جمال علي حسن

موظفون حتى الموت.. وموظفات تحت الإذعان


[JUSTIFY]أمس وأول أمس يتسابق إلى واجهة الصحف خبران كارثيان، الأول هو رفع سن التقاعد من 60 إلى 65 عاماً في بلد مكتظ بالعاطلين عن العمل من حملة الشهادات الجامعية في التخصصات المختلفة.. يريد جيل من المتشبثين أن لا يخلي مقاعد الوظيفة للشباب القادمين والنتيجة خدمة مدنية متعطلة ومتخلفة وغير مواكبة يديرها جيل لا يعرف فائدة لجهاز الحاسوب الموجود (كديكور) على مكتبه سوى تطبيقات ألعاب الكوتشينة.. معظم هؤلاء المتشبثين لا تجد لديهم حتى الرغبة في مواكبة التطور، لكنهم لا يريدون إفساح الفرصة للأجيال الجديدة ويريدون أن يكونوا موظفين حتى الموت.

الدولة تريد تقليد موضة رفع سن المعاش في دول لا وجه مقارنة بيننا وبينها مثل النرويج وأمريكا وأيرلندا.. حتى اليابان التي تدار فيها الدولة بنظام (اللمس) وتنعدم فيها الأمية التقنية لم توافق على رفع سن المعاش إلى 65 عاماً، بل قبلت وبعد إلحاح شديد زيادتها عاماً أو عامين بعد الستين.. وقالت حكومتها في تصريح موثق (نريد شباباً) ..

أما بلادنا فلا تريد شباباً يجددون الدماء في مؤسسات الخدمة المدنية.. وبالنسبة للشابات فالفرصة أمامهن قد تكون أكبر في القطاع الخاص ليس لعبقريتهن وجديتهن في العمل، بل بغرض تجميل وتزيين واجهات المؤسسات الخاصة صغيرة أو كبيرة وتزيين صالة الموظفين بحسناوات (يفتحن نفس) المدير والزبائن والزوار بمكاتب سكرتارية المدراء.. ويتم اختيارهن للأسف بمعيار الجمال.. وبالتالي لو كنت يا أختي الشابة أقل جمالاً فمع كل الأسف نقول لك ( حقك راح ).. هذا واقع .

أما الخبر الكارثي الثاني والذي ارتجفت عيني وأنا أطالعه أمس، ذلك الذي أثير في منتدى المستهلك بالإشارة إلى بعض المؤسسات الخاصة التي تفرض على المتقدمات للعمل فيها التوقيع على عقود إذعان بشروط كارثية وخطيرة جداً تلزمهن بالتخلي عن أمومتهن مقابل العمل في تلك المؤسسات، وقد أشار المشاركون في منتدى المستهلك لمؤسسة بعينها وقيل إنها مؤسسة طبية شهدت شاهدة من الموظفات فيها بأنها تعمل وفقاً لعقد يشتمل على هذا الشرط الخطير والغريب والذي لو صحت المعلومة المنشورة في الصحف أمس فإن هذه المؤسسة تنتهك حقوق الإنسان وبشكل صارخ وفاضح .

نحن نعلم أن هناك مؤسسات أخرى لا ترغب في تعيين شابات متزوجات تجنباً وتفادياً لتحمل تبعات ذلك من إجازات ما بعد الولادة وساعات الرضاعة كما يسمونها، لكن تلك المؤسسات لا تتجرأ وتضع هذا شرطاً في العقد، بل تحاول التحجج بأية أسباب أخرى تجنبها تعيين شابات متزوجات أو أمهات لأطفال صغار، وتلك في حد ذاتها قضية كبيرة.. لكن الأكبر والأفدح منها هو ذلك الخبر المسيء للوسط الطبي وإنسانية مهنة الطب بشكل عام.

لا تحدثونا مرة أخرى عن إنسانية الطب والأطباء لو صمتم يا أطباء ويا منسوبي القطاع الطبي عن هذا الانتهاك الخطير لحقوق الإنسان..

يجب التحقيق وبسرعة في هذه القضية وفتح ملفها بتدخل سريع من السيد والي ولاية الخرطوم دكتور عبد الرحمن الخضر.. نخاطبه ونخاطب اتحاد الأطباء ووزارة الصحة.. هذه كارثة خطيرة والله وتعيد بلادنا إلى عصور غابرة ومظلمة ومراحل تخطاها وعي العالم قبل مئات السنين.

شوكة كرامة:

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
[/JUSTIFY]