المعارضة.. وهم (المقاطعة) !!

فشلت المعارضة للمرة الثالثة حسب ما جاء في أخبار (المجهر) أمس في حشد أكثر من (مائتي) شخص للانتظام في اعتصام كان معلناً عنه بدار حزب الأمة القومي بشارع الموردة بأم درمان .
حضر للمكان الأستاذ “فاروق أبوعيسى” وبضع عشرات من الشباب المعارضين بينما غابت معظم قيادات الأحزاب المنضوية في (تحالف قوى الإجماع الوطني) !!
” أبوعيسى” على مرضه ورهقه بعد خروجه من اعتقال طويل بيومين فقط أتى للمكان في الزمان المحدد، وليته أخذ قطعة (كرتون) وكتب عليها كما فعل الراحل الجسور “محمد إبراهيم نقد”: (حضرنا ولم نجدكم)!!.. بالمناسبة ما زال شخصي الضعيف يحتفظ بتلك الكرتونة (التاريخية) بالغة الأهمية، رغم ما أصابها من سوء (تخزين)!!.
المهم أن المعارضة لم تحضر، ومضت الانتخابات كما خططت لها الحكومة وسط مشاركة متفاوتة في المراكز بين الخرطوم والولايات .
ولكن إذا كانت المعارضة غير جاهزة لحشود واعتصامات داخل (حوش) حزب كبير من أحزابها، فلم الإصرار على قيام تلك المناشط والإعلان عنها، فتأتي الصحافة وتكشف المستور.. بالصورة والقلم؟!!
كان الأجدر أن (تكرب) أحزاب التحالف (شغلها)، وتثق في نجاح حشدها ودقة تنظيمها ، ثم تنبري لدعوة الإعلام الداخلي والخارجي، لأن الهدف في البداية والنهاية (إعلامي) لإظهار القوة وتهديد الحاكمين بأننا (موجودين) !!
بالتأكيد الهدف ليس تعبئة الجماهير لبداية خطة إشعال (الانتفاضة الشعبية)، لأن الانتفاضات في السودان وفي غيره تنطلق من الشوارع والميادين وتغلق الكباري، فلا تقوم الثورة من داخل (أسوار) بيت “أبو العلا” القديم الذي اشتراه السيد “الصادق المهدي” في ثمانينيات القرن المنصرم ليكون داراً لحزب الأمة القومي بعيد انتفاضة (رجب – أبريل 1985)
إن المعارضة تتخبط، لأنها لا تحسن قراءة المشهد السياسي، كما أنها تتعجل الإطاحة بالنظام – بالكلام لا بالفعل – قبل أن تكون جاهزة لذلك، وقبل أن يتهيأ الشارع لتغيير يعلم قائده، وثيق فيه، ويعرف مآلات ذلك التغيير .
ولهذا فإنه من الخطأ بمكان الاعتقاد بأن ضعف الإقبال المتوقع على صناديق الاقتراع، يرتبط بمقاطعة أحزاب المعارضة للانتخابات، كما يرد في (الميديا) العالمية وبعض المحلية، لسبب بسيط أن الذي فشل في حشد أكثر من (مائتي) شخص بدار (الأمة) أمس الأول، ليس بمقدوره أن يوجه الملايين بمقاطعة الانتخابات.. فاقد الشيء لا يعطيه .
نسبة الإقبال في الانتخابات الجارية ستكون أقل ليس لأن المعارضة مقاطعة، ولكن لأن المنافسة أضعف، حتى (المستقلين) المنافسين للرئيس “البشير” أغلبهم غير معروف للعامة.
الناس يتملكها إحساس بأن النتيجة معروفة، وأن “البشير” فائز بنسبة كبيرة، لا لطعن في نزاهة الانتخابات، بل لانخفاض (حرارة) المنافسة.. وعوامل أخرى ذات علاقة بالحالة الاقتصادية والمعيشية وآثارها النفسية .. وهذا طبيعي ومتوقع .
من المفيد لقوى المعارضة ألا توهم أن ضعف أو قوة الإقبال على الانتخابات مرده إلى تأثيرها على الشارع .

Exit mobile version