الطاهر ساتي

ظاهرة درمة ..!!


:: نص خبر البارحة ، كالأتي ..كشف عابدين درمة، رجل المقابر الأشهر، والذي يقف عادة على مراسم دفن كبار الشخصيات، كشف بأنه قام بإجراءات دفن الترابي في مقابر بري غرب كبري المنشية حسب وصيته، وقال درمة بالنص : ( قبل أسبوع من الآن دعاني الترابي و جاء بي إلى هذه المقبرة وإختار لي مكان قبره، و دعوت له بالخير).. رحم الله الشيخ الترابي وغفر له وبارك في ذريته، وألهمنا وإياكم الصبر ليس على الفقد العظيم فقط، بل على دجل عابدين درمة أيضاً.. !!
:: ليس مهماً تخصص درمة – وتطفله – في ترصد جثامين رموز المجتمع، وقد يكون هذا الأمر ( هواية) أو (إحترافاً)..ولكن المهم هو أن درمة يكاد يتحول من حفار قبور إلى ظاهرة إجتماعية – غير حميدة – في مجتمع الخرطوم، وهذا ما يجب أن ينتبه له المجتمع والصحف..وأن تعيش الناس هذه الحياة – حسب أموالهم وغيرها – متفرقين من بعضهم ومختلفين في أوضاعهم ( مفهوم إلى حد ما)، وأن تقسم الأموال والسلطات وغيرها من إمتحانات القدر أفراد المجتمع إلى طبقات متباعدة (مفهوم أيضاً)..ولكن ما لايستوعبه العقل والضمير – ولا تقبله قيم الدين ولا مكارم الأخلاق – هو أن تتمايز الناس في المقابر أيضاً..!!
:: وللأسف، ظاهرة درمة تكاد تفرض هذه الظاهرة الإجتماعية السالبة – والمنبوذة – في مجتمع الخرطوم ..وكل ما نخشاه أن يأتي زمان على أهل الخرطوم يتباهون فيه فيما بينهم بأن مرحومهم ( دفنو درمة)، وبهذا التباهي البغيض تصبح معاول درمة – كما العمارات السوامق والقصور الملكية و العربات الفارهات و الزعامات والمناصب وغيرها – من وسائل التكبر..وإن كان في القوم ناصحاً فلينصح عابدين درمة بأن يتواضع قليلاً – ويعقل كثيراً – ويجتهد في عمله بخفاء الصادقين، أي لا يكتفي بترصد جثامين رموز المجتمع ثم يتباهى بدفنهم في صحف اليوم التالي ..!!
:: والمراقب لتصريحات درمة الصحفية عقب كل مراسم دفنه لرمز من رموز المجتمع يجد فيها ( ما لا يليق)..فالرجل مع التباهي، يكشف بلا حياء أو تحفظ ما لا يجب كشفه – من أسرار المرحوم – وإن كان صحيحاً..وليس في صحف الأمس فقط، بل منذ سنوات، لم يدفن درمة رمزاً إجتماعياً إلا ويخرج للناس قائلاً (المرحوم إختار المكان ده)، ثم يسترسل في الخزعبلات بلا مراعاة لأهل المرحوم و أسرته..ولحسن حظ درمة، فالموتى لا ينفون ما يُنسب إليهم..!!
:: والمهم، كل المطلوب أمام ظاهرة درمة السالبة هو يقظة المجتمع..فالمروءة والشهامة من قيم أهل السودان، وتسابق أفراد المجتمع في الملمات من كريم خصالنا، ومن لم يدفنهم عابدين درمة لم تتخطفهم الطير أو تنهشهم الكلاب، فكافحوا ظاهرة درمة الإجتماعية السالبة بسواعد رجال وشباب هذا المجتمع الجميل..وكذلك على درمة أن يقرأ تاريخ وأفكار رموز المجتمع قبل أن يرصد ويصطاد جثامينهم ثم يتباهى بدفنهم..!!
:: فالشيخ الترابي، عليه رحمة الله، لم تشغله نفسه يوماً عن ( الهم العام)، وكان أكبر من أن يستدعى درمة ويحدد له مكان قبره وكأنه بلا أسرة أوكأنه على يقين بأنه من السابقين و درمة من اللاحقين..هذه من أكاذيب درمة، وما أكثرها..مقابر بري هي الأقرب إلى منزل الشيخ الترابي، و كان طبيعياً أن يدُفن في الأقرب مثل عامة الناس..فاللهم إنا نسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أوعلمته أحداً من خلقك، أواستأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل قبر عبدك الترابي روضة من رياض الجنة.


‫3 تعليقات

  1. الأستاذ الطاهر ساتي

    لا تلم درمة وحده ….فليس وحده الملام

    يقول درمة ما يقول بحثا عن الشهرة التي لا يجد لها سبيلا غير مهنته

    ولكن لماذا ينشرون ما يقوله .؟

    هل أجبرهم على النشر ؟

    وهم أيضا يبحثون عن الانتشار الواسع لصحفهم

    1. صدقت ,
      نحن في زمن تباع و تشترى فيه كل القيم , حتى حرمة الموتى !! .

      اللهم نسألك حسن الخاتمة ..

  2. لا تعليق ….ولكن اذكر واقعة كنت شاهدها وليس سامعها او قارئها…نحن ندخل مقابر احمد شرفى بمواراة الثرى جثمتن اخت لنا، وصلنا قبل الجثمان وسأل مرافقى عابدين درما عن موقع القبر الذي جهزه …فكانت اجابته انه أختار لقبرالمرحومة موقعا ممتازا ومجاورا لقبر الرئيس نميري … وكأن قربها هذا يجعلها من المميزين….هذا درما يتصرف كمتسول…وان كان صادقا فغير موءتمن غلى اسرار الاموات….هداه الله