﺪﻧﺎ ﺑﺸﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺮتبة ﻣﺸﻴﺮ.. ﻧﺤﻦ ﺟﻨﻮﺩﻙ ﻟﻠﺘﻌﻤﻴﺮ.. ﺍﻟﺰﺍﺭﻋﻨﺎ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﺟﻲ ﺍﻗﻠﻌﻨﺎ.. ﻛﻴﺰﺍﻥ ﻛﻴﺰﺍﻥ)، ليرد عليه متشاعر آخر من الناقمين قائلاً (نحنا الكيزان دمرنا السودان.. نحنا الكيزان مزقنا الأوطان.. نحنا الكيزان هلكنا الإنسان.. نحنا الكيزان ما لينا أمان.. وختاماً اليك هذه الطرف عن (الكوزنة) قيل إن صحافياً سودانياً خرج إلى الشارع يستطلع آراء الناس، وكان أول من صادفه أحد المسانيح، فسأله وهو لا يدري أنه مسنوح، ما هو السبب المباشر في الفساد والعطالة والغلاء الحاصل في البلد دي برأيك، قال المسنوح وهو يمضغ الحروف مضغاً، حكومة الكيزان، توجس الصحفي من الإجابة وتلفّت يمنة ويسرى، وأعاد السؤال بصيغة أخرى، وقال للمسنوح طيب والسبب غير المباشر شنو، قال المسنوح وهو يمسح بيده على صدره كناية عن الثقة، كيزان الحكومة.. وقيل في طرفة أخرى تُروى عن عهد (التمكين)، أن مواطناً أغبشاً عندما سئل عن أعز أمنياته، قال بثقة (حافلة روزا ومرة كوزة).


تعليق واحد