رأي ومقالات

خالد حسن كسلا : «سامية» دعيهم.. الحكومة محظوظة

[JUSTIFY]والحكومة نفسها تطرح برنامج الحوار الوطني.. ولم يرفضه حزب مهم أول الأمر. تقبله المؤتمر الوطني ولم يقل إنه حزب حاكم بانتخابات، وأنه يستنشق نسائم الحياة الدستورية منذ عام l2005، وأن هذه الحياة الدستورية أطلقها المجتمع الدولي في البلاد من خلال نيفاشا. ولو كانت هي مؤامرة مرحلة من المراحل، فإن الحزب الحاكم لا يمكن أن يتعامل مع القوى السياسية من هذا المنطلق، وهذا ما يعني أنه ليس في حاجة إلى حوار وطني. ومن يحتاج إليه هي القوى السياسية. وهنا أقصد طبعاً غير حاملة السلاح. فماذا يعني الحوار الوطني للحزب الحاكم الذي امتثل للدستور الانتقالي المعترف به دولياً؟ ويجدر ذكره هنا أن الترابي قال إن هذا الدستور صناعة أجنبية، وهو طبعاً الدستور الناسخ لدستور عام 1998م الذي وقف على صياغته الترابي نفسه. وطبعاً رفض القوى السياسية والمسلحة معاً للتعايش في ظل تطبيق دستور 2005م ليس بسبب أنه صناعة أجنبية، فما هو أجنبي بصورة أعمق يريد ما يعرف بتحالف نداء السودان أن يأتي به. لكن كل المطلوب بوضوح هو وجود الحركة الإسلامية في السلطة. وهذا يعني إما ألا يأتي من في الخارج أو تأتي بهم الإغراءات. وإن كانت الأخيرة فهذا يعني استمرار الاسلاميين في السلطة. ومن قبل لم يقل قرنق لن يأتي والاسلاميون في السلطة، لكنه بقراءته العميقة حسب أنهم «شوكة حوت لا بتنبلع لا بتفوت» فإذا ذهب يفاوض ويتفق فإن حكم الإسلاميين مستمر إذن، وإذا أراد أن يستمر في الحرب فهو لن ينتصر وستخسر الجهات الداعمة والممولة لتمرده خسائر مادية فادحة، لذلك اختار للخرطوم أن تكون فاتورة السلام مكلفة أكثر من فاتورة الحرب، وهذا ما حدث فعلاً بمساعدة طبعاً من واشنطون.

والآن تحالف نداء السودان إذا كان يريد أن يصرف بعض الأحزاب من برنامج الحوار الوطني، فإن على الحكومة ألا تغضب، لأنها ليست هي المحتاجة إلى الحوار الذي يمضي في مسار مستقل عن مسار التفاوض مع المتمردين هنا وهناك.
والحكومة أكثر ما يهمها هو التفاوض مع المتمردين حتى توقف اعتداءاتهم على مناطق وأسواق المدنيين وتحقن دماءهم وتحفظ ممتلكاتهم. إذن قبول التفاوض مع حملة السلاح الذين يعتدون على أرواح وممتلكات المواطنين وينسفون استقرار الاطفال والنساء والشيوخ ويحولونهم من مساكنهم إلى حياة معسكرات النازحين، يبقى من أوجب واجبات الدولة. ولولا ذلك فإن كل أطروحات المتمردين يستوعبها الدستور، وحتى لو المشكلة في التطبيق فإن الحركات المتمردة غير مؤهلة للتطبيق كما هو معروف دعك من أن تشرف عليه. أما الحوار الوطني فهو هدية سياسية للقوى السياسية المعارضة، والأحزاب التي رفضته من الأساس أو نعته بعد الدخول فيه والتمتع بالظهور في الإعلام، أوحت بأنها لا تملك قدرات حوارية ومهارات جدلية تنازل بها النظام الحاكم كما تسميه في الساحة السودانية، لكي «يعرف متين يبقى المطر ويفهم متين يصبح حريق». فالحوار ما معناه؟ معناه أن تحاول إقناع الطرف الآخر. فبماذا يمكن أن يقنع حزب الصادق أو أحزاب اليسار الحكومة؟ كل سؤال له إجابته الحكومية، مصطفى عثمان إسماعيل وإبراهيم غندور وأمين حسن عمر والفاتح عز الدين والطائفة تطول. كل يمتلئ بالإجابات عن كل الأسئلة في صعيد القوى المعارضة، إذن النقصان في الأسئلة، وغير المكتملة هي الإجابة.
الحوار الوطني تسبب في إعادة صحيفة إلى الصدور تقوم سياستها التحريرية على كشف الفساد في المؤسسات العامة. وهذه الثمرة الأولى. فلماذا يتركون بقية الثمار للحكومة؟ هل الحكومة محظوظة لهذه الدرجة؟ طبعاً أراها كذلك.
تنويه
الجمعة الماضية وتحت عنوان: «مشكلة مهرجان السياحة» كنا نقصد عبارة «حس سياحي» وليس «حساً سياسياً».

صحيفة الإنتباهة
ت.أ[/JUSTIFY]