منصور الصويم

فخاخ فيديو جهل السودانيين بدينهم


لو أن صاحب مقطع فيديو (النساء الجاهلات بدينهن) المنتشر هذه الأيام على مواقع التواصل الاجتماعي، بدعوى تنبيه المسلمين من الجهل المتفشي في السودان؛ لو أن هذا المتحذلق الدعي وقف قليلا على الثقافة المحلية للمنطقة التي تنتمي إليها من سجل لهن، وتفهم آليات التخاطب اللغوي المستخدمة هناك، وأساليب الحوار المتوارثة، وتلك الطرائق وليدة المكان وتراثه التي يستوعب الناس من خلالها الدين، والمقدس، والسيرة النبوية، ولو أن هذا المتحامل تنازل قليلا من عرش تعالمه الوهمي ولم يوقع نفسه في فخ الأسئلة المفخخة بدورها التي ظل يقدمها في صورة دعم كاذب لمن يسألها؛ ولو أن طوية هذا الكائن فقط لم تكن تستبطن ما تستبطن من سوء نية لما خرج هذا الفيديو محملا بكل هذا التشويه والاستفزاز، لكنها خطط وألواح الأنبياء الكذبة.
يقدم الفيديو المتداول لمن لم يشاهده صورة زائفة عن واقع المسلمين في منطقة شرق النيل – مثلما يذكر صاحبه – ومثله مثل أكثر هذا (الشكل من الإعلام الجديد) تحاول الجهة التي قدمته أن تكسب أكبر قدر من المشاهدات ولو تم الأمر عن طريق الفبركة والتزييف والادعاء (الديني – الوطني – الأخلاقي الكاذب). المشهد المتكرر في الفيديو صورة تبادلية بين فتاة وشخص ما يلعب دور المحاور، يطرح عليها أسئلة تبدو بسيطة وأولية عن القرآن وفي السيرة النبوية، لكنه يستخدم أسلوبا ماكرا في (إغواء) الفتاة بتمرير (الطعم) المعد سلفا لإظهارها بمظهر الجهل الذي ينسحب بلا شك على بقية أبناء المنطقة والمناطق المجاورة ومن ثم السودان بأكمله؛ الذي سيصبح بعد هذه (الصورة المحزنة) أرضا بكرا للدعوة والجهاد في سبيل الله لإخراج الناس من ظلمة الجهل إلى نور الإيمان!.. وطعم الرجل – أسئلته الملغومة تأتي على شاكلة: “النبي رسلوهو الفقرا – الشيوخ – مش صاح؟” ثم يضيف: “أيوا خلاص، عديلة”، بما يشي بأنه نال مبتغاه!!
والسؤال الملغوم بصيغته السابقة يكشف أن الفيديو ومن هم وراءه يسعون من بعد نشره إلى جني الكثير من المكاسب منها الدنيوي المادي المتعلق بالدعم والمال وغيره، ومنها ما يدخل في الصراع الطائفي والمحاربة الأيدلوجية ومحاولة الزحف لاحتلال مواقع الآخر الأقدم والأرسخ في الشأن الدعوي داخل السودان (الصوفية). فالفيديو في جانب كبير منه لا يخرج عن هذه المحاولة الفطيرة في توريط الصوفية وشيوخها في آفة التجهيل والتشويه والعبث بالدين.
ما الذي كان سيضير لو أن صاحب الفيديو سأل الفتاة على هذه الصيغة وليدة ثقافتها: “تعرفي شفيع الأمة أبو فاطنة؟”.
من المؤكد أن الإجابة كانت ستكون: “صلى الله عليه وسلم”، لأن السؤال وبالصيغة أعلاه يطابق فهمها للرسول وصورته الذهنية عندها!!


تعليق واحد