عندما يحتفي بالعملاء.. منصور خالد نموذجاً.. (3)

في المقالين السابقين أوردنا بعضاً مما كتب عبد الله علي إبراهيم الذي نقب في أضابير الاستخبارات الأمريكية، وعثر على الوثيقة التي كشفت ارتباط الرجل بالسي آي إيه منذ أن كان طالباً جامعياً، وسأورد في هذا الجزء بعض ما أشار إليه بروف عبد الله من تفاصيل تتعلق بهذه الفضيحة.
يحمد للبروف عبد الله كذلك أنه تتبع سيرة منصور خالد في بواكير حياته أيام كان مرتبطاً برئيس الوزراء عبد الله خليل، وكتب عدداً كبيراً من المقالات بعنوان (البيه والولد الشاطر)، وكان يقصد بالبيه عبد الله خليل أما الولد الشاطر فهو منصور خالد الذي قال عنه عبدالله علي إبراهيم، على سبيل التهكم، إنه كان طوال حياته يدور حول نفسه ينظر من ثقبها الضيق للكون والحياة ولا تحكمه قيم ولا أخلاق ولا مبادئ، وأطنب عبد الله في وصف حياة منصور المترفة في حضرة السفارات والخواجات وحفلات الاستقبال والولائم والمجتمعات المخملية، مستعيناً في بلوغ ذلك بقدرة هائلة على انتهاز الفرص والحوامة بين أقدام الكبار للصعود على أكتاف الساسة. وأرجو أن نتمكن من كشف بعض تلك الجوانب المثيرة في حياة الرجل الذي عاش لنفسه متخصصاً في تلبية رغباتها لا يشاركه في ذلك زوجة أو طفل أو خلاف ذلك.
ليت من عاصروا الرجل ممن حدثوني عن حياته الخالية من القيم العليا والمترعة بالسفالة، يتحدثون عن حياته البهيمية في حضن الموبقات.. ليت عبد الدافع الخطيب الذي قضى سنوات طويلة مديراً لمكتب سونا في نيروبي يحدثنا عن حياة الرجل في تلك المدينة في خدمة الحركة الشعبية، والجيش الشعبي تحت إبط جون قرنق حين كانت القوات المسلحة والمجاهدون يخوضون معارك الشرف والبطولة ذوداً عن حياض الوطن، ويقدمون عشرات الآلاف من الشهداء الذين لطالما كاد لهم هذا الخائن الذي يعتزم البعض تكريمه في تناسٍ تام لكل ما الحقه بوطنه، وبما يفترض أنه شعبه.
لن نتوقف قبل أن نكشف أن منصور خالد ارتكب من الجرائم ما كان ينبغي أن يخضعه إلى المحاكمة.
منصور كتب مهاجماً الإسلام مما سنكشف عنه بالتنصيص، بل كان يحتفي بمن يرتدون عن الإسلام ناشراً ذلك في مقدمة بعض كتبه التي أهداها لأولئك المرتدين!.
هل تراهم يكرمونه تقديراً لكتاباته؟، إن كان ذلك كذلك، فوالله إن هذا الرجل نشر من البذاءة من أشعار العرب ما كان ينبغي أن يمنع تداوله، وكان يتلذذ بإيراد تلك النماذج الساقطة من السير والأخبار سيما وأنها تعكس سلوكه الشخصي، وما أقذره من سلوك؟!.
أرجو أن أفسح بقية المقال لما أورده عبد الله علي إبراهيم في مقاله المزلزل.
