الجنوب.. سيك سيك معلق فيك

عندما شاهدتُ خبراً قبل أيام في قناة “الجزيرة” الواسعة الانتشار عن (جنوب السودان) الذي سمي هكذا بدون أن تضيف المذيعة كلمة (دولة) قبل ذلك الاسم وكان الخبر محتشداً بالأسى والفقر والجوع والمعاناة، كما ظل حال الدولة الجديدة منذ أن انفصلت تساءلت: لماذا يحدث ذلك الظلم الفادح للسودان وهو يحمل (وزر) تلك السمعة السيئة والتشهير الذي لحق ويلحق به بمثل تلك الأخبار؟.

قبل أيام صدر خبر عن إحدى وكالات الأمم المتحدة عن أن جنوب السودان تطحنه مجاعة طالت حوالي أربعة ملايين مواطن.. من بربكم من الشعوب يفرِّق بين السودان وجنوب السودان، ومن يعلم أن جنوب السودان أصبح دولة أخرى؟.

دولة الجنوب تعاني من حرب أهلية دمرت مدنها الكبرى وأمس الأول أُحتلت ملكال من قبل بعض فصائل المعارضة، وظلت المدينة هكذا كل فترة تُحتل من قبل أحد الفصائل مع تدمير شامل يسبق الاحتلال.. جوبا وواو تعانيان بذات القدر أو ربما أقل قليلاً.. دمار وخراب وجوع وموت بل إجبار بعض الفصائل لأسرى الأخرى على أكل جثث موتاهم، كما نُشر قبل نحو شهر!.

كل ذلك يحدث مصحوباً بانعدام لخدمات المياه والتعليم والصحة، أما الكهرباء فهذه باتت من الأحلام المستحيلة.

الهجرة من الجنوب المطحون بالحرب الأهلية إلى الشمال تتزايد إلى الولايات المجاورة خاصة النيل الأبيض ثم كثير من أولئك ينتقلون إلى الخرطوم.

كنا نعلم أن ذلك سيكون مصير الجنوب لو انفصل، وكان الإنجليز يعلمون عندما ضموه إلى الشمال بمنشور أصدره السكرتير الإداري الاستعماري جيمس روبرتسون عام 1946م، ثم قنن ذلك بمؤتمر جوبا عام 1947م، الذي اعترف روبرتسون بتزويره لمصلحة الوحدة مع الشمال حتى يلحق الجنوب بالشمال كما قال في منشوره رحمة بالجنوب إلى أن يتطور ويصبح قابلاً لأن يصبح دولة تتمتع بهوية مشتركة تجمع قبائلها المتناثرة، أما الشمال فلا يهم أولئك الاستعماريون غلاظ الأكباد أن يدمر ويخرب بحرب تستمر إلى الأبد!.

وهكذا دفع الشمال ثمن وحدة مفروضة عليه كلفته غالياً ولو ظل الجنوب جزءاً من السودان لاستمرت الحرب التي بدأت منذ عام 1955م قبل خروج الانجليز إلى الأبد.

ما اكتشفناه وجعلنا ندعو إلى تصحيح ذلك الخطأ التاريخي، بل ونقول إن الجنوب لم يكن في يوم من الأيام ولن يكون جزءاً من السودان عبّر عنه حكيم الجنوب لادو لوليك وهو ينصح أبناء الجنوب أن (يكنكشوا) في الشمال لأن الشماليين هم (النشارة التي تفصل بين أكواب الزجاج، ولو أزيلت النشارة سنكسر بعضنا بعضاً)، أو كما قال!

بقدر أسفي على (تكسير) الجنوبيين وقتلهم لبعضهم البعض فإني حزين أن الساسة الجنوبيين بعد الانفصال ورطوا الشمال حينما احتفظوا باسم السودان كجزء من اسم دولتهم عندما سمُّوا بلدهم (جنوب السودان)، ليظل السودان يدفع ثمن هذا الاسم الذي يصر هؤلاء القوم على تعذيبنا به قديماً وحديثاً!.

من تُراه يقنع أولئك الناس أن يغيِّروا اسم دولتهم أو هل نفكر في أن (نخلي ليهم) اسم السودان؟!.

اعتذار للدكتور عصام البشير

يلزمني اعتذار للدكتور عصام البشير ولمجمع الفقه الإسلامي نيابة عن (الصيحة) التي ارتكبت خطأ بل ربما خطيئة حين أوردت خبراً أضفت عليه ظلالاً سالبة بقولها إن قرار إعفاء د. يوسف الكودة من عضوية مجمع الفقه الإسلامي ربما تم لأسباب سياسية!.

هذا تحامل لا يجوز، فإذا كنا ننادي بتجميل السياسة بالدين، فإن تجميل مهنة الصحافة أوجب ذلك أن القوانين والنظم الأساسية للمؤسسات والشركات والهيئات والأحزاب السياسية تعفي من يتخلف من أعضاء مجالس الإدارات والمكاتب القيادية مثلاً عن حضور ثلاثة اجتماعات متتالية، فما بالك بمن يغيب السنة والسنتين أو يهاجر ويغترب إلى بلد آخر كما حدث للكودة الذي لا يعلم أحد متى يعود، ثم هل عضوية المجالس أو التعيين في المناصب يدوم إلى الأبد، أم إن حواء والدة وينبغي أن تجدد الدماء ويحل آخرون يشغلون المنصب في غياب من يهاجر أو يعفى لأي سبب من وفاة أو مرض أو طول غياب؟ ثم من قال لمن صاغ الخبر أن الكودة لم يتقدم باستقالته قبل أو بعد المغادرة؟ هذا إن لم يحدث فإنه كان من الطبيعي أن يقدم عليه من يغادر البلاد لفترة طويلة أو قد تطول.. نكرر اعتذارنا.

Exit mobile version