عثمان ميرغني

جواز سفر المهدي!!


تصوروا.. تجديد جواز سفر.. يصبح خبراً يستحق الصفحة الأولى.. أمس الأول استقبلت السفارة السودانية بالقاهرة السيد الإمام الصادق المهدي.. ليس في زيارة لـ (تبادل وجهات النظر).. ولا للتهنئة بذكرى الإسراء والمعراج.. بل لتجديد جواز السيد الصادق المهدي..
وكان من الممكن أن يحدث هذا في غير هذا التوقيت.. ويدخل الصادق إلى السفارة، ويمضي فيها سحابة النهار كله، ويزور كل أقسامها.. بل ويقيم ندوة في إحدى صالتها دون أن يسمع بهذا الحدث حتى جيران السفارة..
لكن الزمن العجيب هو الذي صنع الخبر العجيب.. ما كنا نظن أن يأتي يوم يصبح فيه تجديد جواز خبراً يستحق النشر..
الذي جعل (تجديد جواز المهدي) خبراً.. هو (جواز) زميله الأستاذ علي محمود حسنين.. الذي تقدم به إلى سفارتنا في لندن لتجديده.. فكانت المفاجأة الضخمة أنه اكتشف نفسه وقد صار في لائحة (البدون)..
وإن لم تخني الذاكرة فالأستاذ فاروق أبو عيسى تعرض إلى ما هو أنكأ من ذلك خلال فترة المعارضة الخارجية قبل عودته إلى السودان.. حينما رفضت السفارة السودانية بالقاهرة منحه الوثيقة المطلوبة لإكمال مراسم زواج كريمته.. فوجد نفسه وأسرته أيضاً في كشوفات (البدون).
صحيح أن حالة (البدون) النفسية متمددة ليس عند كبار أقطاب المعارضة فحسب.. بل في شريحة كبيرة من السودانيين تنكبت بهم المقادير داخل وخارج بلدهم فحيدت إحساسهم ووجدانهم وصاروا (بدون) أحاسيس وطنية.. بعضهم اغترب عن السودان عقوداً طويلة.. ربما منذ مطلع الثمانينيات.. وبعضهم أقل، لكن تجمع بينهم حالة (البدون) النفسية.. رغم أنف جوازات سفرهم التي تجددها السفارات السودانية بصورة تلقائية دون الحاجة لنقلها إلى صفحات الأخبار.
أول خطوة في الحوار الوطني– الذي لم يبدأ- يجدر أن تكون: إلغاء حالة (البدون) الرسمية والنفسية معاً.. لا يحجب عن السوداني سودانيته مهما احمرت الخطوط التي وطأها..
لا يجب تقسيم السودانيين إلى قائمتين.. قائمة الأخيار، وقائمة الأشرار.. بناء على مواقفهم السياسية.. المحك في ما اقترفت يد كل سوداني حسب القانون.. وهو بكامل حقوقه الدستورية والوطنية.
ففي داخل السودان تحكم المحاكم بالإعدام على من يستحق العقوبة حسب القانون.. تصادر الأرواح لكنها لا تصادر الجوازات.
النفس السودانية المطمئنة تصنع وطناً مطمئناً بأبنائه.. لكن مصادرة الإحساس بالوطن لا تحقق السلام ولا توفر الطمأنينة السياسية.
متى نصنع وطناً لا يصبح فيه تجديد جواز سفر سياسي.. خبراً في الصفحة الأولى؟.


‫2 تعليقات

  1. بسم الله الرحمن الرحيم اختلف معك شوية فلايجب ان نساوي شخص خائن ومعارض لوطنة بتجسسة وتخابرة واتفاقة مع اعداء بلدة لنصرة افكارة السياسية او الحزبية او الشخصية مع اخر خادم لوطنة بالداخل او الخارج حتى لو كان معارض معارضة رصينة وعقلانية بدون تعدي علي ارواح او ممتلكات الغير فلا يستويان واظن المثال الاول يستاهل لقب البدون اما الثاني وان عارض وان اختلف مع الحاكم فلة مالة وعلية ماعليه

  2. يقال ان سيدنا ذات مرة خطب وقال ماذا انتم فاعلون لو وجدتوني احيد الحق فوقف اعرابي ر ديناك الي الحق بسيفونا فحمد الله علي ذلك فلي هذا النظام غاوون يتبعونه علي الباطل قبل الحق وما الهندي عنكم ببعيد