(جاء اسم منصور خالد بالرقم 9 من بين المصادر البشرية لهذا التقرير، وعددهم أحد عشر، ووصفته القائمة بأنه “طالب قانون بكلية الخرطوم الجامعية، ومحرر بجريدة “الوطن” والمعلومات عن الطلبة من صنعه”. وعلى ضوء هذه المعلومات كتب سويني ما يلي عن عبد العزيز أبو: “طالب سابق بكلية الخرطوم الجامعية وكان عضواً بلجنة اتحاد الطلبة. طرد من الكلية لقيادته مظاهرة. هو الآن بسبيله للدراسة بجامعة براغ التي منحته مواصلات مجانية بداخل البلد وأعفته من المصروفات الجامعية ونفقات السكن والأكل التي تكفلت بها الحكومة التشيكية طوال تلقيه العلم بالجامعة، وبحسب إفادة منصور خالد فإن أبو كان بادر بالتقديم لهذه المنحة بالسفارة التشيكوسلوفاكية بالقاهرة. ويقول خالد إن أبو شيوعي لا غلاط فيه.”
وجاء ما يلي في تقرير سويني عن محمد إبراهيم نقد: “طالب سابق بكلية الخرطوم الجامعية وسكرتير اتحاد الطلاب. طردوه من الكلية لنشاطاته الشيوعية. هو الآن بسبيله إلى براغ. فقد منحوه مواصلات مجانية بداخل البلد، وكذلك أعفوه من المصاريف الجامعية مع السكن والأكل وتكلفت الحكومة التشيكية بذلك. وبحسب قول منصور خالد فإنه قد بادر بالتقديم للمنحة بسفارة تشيكوسلوفاكيا بالقاهرة. ونقد هو قريب الدرديري نقد من الحزب الجمهوري الاشتراكي.”
وواصل عبد الله حديثه التوثيقي من مصادر الاستخبارات الأمريكية (هذا الفصل من كتابي عن منصور خالد هو أشقها على نفسي. فلست ممن يسعد بتعقب سير الناس، وكشف صغائرهم. وشهد الله لم أسع لدار الوثائق الوطنية الأمريكية لتوثيق عمالة منصور الشاب للأمريكان. ما حملني لشد الرحال لتلك الدار هو الوقوف على وثائق الخارجية الأمريكية عن انقلاب 17 نوفمبر 1958 بعد إطلاعي على طرف من وثائق الخارجية البريطانية. ووجدت فيها علماً منيراً. ومن جهة أخرى تربيت في خلقية أن البحث”أمانات” مثل البيوت لا تحفر في أرشيفاته صيداً للزلات الشخصية الصغيرة ولا الكبيرة حتى. وتربيت في الحركة الماركسية أنه لن يفل حديد تطفل المستعمرين على المستضعفين إلقاء القبض على مخبريهم وفمهم في الدريش. فالتطفل والمخبرون جزء من اللعبة التي بوسعك أن تستدبرها إلى بنية الاستضعاف نفسه لحشد أكبر حلف من غمار الناس لمساواة الصفوف وسد الفرج بوجه شيطان المخبرين.
ولكني ضربت باعتبارات الحشمة الأكاديمية والسياسية عرض الحائط لأن منصوراً استكبر جداً وعكر صفانا السياسي، وأشاع الفتنة في البلد لمآرب قريبة المأتى، فقد جاء من حيث لا يحتسب إلى مسألة الإخاء السوداني التي شقي بها بعض جيله، بينما هو في شغل بالتبليغ عنهم فأفسدها فشخبت دماً. وكان فينا مثل طويس الولع بشعر نقائض الأوس والخزرج وحروبهم. “فقلَّ مجلس اجتمع فيه هذا الحيان فغنى فيه طويس إلا وقع فيه شيء. فكان يبدي السرائر ويخرج الضغائن”. ومثله في الإضرار بمشروعنا في الإلفة السودانية وممارستها مثل الشيخ الأمين داؤد من المرحوم محمود محمد طه. فقد بث المرحوم شكواه منه في 1978 في محكمة أراد بها رد الاعتبار لتعرض الشيخ لفكره بسوء النقل والتعليق الفاحش قائلاً: “نحنا الأذى البلغنا من الشيخ الأمين مزمن”.

Exit mobile version