تحقيقات وتقارير

نفس صوت الإسطوانة


الدائرة التي اكتملت تشبه لحد بعيد المائدة التي استدارت قبل عام.. الفرق أن دائرة اليوم في الهواء الطلق وأن اللغة التي يتبادلها الواقفون فيها هي لغة حانقة على من أخفوا الغاز وجاءوا يتفرجون علي معاناتنا في الحصول على حق (الحريق).. بينما دائرة الأمس يجلس أصحابها في مساءات التكييف وفي داخل قاعة الصداقة يبحثون عما يوقف (الحريق) بين السياسيين والشعب.. ثمة حكاية للتناقض ترسم تفاصيلها بعد حول على وثبة الحوار الوطني.

قبل عام كان كل من يمسك بالمايكرفون يحيي الشعب السوداني ويضع نفسه في خدمته من أجل تحقيق تطلعاته في الحياة الخيرة وفي راحة البال.. في ذلك الوقت كان الجميع يتابع مشهد اجتماع القاعة منتظراً أن لا تخرج منه توصيات جديدة برفع الدعم عن المحروقات.. وعندما انتهى بغير ذلك تناساه الجميع وسريعاً تحت شعار: (شهراً ما عندك فوقو نفقة ما تعد أيامه ).!

في ذكرى الوثبة الأولى هم (يتقافزون) ولكن من أجل الحصول على إسطوانة غاز طبيخ.. تقول السلطات بأنها متاحة وبسعرها الرسمي، لكن تعكس الصفوف المتراصة بعكس ذلك.. عليك أن تدفع ثلاثة أضعاف السعر الرسمي من أجل الحصول على إسطوانة غاز وأن تحتفظ بأسئلتك لنفسك فلا إجابة في واقع يلد مجموعة من الأسئلة .

لم يكن ليصل الجميع إلى محطة الالتقاء على هدى الحوار الوطني لولا ما اصطلح على تسميته بأحداث سبتمبر.. الاحتجاجات التي راح ضحيتها المئات من السودانيين وهم يرفضون السياسات الحكومية المتعلقة برفع الدعم عن المحروقات. يقول أحد قيادات الحزب الحاكم بأنهم تجاوزا ما حدث في سبتمبر 2013، لكن تقول الصفوف بغير ذلك.. فما تزال الأزمة الاقتصادية تمسك بتلابيب البلاد وما زال المواطنون يدفعون ثمنها من راحتهم إن كانت الوفرة مع ارتفاع الأسعار قادت لحالة التذمر الشعب.. فما بالك بغياب السلع الرئيسية.؟

لكن يظل الملمح الأبرز في الشوارع بعد عام من الدعوة للحوار هو ملمح صفوف الغاز المتراصة بامتداد البلاد.. صفوف لم تجد من يضع لها نهاية حتى الآن، وبالتالي أنتجت بدورها وثبات لكن على طريقة أخرى.. فذلك الخمسيني يتقافز سريعاً دون وضع لحسابات العمر بغية اللحاق بالدفار الذي غادر الميدان قبل عشر دقائق وهو يعلم تماماً بأنه سيحصل على إسطوانة حال دفعه لفارق السعر وهو ما تم بالفعل ليعود هذه المرة وهو يطير فرحاً بالحصول على أنبوبة غاز في الذكرى الأولى لخطاب وثبة الحوار .

الزين عثمان
صحيفة اليوم التالي