بين الحسن الميرغني والشرعية!

أتجاوز إلى حين تلك الثورة التصحيحية المباركة التي تحتدم داخل البيت الاتحادي لأعلق على الجلسة التي عقدها الحسن الميرغني قبل أيام قليلة مع بعض القيادات الصحافية ليحاضرهم بمنطق ضحل حول شرعية تفويضه من والده وعدم شرعية مسجل الأحزاب الذي وصفه بأنه لا يفهم في القانون!
تساءل نجل الميرغني أمام القيادات الصحافية وهو يعترف بأنه لا يحمل تفويضاً مكتوباً من والده بإدارة الحزب، تساءل بقوله: (ما الذي يمنع مولانا من أن يفوضني وأنا الذي أقيم معه في المنزل)؟
طيب يا (ابن الأكرمين) ..إذا كنت تعترف بأنك لا تحمل تفويضًا مكتوباً فما هي البينة التي يستند عليها مسجل الأحزاب لكي يتعامل معك كرئيس مكلف للحزب بل ما هي الحجة التي اعتمد عليها المؤتمر الوطني وجميع القوى السياسية لاعتبارك رئيساً مكلفاً للحزب الاتحادي الديمقراطي؟
دعنا نتجاوز البينة المكتوبة لنستفسر عما إذا كان هناك بيان أو إفادة مسجلة لوالدك او أي حجة أخرى كلفك بها لقيادة الحزب؟!
ثم قال الحسن لجلسائه بعد ذلك مناقضاً حديثه الأول إن والده أعطاه تفويضاً لكنه رفض قبوله بحجة أنه مساعد أول لرئيس الجمهورية (لأنه من غير المعقول أن يعطي التفويض لمن هو أقل منه اعتباراً وصفة في السلطة)!
هل فهمتم حاجة؟!
على كل حال سأحاول أن أفسر فالرجل يقول في تعالٍ وكبرٍ وغرورٍ إن مسجل الأحزاب أقل منه، ولذلك لا يمكنه تسليم التفويض لمن هو دونه حتى لو كان ذلك (الدون) مسنودًا بقانون يمنحه سلطة التحقق من الوثائق التي تؤهل الأحزاب لمباشرة العمل السياسي أو حتى إن لم يكن من (حيران) ابن الزعيم الطائفي !
ثم قال الميرغني الصغير، لا فض فوه، دحضاً لرأي مسجل الأحزاب حول عدم شرعية الحزب الاتحادي: (نحن نرفض تدخل المسجل في الشؤون الحزبية)! بل قال إنهم رفعوا دعوى في المحكمة ضد مسجل الأحزاب!
إذن فإن مسجل الأحزاب ، الذي لا عمل له حسب القانون غير أن ينظر في الشؤون الحزبية ويتحقق من شرعية الأحزاب ومدى التزامها بالقانون وبنظمها الأساسية، في نظر ابن الأكرمين لا ينبغي أن يتدخل في عمل الأحزاب السياسية ذلك أنه لا يحق لأحد كائناً من كان أن يسائل الحسيب النسيب الذي وُلد ليأمر وينهى ويطاع وهل يجوز لغمار الناس حتى لو كانوا مدججين بسلطان القانون أن يخضعوا ابن الأكرمين للحساب ؟!
بالله عليكم هل سمعتم بهذا في آبائكم الأولين وهل من (خرمجة) وفوضى أكبر من ذلك من رجل يحتل المركز التنفيذي والدستوري الرابع في الدولة ويتمتع حزبه بصفة (الديمقراطي) حتى لو كان لا يستند على شرعية ديمقراطية منذ نحو نصف قرن من الزمان؟!
من عجائب الزمان بل كل الأزمان أن الحسن الميرغني قال لجلسائه من القيادات الصحافية عن مسجل الأحزاب إنه (ما فاهم قوانينه) وأعجب منها إنهم لم يعلقوا على هذيانه حتى ولو بضحكة صامتة بالرغم أن المسجل الذي (لا يفهم قوانينه) تدرج في سلك القانون والقضاء إلى أن أصبح قاضياً في المحكمة العليا بينما نجل الميرغني لا علاقة له بالقانون أكثر من علاقة راعي الضأن بتقنيات الفضاء!
تعرض الميرغني الصغير لمن سماهم بالدواعش الذين قام بفصلهم بالمخالفة لقرار مسجل الأحزاب كما تحدث عن الناطق الرسمي باسم الحزب ابن عمه إبراهيم الميرغني الذي جرد من منصبه واعتبر من (الدواعش) كما تحدث عن أمور كثيرة كشفت جهلاً فاضحاً بالسياسة وبالقانون وبكل شيء تقريباً!
على أن ما أدهشني تهديده بأن الحزب سيفصل في قرار الشراكة في الحكومة من عدمه خلال يومين انتظرتهما ولم أكتب إلى أن مضيا كما مضت الـ180 يوماً التي قال إنه سيحيل السودان خلالها إلى جنة تجري من تحتها الأنهار !
ضحكت وأنا أقرأ وأكتب عن هذه العبارة الممجوجة التي لا يصدقها أحد ذلك أنه لن يفض الشراكة حتى إن خرج منها صاحبها المؤتمر الوطني!
من الغرائب كذلك التي تفقع المرارة أن الحسن الميرغني قال إن مؤتمر الحزب الذي لم ينعقد بسبب عدم وجود المال بالرغم من المليارات التي أغدقتها حكومة المؤتمر الوطني ولا تزال على والده في سبيل الاستقواء به وإقناعه بالمشاركة في الحكومة!
أعود وأسأل بالله عليكم هل نلوم حزب الميرغني أم نلوم الحزب الحاكم الذي سيسأله الله عن استعانته بحزب مريض ليزيد طينة الوطن المأزوم بلة ويزيد من تفاقم الأزمة السياسية من خلال الإنعام عليه بالعطايا والهبات المليارية التي لا تدخل خزانة الحزب إنما خزائن ملاكه وسادته.
ظللت أعبر عن هذا الرأي الشخصي أنه لا صلاح للممارسة السياسية في وطننا ما لم ينصلح حال أحزابنا السياسية من خلال رؤى متقدمة تثور على الأساليب الرجعية التي تمسك بخناق تلك الأحزاب وتقيّدها، وكم أنا سعيد أن تلوح بارقة أمل من خلال الثورة التي تقودها بعض النخب داخل الاتحادي الأصل خاصة وأن الحراك الأخير ينطلق من داخل البيت الختمي والبيت الميرغني ويضم بعض الخلفاء والقيادات التاريخية من أمثال حسن أبوسبيب وعلي نايل وطه علي البشير وإبراهيم الميرغني ومحمد الحسن الميرغني وميرغني بركات وعلي محمود حسنين وبروف الجعلي ود. علي السيد ممن ظلوا يتوجعون من حالة التيه والضياع التي يتمرغ فيها حزبهم الذي سطا عليه شاب قليل التجربة وعديم الحكمة بينما زعيمه الكبير يعيش في وادٍ آخر في منفى اختياري منذ أكثر من عامين لا يهش ولا ينش ولا ينبس ببنت كلمة.

Exit mobile version